مغاربة العالم كثيرون، تألق العديد منهم في مجالات شتى ، يبدعون ويثابرون، يحظون باحترام متزايد من قبل زملائهم في العمل ومن محيطهم في حياتهم اليومية، بفضل إصرارهم على الكد والاجتهاد، ينقلون صورة مميزة عن وطنهم الأم، ويراكمون تجارب وخبرات مهمة في سائر التخصصات المهنية. فاطمة الزهراء الضاوي واحدة من هؤلاء، إعلامية مغربية تشتغل بقناة "العربية" الفضائية بمقرها المركزي بدبي ، تمكنت في وقت قصير أن تثبت كفاءتها وعلو كعبها بين صحافيين وصحافيات تمرسوا على العمل التلفزيوني لسنين طويلة، تعي جيدا أن المثابرة في العمل هو سر النجاح والاستمرار في وسط يعرف منافسة شرسة. إطلالة يومية على الأسواق العربية صباح كل يوم تطل فاطمة الزهراء الضاوي، إبنة الدارالبيضاء، على مشاهديها في برنامج "الأسواق العربية" الذي تبثه القناة يوميا ، بصوت جهوري يتدفق حيوية ونشاطا، طموحها لا يعرف حدودا، قوة شخصيتها ونظرتها الثاقبة، جميعها ملامح تظهر من الوهلة الأولى أنها إعلامية مثابرة بدأت تشق طريقها بخطوات ملؤها الثقة في النفس والكبرياء العفوي. لم تكن الضاوي، التي تابعت دراستها العليا بأحد معاهد المال والأعمال بالعاصمة البريطانية لندن ، تدرك يوما أنها ستلج عالم الصحافة من بابه الواسع، لكنها كانت تستشعر طوال سنوات الدراسة والتحصيل بعاصمة الضباب ، أن هناك يوما سيأتي لا محالة حاملا معه حلمها الذي راودها منذ نعومة أظافرها بأن تكون مذيعة متميزة تحقق حضورا كبيرا في كبريات الفضائيات العربية. في وسط إعلامي يشهد تنافسا حادا، بين ثلة من المذيعات اللائي ينحدرن من مختلف البلدان العربية، ظلت فاطمة الزهراء طبيعية تلقائية مرحة تقدم ما في جعبتها بلهجة ولسان مغربي حتى النخاع ، تبدو لمن يسمعها ويشاهدها منذ الوهلة الأولى، أنها مغربية إلى حد التميز، بخفة طفولية جذابة، تنساب ابتسامتها العفوية ، تلامس احتياجات رجال الأعمال من المعلومات الاقتصادية المرتبطة بمؤشرات أسواق المال والأعمال، وتحلل الأوضاع الراهنة بلغة سلسة ومتمكنة دون تصنع يذكر. حلم طفولي يتحقق تتذكر فاطمة الزهراء الحاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال (إم.بي.أي) كيف كانت وهي طفلة صغيرة ترقب بعيون طموحة أسلوب المذيعين وطريقة تقديمهم لنشرات الأخبار وإدارتهم للنقاش في البرامج الحوارية، وكيف أصبح حلم الطفولة الذي ظل يراودها طيلة سنين خلت يتجسد على أرض الواقع، إلى أن جاءتها الفرصة قبل سنتين حين اجتازت تدريبا بقناة العربية وأثبتت كفاءتها وقدرتها على العطاء. ولأنها لم تكن مجرد باحثة عن وظيفة، بل ساعية إلى تحقيق طموح وحلم، تميزت فاطمة الزهراء وتألقت، بحبها لعملها، الذي أكسبها حب المشاهدين أولا وثانيا احترام زملائها ورؤسائها في المحطة. "الأسواق العربية " شكل البرنامج الذي اختبرت فيه فاطمة الزهراء موهبتها الإعلامية لتطل على مشاهدي القناة، تضيف الصحفية المغربية في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بدبي "بدأت أهتم أكثر بمتابعة الأخبار الاقتصادية ومؤشرات أسواق المال العالمية محليا ودوليا، وأصبحت أهتم أكثر بالاطلاع على البيانات التي تفيدني أثناء الإعداد لنشرة مؤشرات أسواق المال والأعمال". الإعلام الاقتصادي وشروط التفوق تقول فاطمة