منذ سنة 2002 إلى حدود الآن ظهر مقترحان يخصان قضية الصحراء و يحددان طبيعة علاقة الأطراف المتنازعة بشرعية قضيتهم. المقترح الأول صدر عن جبهة البوليساريو سنة 2002 و المقترح الثاني صدر عن المملكة المغربية يوم 11ابريل 2007. المقترح الأول مستعد التفاوض حول تقسيم الصحراء. والمقترح الثاني مستعد لتفويض جزء من سلطاته الحكومية لجميع السكان وفق المعايير الدولية. "" تقرير مجلس الأمن 1429 الذي صدر يوم 30جويي 2002 أشار إلى تقرير الأمين العام المؤرخ في 19 فبراير من نفس السنة. هذا التقرير الأخير للامين العام للأمم المتحدة هو الذي حمل بين طياته صيغة تقسيم الصحراء بين المغرب و الجزائر و البوليساريو و هذا ما جاء في نص تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بالحرف:" من رأي مبعوثي الشخصي(أي جيمس بيكر) أن الجزائر و جبهة البوليساريو مستعدتان للمناقشة أو التفاوض حول تقسيم الإقليم كحل سياسي للنزاع على الصحراء الغربية" صيغة المناقشة أو التفاوض حول تقسيم الصحراء لم ترد في أي قرار من قرارات مجلس الأمن أو في أي توصية من توصيات الأمين العام للأمم المتحدة و لكن وردت على لسان الجمهورية الجزائرية و جبهة البوليساريو؛ لهدا فالجزائر وجبهة البوليساريو كانتا تسعيان التفاوض خارج الشرعية الدولية... خيار الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة المغربية هو خيار من خيارات الشرعية الدولية: بعد فشل المفاوضات المباشرة الثلاث(لشبونة 23يونيو1997، لندن28يونيو2000 و برلين 28شتنبر2000) تحت رعاية الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة السيد جيمس بيكر و بعد رفض المملكة المغربية لتقسيم الصحراء ارتأى هذا الأخير بمعية الأمين العام للأمم المتحدة تقديم خيار الحكم الذاتي. هذا ما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة ليوم 19فبراير2002:" رأى مبعوثي الشخصي و أشاطره الرأي، أن عقد اجتماعات أخرى بين الطرفين من أجل البحث عن حل سياسي لن يأتي بنجاح، بل قد يأتي بعكس المرام، ما لم تكن حكومة المغرب بصفتها السلطة الإدارية في الصحراء الغربية مستعدة لتقديم أو تأييد تفويض لجزء من السلطة الحكومية لجميع السكان و السكان السابقين في الإقليم بشكل حقيقي، و ملموس و يتفق مع المعايير الدولية". ليست سنة 2002هي المرة الأولى التي ورد فيها على لسان الأمين العام للأمم المتحدة و ممثله الخاص صيغة الحكم الذاتي، بل حتى قبل هذا التاريخ. خلال ربيع عام 2001 استطاع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الشخصي أن يقر ب"أن المغرب بصفته السلطة الإدارية في الصحراء الغربية مستعد لتأييد مشروع اتفاق إطار S/2001/613 (المرفق الأول) بشأن وضع الصحراء الغربية الذي يتصور تفويضا للسلطة إلى سكان الإقليم " الجزائر عبرت عن تحفظات شديدة و البوليساريو عبرت عن عدم رغبتها في النظر في مشروع الاتفاق الإطار. إذن فالمملكة المغربية، وان كان تطبيق خيار الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المغربية هو خيار داخلي و ديموقراطي يسير على هدى و خطوات الدول الديموقراطية، فهو في نفس الوقت خيار الشرعية الدولية؛ لأنه حينما قررت المملكة المغربية تقديم مشروع الحكم الذاتي إلى مجلس الأمن كانت في واقع الأمر تستجيب كذلك للشرعية الدولية التي تتضمنها تقارير الأمين العام للأمم المتحدة. و حتى حينما قررت المملكة المغربية تقديم مشروع الحكم الذاتي يوم 11ابريل2007 فإنها لم تنتظر ظهور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان مقررا أن يصدر يومان بعد دلك، أي يوم 13 أبريل من نفس السنة، المملكة المغربية كانت على علم بتاريخ صدور القرار ولكن رغم ذلك فضلت تقديم مقترحها كما هو متطابق مع الشرعية الدولية. قرار مجلس الامن1754 الذي صدر يوم 30ابريل 2007 في جلسته رقم 5669جاء بالصيغة التالية:" التزام مجلس الأمن بمساعدة الطرفين على التوصل إلى حل سياسي عادل و دائم و مقبول للطرفين بما يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادىء ميثاق الأممالمتحدة و مقاصده". هذه الصيغة التي جاء بها تقرير مجلس الأمن لا تخول الحق لجبهة البوليساريو لكي تصبح بين عشية وضحاها "الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي". اعتبار جبهة البوليساريو هي "الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي" هي نية واضحة بالدفع بساكنة الصحراء إلى حرب أهلية قاتلة. دعاة "البوليساريو هو الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي" هم دعاة حرب و ليسوا دعاة سلام. هذا القرار لم يكتفي بدعوة الطرفين إلى الحوار و لكن دعا كذلك دول المنطقة إلى مواصلة"تعاونهما التام مع الأممالمتحدة و مع بعضها بعضا لوضع حد للمأزق الراهن و لإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي".