لا شك أن الاستفزازات الأخيرة التي تتزعمها الانفصالية أميناتو حيدر، هي مناورات سياسية تمس وحدتنا الترابية مدعومة بجهات معلومة تتربص بالمغرب، تمتطي رعاية حقوق الإنسان وسيلة ومبررا للثأر من المغرب وحدته العاصمة من كل فرقة بين مكوناته السياسية والثقافية والعرقية، وإلا فبأي شرعية تاريخية وسياسية تصرح الانفصالية حيدر وتحمل السلطة الإسبانية مسؤوليتها فيما قد تؤول إليه أوضاعها الصحية والنفسية في حالة إذا ما أصابها سوء بسبب إضرابها عن الطعام في جزر الكناري، هناك توجه استقوائي واضح المعالم تنهجه الشرذمة الانفصالية في محاولة منها لإثارة الفتنة بين الجارتين المغربية والإسبانية، والدفع بالدبلوماسيتين الخارجيتين نحو إحياء نزعة التوتر والتصعيد في المواقف الرسمية التي لم تتوقف إلا في وقت قريب بعدة استفزازات متتالية من قبيل؛ زيارة العاهل الاسباني إلى سبتة ومليلية، واختطاف الجنود المغاربة من جزيرة ليلى..، وما نتج عنهما من توثر كما يعلم الجميع، وغيرها من الاستفزازات التي تطال استقرار بلدنا. وفي تنبيه مهم من جريدة "إبل باييس الإسبانية" أن هذه المناورات التي يلوح بها الانفصاليين تروم استغلال الدبلوماسية الخارجية كمدخل خبيث للدفع بالعلاقات المغربية الإسبانية نحو التوتر وحمل السلاح، وهو ما تنبهت له الدبلوماسية الإسبانية حين صرحت بأن هذا الأمر لن يحد من استمرار العلاقة "الطيبة" بين إسبانيا والمغرب، وأنه لا يعدو أن يكون افتعالا سياسيا لخدمة أغراض انفصالية، فلن يدفع بالعلاقة الثنائية "المتميزة" إلى التوتر والتصريحات الانفعالية. وهذا ما استوعبته الدبلوماسية المغربية كذلك حين بادرت إلى شرح موقفها من ترحيل هذه الانفصالية بعد امتناعها عن كشف الهوية وتقديم وثائقها للجهات الأمنية المسؤولة حين نزولها في المطار في رحلة إياب من أمريكا، ومن ثمة كان الرفض بالترخيص لهذه الانفصالية بالدخول إلى المغرب. لكن ما قد يزيد الطينة بلة ويدفع الطرفين؛ المغرب والبوليساريو نحو حمل السلاح والتوجه نحو خيار الحرب، هو تلكم التهديدات التي صدرت من مسؤولين انفصاليين تلوح بالحرب إذا ما أصاب أميناتو حيدر سوء. إن في مقدور المغرب عسكريا أن يقضي على هذه الشرذمة الانفصالية - إن هي اختارت منطق القوة والتصعيد العسكري- كما وقع في عدد من البلدان الغربية في وقت ليس ببعيد، لكن سياسيا، الموقف يحتاج إلى كثير من التعقل والتعامل مع الأمر بنوع من الجدية والصرامة دون مسالك التصعيد والتهديد العسكري، لأن أي خيار عسكري قد يخوضه المغرب، بالرغم من التهديدات المتتالية التي يلوح بها الانفصاليين، فإنه سيضر بالقضية ولن يخدم بأي شكل من الأشكال ملف الصحراء المغربية الذي قطع أشواطا مهمة منذ الإعلان عن الحكم الذاتي للصحراء المغربية كحل جذر ونهائي لطي هذه الصفحة التاريخية السوداء في مسار الوحدة الترابية والاستقلال المغربي، بقدر ما يعسر سبل اللقاء ويسد منافذ الحوار والتواصل الدبلوماسي بين المغرب والبوليساريو الذي قد بدأه منذ الجولة الأولى من الحوارات والنقاشات الهادئة تحت مباركة المبعوث الخاص للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء. إن سياسة استقواء الانفصاليين بالخارج- الجزائروإسبانيا- كأطراف داعمة للتوجه الانفصالي بوجه من الوجوه، من شأنه أن يجعل العلاقة بين المغرب وهاته الدول تنحو منحى خطيرا يؤثر ويضغط على الأممالمتحدة ومبعوثها الخاص للتدخل برفع المظلومية عن هذه الشرذمة الانفصالية، والتحيز لصالحها - لا قدر الله، والاعتراف بحقها كـ"دولة مستقلة- الجمهورية الصحراوية"، مجاورة للشقيقة المغربية. وهذا ما لم يقبل أي مغربي ولن يساوم حوله بأي شكل من الأشكال، فلن يتنازل عن أي شبر من ترابه مهما تصاعدت التهديدات، ومهما تعددت المناورات، فهذه رسالة كل مغربي غيور على ترابه نرفعها إلى كل من سولت له نفسه المساس بمقدساتنا؛ والوحدة الترابية واحدة منها. فهلا استوعبت الشرذمة الانفصالية الرسالة، وجمدت مساعيها الخبيثة ومناوراتها الشيطانية في استفزاز شعور المغاربة في وحدتهم الترابية؟!. [email protected]