الزهراء، إن الإعلام الاقتصادي يختلف تماما عن سائر الأجناس الإعلامية الأخرى، لأنه يفرض على الصحفي أو المذيع أن يكون ذا خبرة في المجالات الاقتصادية المرتبطة بأسواق المال والأعمال، وأن يكون أيضا ملما بثقافة اقتصادية متوازنة كفيلة بتمكينه من رصد الوقائع الاقتصادية وتحليلها. أغلب مذيعي النشرة الاقتصادية بقناة "العربية" ، تردف الضاوي قائلة، "قدموا من عالم المال والأعمال وسبق لهم الاشتغال في قطاع المصارف ومكاتب الاستشارة الاقتصادية، مما يجعلهم دائما ملمين بخصوصية أسواق القيم وبورصات المال العالمية أكثر من زملائهم الآخرين". وتؤكد أن تقديم نشرة اقتصادية شاملة في زمن قياسي، لا يتعدى دقائق معدودة، "يطرح علينا إكراهات جمة مرتبطة بضرورة الإحاطة بكافة مستجدات الأوضاع الاقتصادية العالمية، بسبب تغير مؤشرات وبيانات أسواق المال والأعمال في كل لحظة، حيث يحدث في أحايين كثيرة أن تنخفض بعض مؤشرات الأسواق العالمية لكنها تعاود الارتفاع في وقت وجيز الشيء الذي يتعين علينا تتبع كافة المعطيات عن كثب وبدقة متناهية" . وترى فاطمة الزهراء، في السياق ذاته، أن تقديم الخبر والمعلومة الاقتصادية يفرض على المذيع التحدث بلغة متوازنة، بحيادية تامة بعيدة عن التصنع تعتمد على سرعة البديهة وتحليل المؤشرات الاقتصادية أولا بأول، من أجل كسب ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين الذين يحرصون على متابعة جديد نشرات المحطة. تقول الضاوي، بخصوص إمكانية اشتغالها في مؤسسة إعلامية مغربية في المستقبل، إن حلم العودة للاشتغال في الوطن بعد سنوات الدراسة والتكوين في بريطانيا، ما فتئ يراودها باستمرار، خصوصا بعد التطور الذي بات يعرفه الإعلام السمعي البصري المغربي، لكن استشراف آفاق إعلامية أوسع وأرحب، تضيف الصحفية المغربية، يظل في بداية مسار كل إعلامي مكسبا وتجربة متميزة في حد ذاتها، يتعين مراكمتها بشكل حسن وبقدر كبير من الأهمية. شهادة يقول جميل الحاج رئيس القسم الاقتصادي بقناة "العربية" في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الخبرة الواسعة التي راكمتها فاطمة الزهراء أثناء اشتغالها في أوساط المال والأعمال في بريطانيا، مكنتها من إثبات كفاءتها وقدرتها على التأقلم مع ظروف العمل بالقسم الاقتصادي ، مؤكدا أن الإعلامية المغربية أبانت عن إمكانات معرفية ومهنية عالية حيث غدت في وقت قصير ركنا أساسيا في القسم. وأضاف الحاج قائلا "لم يكن أحد يتوقع نجاح فاطمة الزهراء بهذه السرعة، في التكيف مع طبيعة العمل داخل المحطة، لكن مثابرتها وجهدها المتواصل ساعداها على إثبات جدارتها في تقديم النشرات الاقتصادية بقناة العربية"، متوقعا لها "نجاحا مهنيا باهرا في المستقبل". وحول طبيعة الاشتغال داخل القسم الاقتصادي، قال الحاج، إن كل صحفي يشتغل في القسم، "يتمتع بمهارات مهنية متكاملة حيث يقوم بعمل متعدد في نفس الوقت، فهو يشتغل كمحرر ومذيع ومراسل أحيانا ، ورئيس تحرير، بغض النظر عن الوظيفة التي يشغلها في المحطة". وأشار إلى أن مجموع الصحافيين العاملين في القسم ذوو خبرات في المجال الاقتصادي، وحاصلون على شواهد عليا في الاقتصاد وإدارة الأعمال، مما يساعدهم على الاشتغال بمهارة أكثر وإدارة البرامج الحوارية بمهنية عالية أيضا.