إعلان نوايا مشترك بين المغرب والبرتغال لتعزيز العدالة في إطار كأس العالم 2030    ريما حسن في قلب العاصفة.. اتهامات بالولاء للجزائر وخسارة للمصداقية في المشهد السياسي الفرنسي    الملك يعين الأعضاء الجدد باللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي    التعاون المغربي الموريتاني يُطلق تهديدات ميليشيات البوليساريو لنواكشوط    ترامب يطلق أكبر عملية طرد جماعي للمهاجرين غير النظاميين    توقيع عقد مع شركة ألمانية لدراسة مشروع النفق القاري بين طنجة وطريفة    كرسي الآداب والفنون الإفريقية يحتفي بسرديات "إفا" في أكاديمية المملكة    الذكاء الاصطناعي.. (ميتا) تعتزم استثمار 65 مليار دولار خلال 2025    على خلفية مساعي ترامب لزيادة حجم الإنتاج...تراجع أسعار النفط    الدرك الملكي يحجز طن من الحشيش نواحي اقليم الحسيمة    "حماس" تنشر أسماء المجندات الإسرائيليات المقرر الإفراج عنهن السبت    دوامة    معرض فني جماعي «متحدون في تنوعنا» بالدار البيضاء    الفنانة المغربية زهراء درير تستعد لإطلاق أغنية « جاني خبر »    رواية "المغاربة".. نفسانيات مُركبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    ترامب يرفع السرية عن ملفات اغتيالات كينيدي ولوثر كينغ    مجلس الشيوخ التشيلي يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء    مهدي بنسعيد يشيد بحصيلة الحكومة ويدعو لتعزيز التواصل لإبراز المنجزات    محاكمة بعيوي في قضية "إسكوبار" تكشف جوانب مثيرة من الصراع الأسري لرئيس جهة الشرق السابق    الصيد البحري : تسليم 415 محركا لقوارب تقليدية لتحسين الإنتاجية والسلامة البحرية    وزارة الشباب تكشف عن "برنامج التخييم 2025" وتستهدف 197 ألف مستفيد    اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس: خطوة أولى نحو السلام أم محطة مؤقتة في طريق الصراع؟    الكعبي يتجاوز مواطنه العرابي … ويدخل التاريخ كأفضل هداف اولمبياكوس في المباريات الاوروبية    إضراب عام يشل حركة جماعات الناظور ليوم كامل احتجاجا على تغييب الحوار    تركيا..طفلان يتناولان حبوب منع الحمل بالخطأ وهذا ما حدث!    السلطات البلجيكية تحبط محاولة استهداف مسجد في مولنبيك خلال صلاة الجمعة    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة والمعهد المتخصص في الفندقة والسياحة بالحوزية يحتفيان بالسنة الأمازيغية    العطلة المدرسية تبدأ مع طقس مستقر    تراجع التلقيح ضد "بوحمرون" إلى 60%.. وزارة الصحة في مرمى الانتقادات    "الطرق السيارة" تنبه السائقين مع بدء العطلة المدرسية    عمدة المدينة: جماعة طنجة لن تدخر أي جهد لجعل المدينة في مستوى التظاهرات الدولية وتطلعات المواطنين    اعتقال وحش آدمي تسبب في وفاة ابنة زوجته ذات الثلاث سنوات    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    تعيين الفرنسي رودي غارسيا مدربا جديدا لمنتخب بلجيكا    الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى: مشروع قانون الإضراب غير عادل    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة…انتشار حاد لفيروس الحصبة وفقدان أرواح الأطفال    تنفيذا لتعهدات ترامب .. أمريكا ترحل مئات المهاجرين    السكوري: مناقشة مشروع قانون الإضراب تتم في جو عال من المسؤولية    تداولات الإفتتاح ببورصة البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    لقجع ينفي ما روجه الإعلام الإسباني بخصوص سعي "فيفا" تقليص ملاعب المغرب خلال مونديال 2030    العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية تعقد اجتماع مكتبها المديري    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة    رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    تضارب في الأرقام حول التسوية الطوعية الضريبية    ما هو سر استمتاع الموظفين بالعمل والحياة معا في الدنمارك؟    تألق نهضة بركان يقلق الجزائر    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    الحكومة تحمل "المعلومات المضللة" مسؤولية انتشار "بوحمرون"    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوضع الشرعي والعالم المنفصل
نشر في هسبريس يوم 10 - 11 - 2024

بهذه الثنائية كثف الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المرحلة الراهنة التي تمر منها القضية الوطنية. هناك ثلاث دعامات قوية للوضع الشرعي الذي تمثله بلادنا؛ البيعة، النهضة التنموية، والاعتراف الدولي.
كما في الماضي واليوم وغدًا، يُعد أحد الأركان الجوهرية في الأطروحة الوطنية الوحدوية هو روابط البيعة بين سكان الصحراء وملوك المغرب. بعد نصف قرن من المسيرة، يزداد هذا المعطى رسوخًا، وهو الذي احتل حيزًا بارزًا في الأطروحة القانونية والفقهية التي ترافعت بها المغرب أمام محكمة العدل الدولية، والتي أقرت بوجود هذه الروابط عبر التاريخ، وبأن الصحراء لم تكن أرضًا خلاء، وهو ما تؤكده الوثائق والأرشيفات المغربية والأجنبية أيضًا. على هذه الرابطة الدينية والروحية ما فتئ أبناء الصحراء يعلون اعتزازهم بمغربيتهم وتعلقهم بمقدسات البلاد.
الركن الثاني للوضع الشرعي هو النهضة التنموية التي تعرفها الصحراء، والأمن والاستقرار اللذان تنعمان بهما. لقد كان المغرب، بقيادة المغفور له الحسن الثاني، وبعده جلالة الملك محمد السادس، على قناعة راسخة بأن أبلغ جواب على الانفصال هو التنمية. لذلك حق لنا اليوم أن نتحدث فعلًا عن نهضة تنموية تعرفها المنطقة، وهي تنمية لا تقتصر، كما سبق وأكد الملك في خطاب سابق، على البعد الاقتصادي، بل هي نهضة تنموية شاملة تضع الإنسان في قلب انشغالاتها. لذا لم يكن غريبًا أن يشمل جزء كبير من المشاريع والبرامج التي تمت وتتم ضمن تنزيل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، والتي رصدت له الدولة أزيد من 77 مليار درهم، الثقافة والتراث الحساني.
بالإضافة إلى التنمية، هناك الأمن والاستقرار، ولعل هذا أبلغ وأعمق جواب على من يدعون أنهم يخوضون حربًا ضد المغرب. فالمغرب، الذي ربح الحرب في الصحراء حتى قبل التوقيع مع الأمم المتحدة على اتفاق وقف إطلاق النار، استطاع اليوم فرض الأمن والاستقرار في الصحراء، وهي متاخمة لمنطقة الساحل والصحراء التي تغلي بالاضطرابات. كما تصدى بكل حزم وفي إطار دولة الحق والقانون لكل محاولات المس بالاستقرار في الصحراء، والتي حاول خصوم المغرب توظيفها، تارة عبر استغلال بعض المطالب الاجتماعية المشروعة، وتارة أخرى عبر توظيف خطاب حقوقي مضلل. غير أن يقظة بلادنا مكنت من إحباط كل تلك المخططات التي أصبحت جزءًا من الماضي.
وعلاوة على كل ذلك، فإن الوضع الشرعي الذي تمثله بلادنا تعزز بتنامي الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وبدعم مقترح الحكم الذاتي. وهو دعم ملموس، كانت الجمهورية الفرنسية آخر الدول الكبرى الملتحقة بهذا التوجه، الذي أوجع خصوم المغرب وجعلهم تائهين يعيشون عزلة قاتلة ظهرت بجلاء أثناء تصويت مجلس الأمن على القرار الأخير.
أمام هذا الوضع الشرعي القائم على الحق والشرعية، هناك "عالم منفصل يعيش على أوهام الماضي ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن". والواقع أن خطاب الجزائر والبوليساريو تجاوزه الزمن ويعاني من الجمود، وهجره حتى أولئك الذين كانوا يدافعون عنه. فبعد تسعة وأربعين سنة من المسيرة، النتيجة هي فشل البوليساريو التي قدمت نفسها في ذلك الزمن على أنها "حركة تحرر".
راكمت الجبهة الفشل تلو الفشل عسكريًا ودبلوماسيًا وسياسيًا وحقوقيًا على جميع الأصعدة. لم يعد خطابها يقنع حتى أولئك الذين غرهم خطابها الحالم، فاستيقظوا على الحقيقة والواقع الذي تمكن المغرب من ترسيخه، وهو أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه.
إنه لمن الغريب حقًا أن مخطط تنظيم الاستفتاء تم دفنه منذ زمن بعيد وأصبح من الماضي، والأمم المتحدة أقبرته منذ سنوات، والعالم مدرك لاستحالة تنظيمه. ولكن البوليساريو، وخلفها الجزائر، ما زالت تلوك سردية تقرير المصير والاستفتاء. إنه عالم الجزائر المنفصل عن الحقيقة، الغارق في أوهام الماضي، المتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن.
علينا التوقف مليًا عند التناقض الصارخ والمفارقة التي تعيشها الجبهة؛ فهي تطالب بالاستفتاء وترفض نداءات الأمم المتحدة لإحصاء ساكنة المخيمات، علمًا أن هذه الساكنة هي الضحية الأولى للجبهة ولأوهامها الطوباوية التي ترفض أن ترى الحقيقة. فساكنة المخيمات محرومة من حقوقها الأساسية. منذ تأسيس الجبهة لم تحقق شيئًا للصحراويين، وهي التي تدعي زيفًا أنها ممثلهم الوحيد والشرعي. هذه حقيقة تاريخية، فلماذا تصلح الجبهة إذن؟
لشيء واحد، ما زالت تصلح لخدمة أهداف السياسة للنظام العسكري الحاكم في الجزائر، في البحث عن منفذ على الأطلسي، لذلك أراد إحياء مقترحه القديم بتقسيم الصحراء الذي رفضه المغرب وأدانه في حينه، مقترحًا في الوقت ذاته "المبادرة الأطلسية" التي تستوعب، في إطار السيادة المغربية، هذه الرغبات. تدعي الجزائر أنها تدافع عن "تقرير المصير"، غير أن هذه الدعاية التي يعود عمرها إلى زمن الحرب الباردة، لم يعد يصدقها الجزائريون أنفسهم، لأنهم يعلمون أنه ملف يُراد به إلهاؤهم عن قضاياهم الأساسية: عن الديمقراطية، والتنمية، والتوزيع العادل لثروات ومقدرات البلاد، التي نهبتها العصابة.
أما ما تبقى من تلك المقدرات فيصرفها العسكر في سباق التسلح واستعراض القوة العسكرية.
إزاء هذا المشهد، على الأمم المتحدة أن تتوقف عن الدوران حول نفسها في البحث عن حل لهذا النزاع المفتعل، عليها أن تتجاوز الإشارات المحتشمة في تقاريرها وقراراتها إلى ما تسميه الدور الحاسم لدور الجوار، عليها أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية، عليها الانتقال إلى توضيح الفرق بين أطروحتين، بين عالمين، بين اختيارين: الوضع الشرعي أو العالم المنفصل عن الحقيقة والواقع والتاريخ والغارق في خرافات الماضي وأوهامه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.