بني ملال.. حجز 5812 وحدة من الأدوية المهربة المستعملة كمهيجات جنسية وتوقيف ثلاثة أشخاص    السلطات الصينية والأمريكية تحافظ على التواصل بشأن القضايا التجارية (متحدث صيني)    الصين تبدأ رسميا في انتاج هيدروجين عالي النقاء بنسبة 99,999 بالمائة    نيويورك.. وقفة في برج ترامب تندد باعتقال طالب بجامعة كولومبيا مؤيد للفلسطينيين واعتقال 98 شخصا    السلطات الموريتانية تعلن التغلب على تسرب الغاز من حقل بحري مشترك مع السنغال    استمرار تهاطل الأمطار في توقعات طقس الجمعة    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    تكليف مكتب للدراسات لإعداد تصور شامل حول تنظيم موسم مولاي عبد الله أمغار    قاصرون يعترضون سبيل مهاجرين من دول جنوب افريقيا بالقليعة    تفاصيل الجمع العام العادي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم    ماذا قال المدرب البرتغالي بعد الإقصاء … ؟    العاصفة كونراد تشلّ حركة الملاحة بين سبتة المحتلة والجزيرة الخضراء    تحقيقات مكثفة حول النفق المكتشف بين سبتة المحتلة والمغرب: احتمالات لوجود مخارج متعددة    قفة رمضان تسيل لعاب تجار الانتخابات في طنجة    التحديات المالية للجمعيات الرياضية بطنجة: بين ارتفاع التكاليف والتسعير غير العادل    مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية    التفوق المغربي على الجزائر .. واقع ملموس في مختلف المجالات    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بإحداث منطقة التصدير الحرة طنجة طيك    تعيين الدكتور المقتدر أحمد العلالي عميدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة    خبراء: تحديات تواجه استخدام الأحزاب للذكاء الاصطناعي في الانتخابات    تحقيق أممي: السلطات الإسرائيلية دمّرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة    الذهب يبلغ مستوى قياسيا ويتجه نحو 3 آلاف دولار للأوقية    عقار جديد يوقف الخصوبة لدى الرجال ويعيدها بعد التوقف عن تناوله    طنجة.. ندوة حول ريادة الأعمال النسائية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    "بيجيدي" يندد بتدهور "حد بوموسى"    سلا: الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد جمعها العام العادي    منع تنقل جماهير الوداد إلى طنجة    سباق التسلح في مجال الطائرات المسيّرة.. المغرب ضمن تحالفات جديدة وتنافس دولي متصاعد    السلطات تمنعُ جماهير الوداد من السفر لمباراة اتحاد طنجة في الجولة 25    "الويفا" يوضح سبب إلغاء هدف ألفاريز ويبحث مراجعة القوانين    ارتفاع نسبة ملء السدود في المغرب    مستشار الرئيس الفلسطيني يشيد بالدعم الموصول للملك محمد السادس للقضية الفلسطينية    بايتاس يرفض التوضيح بخصوص "استغلال" شاحنة جماعاتية لأغراض انتخابية ويكشف حجم تصدير زيت الزيتون    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    التكنولوجيات الحديثة والممارسات السلطوية الرقمية    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة 12- الأكاذيب الآمنة في يد السلطة    قالها ملك البلاد‮: ‬أحزاب‮ ‬تستعجل القيامة‮..!‬    "المحكمة الدستورية تُقر قانون الإضراب وتُبدي تحفظات على ثلاث مواد    مكاسب في تداولات بورصة البيضاء    الحسيمة.. أمطار الخير تنعش منطقة أيت أخلال وتعزز الآمال في موسم زراعي ناجح    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    الهواري غباري يؤدي "صلاة الخائب"    لمجرّد يكشف تفاصيل عمليته الجراحية ويطمئن جمهوره    المغرب يحتل المركز السادس عربيًا وإفريقيًا في الحرية الاقتصادية لسنة 2025    صحيفة إسبانية: المغرب فاعل رئيسي في قطاعي السيارات والطاقة المتجددة    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أخبار الساحة    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    "حماس" ترحب بتراجع ترامب عن دعوة "تهجير سكان غزة"    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجائزة الأخرى للصحافة
نشر في هسبريس يوم 16 - 11 - 2009

في اتصال هاتفي مع أحد الزملاء الذين أعزهم كثيرا سألني إن كنت سأحضر احتفال اليوم الوطني للإعلام اعتذرت لأن لي ارتباطا بعيدا عن الرباط.الحقيقة أني هذا العام تحديدا نسيت فعلا إن كان هناك يوم وطني للإعلام، ولم أتذكر" شيئا" مثل هذا إلا عندما شاهدت على الشاشة حفلا لتوزيع جوائز على صحافيين. مشاهد مثل هذه لم أرها منذ زمن بعيد.لكن موضوع الصحافة والجوائز جعل خواطر كثيرة تتداعى في دواخلي.سألت نفسي فعلا عن معنى الجائزة وعن معنى "جائزة صحافية" وعن معنى يوم وطني للإعلام. ""
وبعيدا عن الصحافة تذكرت جوائزي المدرسية..ومناسباتها، تذكرت معاركي المحمومة للحصول على أعلى المعدلات وأن أبقى "رقم واحد" في الثانوية وما شاكلها من مراتع أضغاث أحلام المغربي البسيط الذي كان يحلم بالتعليم سلما للارتقاء الاجتماعي.نفضت الغبار ذهنيا عن أرشيفاتي: "لوحات الشرف" ولكم ضحكت من نفسي وعليها: كيف أني لم أنتبه لتعبير "الشرف" عندما كنت أفرح بتلك الورقة الموقعة من مدراء تافهين منتفخي البطون، وكم سخرت من الذي ابتكر هذا التعبير، وكأن من لم يحصل على تلك الشهادة يفتقد بالضرورة للشرف.لكن ما جعلني أندهش، وكأن الأمر في السابق لم يكن يتعلق بي، أني قلبت أوراقي فعثرت على نتيجة أحد الاختبارات مكتوب عليها:" تنويه لكن يحرم من لوحة الشرف لكثرة الغياب".هكذا حرموني من "الشرف" لأكون بلا شرف في نظر دكان بيع الشرف المدرسي.حلل وناقش تفاهات مؤسساتنا وما تولده من عقد بلا معنى. لكن صديقا قديما كلما التقينا أصر على الرجوع إلى الوراء وألح في طرح سؤاله المفضل:علاش كنتي في شهر 6 كتغيب نهار توزيع الجوائز؟
كم مرة بذلت جهدا لأشرح له أني كنت أنسى وكنت أفضل على الجائزة الذهاب إلى قريتنا لمساعدة والدي في أشغال الفلاحة والتمتع بلعب كرة القدم مع رفاقي كل يوم تقريبا، لكن الاستغراب لا يفارق صديقي لأنه يعتقد بقيمة الجائزة إلى درجة أنه مازال يحتفظ بكتاب للعقاد كان ناله كجائزة ذات سنة.
أعود إلى جائزة الصحافة.الآن فقط أعرف لم نسيت يوم الإعلام وأن له جائزة.لعله زهد دفين في كل ما يأتي من الجهات الرسمية أو لعلي أعتقد في لا شعوري أن للصحافي جائزة أخرى هي التي أود أن أحدثكم بشأنها.
دعنا بداية نتساءل عن المعايير المفترض أن لجنة ما تعتمدها للفصل في أحقية زيد أوعمر من الناس بالجائزة.وقبل المقاييس من يكون أعضاء هذه اللجنة "بالسلامة والعافية (النار يعني)" وما هو رصيدهم في المهنة؟ وما الذي جعلهم حكماء زمن إعلامي عليه أكثر من سؤال محرج..دون جواب؟ الحقيقة أني حاولت أن أكون موضوعيا فتمعنت في الأسماء المكونة للجنة التحكيم فلم أجد شيئا يذكر يسترعي الانتباه بل خجلت من بطاقتي المهنية لما اكتشفت أن من بين أعضاء اللجنة أناس ليسوا لا يستحقون فقط أن يكونوا حكاما بل يحتاجون لمن يأخذ بيدهم ليعلمهم كيف يكتبون تقريرا إخباريا فضلا عن كيفية الأخذ عن مصادر إخبارية مع ضرورة ذكر أسماء تلك الصحف والمواقع.خجلت أن يكون من بين حكام اللجنة من صححت مواضيعهم، أن يكون من بين الفريق الحكم من يجب أن يترجل من السفينة ويترك الناس في سلام.شعرت بالغثيان أن يكون من بين مقرري هذه الجائزة من لا يعرف حتى التمييز بين الأجناس الصحافية.
عدت للوراء حوالي سبع سنوات عندما كنت بالرباط وقلت دعني أشارك ( كانت المرة الأولى وستكون الأخيرة).وضعت ملفي وكان الموضوع تحقيقا حول أخر القلاع التي اتخذها المجاهد بن عبد الكريم الخطابي مقرا للمقاومة بالريف:" المكان الذي قال فيه الخطابي نمشي خير"، بذلت مجهودا في التحقيق والتصوير واعتماد المصادر والشهادات...طبعا فزت بجائزة كبيرة تلك السنة هي عبارة عن رسالة وصلتني إلى مقر الجريدة يقول صاحبها:"الله يرحم والديك على داك الموضوع".لكن بعد سنوات سأعلم من مصادر جد مطلعة أن تلك المشاركة كان مصيرها سلة الأزبال..رموا بها مثلما رموا بذاكرة المقاومة المغربية إلى مجاهل النسيان الحرام.ألمني أن موضوعا مثل ذاك لم يثر لديهم حتى الرغبة في قراءته، ليس لأنه موضوعي بل لأنه حول رجل رفع هاماتنا في التاريخ عاليا وأعطانا الحق بالافتخار بكوننا ننتمي لهذا القطر المسمى مغربا.
ومثلما فعلت هذا الأسبوع والأسبوع الذي تلا الجائزة تلك السنة، قرأت المواضيع المتوجة وقارنت بينها وبين عدد من المواضيع الأخرى التي قرأتها في نفس السنة وشارك بها اصحابها، فتيقنت من أمور: إما أن المواضيع لا تقرأ أصلا أو أن الجوائز تحسم مسبقا أو أن هناك معايير خارقة خارج المألوف المهني تعتمد من قبل حكام الوسط والشرط..وهلم تحكيما.أكثر من هذا كل من "فازوا" سابقا وحاليا أعرفهم وأعلم حدود مداركهم المهنية والفكرية، وباستثناء قليلين جدا، فالباقي لا يكادون يقنعونك بوجهة نظرهم لا كتابة ولا شفاهة.وبالمقابل، قرأت مواضيع لعدد من الزملاء فعلا تتشرف الصحافة المغربية بانتمائهم إليها: تحقيقات ممتازة بالمقاييس العلمية للعمل وسبق صحافي جيد ..إلخ لكن لا من سمع ولا من قرأ.
لست ضد الاعتراف للناس بكفاءاتهم وتكريمهم، لكن على أي أساس؟ وبأي أسلوب.الجائزة مثل الديبلوم الأكاديمي إما تعمل فيها المعايير العلمية الصارمة أو ستكون لها أثار التتفيه لأصحابها وللميدان على حد سواء.
إلى زملائي الذين يستحقون التتويج وشاركوا فأصيبوا على الأقل بالدهشة مما حدث وسيحدث كل سنة ما لم يتم وقف هذا العبث، إليهم أهدي هذه الجائزة الأخرى للصحافة، الجائزة التي عنونت بها مقالي:
جائزتكم لا توجد في مقر وزارة الاتصال، بل لا وزارة لها أصلا، إنها في ذاكرة قرائكم ومشاهديكم ومستمعيكم الأوفياء، الذي يعطونكم كل صباح ومساء جائزة الوفاء لكم.
جائزتكم المادية ليست شيكا يسلم من يد مسؤول، بل شيك يومي قد لا يتعدى ثلاثة دراهم، يقتطعها عشاق ما تكتبون من قوتهم ليشتروا بها مواضيعكم..لأنهم يعتبرون ما تكتبون ضرورة أخرى لبقائهم..خبز أخر يسدون به رمق جوعهم الجميل.
جائزتكم ليست ورقة من كرتون مقوى يعلق على الحيطان تذكارا لأيام التقاعد، بل نحث باق أبدا في وجدان الجماهير الواعية المتابعة، في خلجات من يميزون الغث من السمين.
جائزتكم ليست خبرا ينشر ولا موضوعا يكتب حوله الآخرون، جائزتكم، بعيدا عن هذا، أنتم من تصنعونها يوميا..هي أسماؤكم، رأسمالكم الذي لا رأسمال لكم غيره.
جائزتكم ليست تهنئة من زميل يقولها لكم صباحا لرفع العتب..بل تعليقا مكتوبا أو شفويا من قارئ مفترض، من مثقف أو نصف مثقف أو حتى شبه أمي يتفاعل مع أسلوبكم وطرحكم وأناقة تحليلكم.
جائزتكم ليست صورة تلتقط لكم على خشبة مسرح ولا أضواء تسلط عليكم من عل، إنها ببساطة يد قارئ أو قارئة تقرر أن تستل موضوعكم من بين صفحات صحيفة أو مجلة لتحتفظ به تحفة مكتوبة في مكان آمن.
جائزتنا جميعا لا يحسم فيها أعضاء لجنة ( وقد قيل إذا أردت أن تدجن فلجن) بل تحسم فيها اللجنة الصارمة، هذه اللجنة الخطيرة التي لا تجتمع في مكان محدد وزمن متفق عليه، إنما تنجز عملها وهي متفرقة في المقاهي وفي المصانع وفي الباصات والقطارات والمواقع الإلكترونية...لجنة القراء.
أنا أطالب بجائزة سنوية يمنحها القراء، حينها سأتقدم إليها بلهفة وخوف وإجلال وسأبعث بالورد وأطيب المنى لمن ينالها.ولن أناقش نتائجها.
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.