اعتبر باحثون، أمس الجمعة بالدار البيضاء، أن ذاكرة العلامة الراحل عبد الله كنون تؤسس لذاكرة مغربية حقيقية إذ عمل على إعادة بناء الأدب المغربي وتجاوز مظاهر التقليد والمشاركة في الأدب الحديث. وقارب الباحثون أحمد الطريبق وخالد بلقاسم ويوسف ناوري، في لقاء نظم على هامش الدورة ال16 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، عبد الله كنون باعتباره أحد المؤسسين لذاكرة الثقافة المغربية في أبعادها الإسلامية واللغوية والوطنية. وأشاروا إلى أن الذاكرة الإسلامية لصاحب "النبوغ المغربي" تستمد جذورها من موقع تنشئته الإسلامية واشتغاله على تفكيك بعض القضايا المرتبطة بها خاصة قضية المرأة ، مشيرين إلى أن عبد الله كنون ألف، في هذا المجال، العديد من الكتب كمؤلفه "مفاهيم إسلامية". وبالتساوق مع هذه الذاكرة، عرج الباحثون المشاركون في هذا اللقاء على ذاكرة كنون "المشرقية"، إذ كان يحظى بنوع من التوهج المشرقي من خلال استشرافه للعالم المشرقي وربط علاقات مع عدد من الأدباء والمفكرين، إلى جانب مشاركاته في الكتابات التي تعنى بالأدب المشرقي. وتوقف الباحثون عند "الذاكرة اللغوية" لعبد الله كنون، المتجلية في اهتمام هذا العلامة بالقضايا اللغوية والنحوية من تقصي الكلمات العربية في الدارجة المغربية، واعتماد منهج التصنيف والتبويب، وكذا تحليه بوعي نقدي كبير وتصديه لإهمال المغاربة لأدبهم. وعرف هذا المسار عند عبد الله كنون إشعاعا كبيرا من خلال مشاركته في عدد من المجمعات اللغوية بالبلدان العربية (مصر، سورية، الأردن...)، وكذا برابطة العالم الإسلامي وأكاديمية المملكة المغربية. وتناول الباحثون جانبا آخر من شخصية عبد الله كنون والمتعلق بذاكرته الوطنية، التي تجلت في مجموعة من القرائن منها بالخصوص بعض الرسائل التي توصل بها من بعض الزعماء والمفكرين، مشيرين الى أن خزانة العلامة كنون بطنجة تحتوي على ستة آلاف رسالة من هذا القبيل. كما أن عبد الله كنون أرخ للهوية المغربية من خلال مؤلفات تحمل وعيا ثاقبا بهذه الهوية والتصدي للنسيان والرهان على التوثيق باعتباره من صميم الوجود، وبحث بالنص والوثيقة عن معنى المغرب وسعى إلى بناء نظام نقدي وتاريخي. وخلص الباحثون إلى أن العلامة الراحل عبد الله كنون عمل على تحرر الذاكرة الثقافية المغربية وحولها إلى فكر استلهام.