بَعد تأجِيل جَلستِه لأكثَر من مرّة، أصدرَت مَحكمَة الرباط الابتدائية حُكمَها في ملف "تسْريب وثاَئق عَلاوَات مزوار وبنسودة"، بالبَراءَة لمحمد رضا والسجن شهرين مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، لعبد المجيد الويز، وهما مُوظّفا الدولة اللذان ظلا ينفيان تهمة "إفشاء السّر المهني والمشاركة فيه" الموجهة إليهما. الجلسة التي تأخر انعقادها لأكثر من ساعة ونصف عن موعدها المحدد في الثالثة بعد زوال اليوم، عرفت حضور وجوه سياسية وحقوقية بارزة للتعبير عن تضامنها مع محمد رضا، موظف سابق بوزارة الاقتصاد والمالية، عبد المجيد الويز، موظف سامٍ بالخزينة العامة للمملكة، حيث نظمت وقفة تضامنية صامتة أمام باب المحكمة الابتدائية تطالب بإلغاء متابعة المتهمَين وفتح تحقيق في جوهر الملف ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام. وشدد الواقفون على أن متابعة موظفيْن بدَل المتهمين المعنيّين، في إشارة إلى كل من وزير الاقتصاد والمالية الأسبق، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الحالي، صلاح الدين مزوار، والخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، في فضائح العلاوات المتبادلة كونها تراجعا "صارخا" من الحكومة عن وعودها في مناهضة الفساد. الناشط الحقوقي أحمد ويحمان، علق على منطوق الحكم بكونه يتناقض مع التزامات الدولة الرسمية في حماية الشهود والمبلغين عن الفساد في المؤسسات، معتبرا الأمر امتحانا عسيرا مرت منه الدولة كشف عن حقيقة شعاراتها في مناهضة الفساد والاستبداد، ويسائل حقيقة دولة القانون واستقلال القضاء، على حد تعبيره. "الحكم جاء بمنطق مقلوب"، يصف ويحمان في تصريحه لهسبريس، نتيجة الجلسة، "حيث يتابع المبلغون المفترضون ولا يتم تحريك المتابعة ضد المشتبه فيهم الرئيسيين"، مشيرا إلى أن وزير العدل والحريات أعطى أمرا للوكيل العام بتحريك متابعة كل من مزوار وبنسودة "لكن دون جدوى". أما الفاعل الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام، فأوضح أن قناعة المتضامنِين مع المتهمَين استقرت عند البراءة، "الأصل أن يفتح تحقيق في استفادة مزوار وبنسودة من علاوات بدون وجه حق"، مشيرا أن البوصلة اتجهت عوضا عن ذلك صوب إدانة مواطنَيْن كشفا عن وجود حالة من الفاسد المالي في مؤسستهما. القبض على فاضحي الفساد وإفلات المعنيين من العقاب، يشكل، من وجهة نظر بنعبد السلام، تناقضا في التزامات الدولة مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، ومع قانون حماية الشهود، "الملف يتحدث عن إفشاء السّر المهني.. لكن الواقع أن القضية معروفة وليس ذات طابع سري"، مشيرا إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون "اختلاقا" لقضية بغرض التغطية على فضيحة "الاستفادة غير المشروعة لعلاوات". وأشار الفاعل الحقوقي أن "لجنة التضامن مع المتابعين في ملف إفشاء السر المهني" ستستمر في تناول القضية من ناحية المرافعة أمام الحكومة والبرلمان، من أجل إلغاء المتابعة القضائية لرضا والويز، وتحريكها ضد وزير المالية الأسبق والخازن العام.