عاد إلى الواجهة من جديد موضوع يكتسي أهمية بالغة في نفوس المغاربة وهو موضوع التقارير، فبعد تقرير المجلس الأوروبي حول مناهضة الفساد والرشوة أصبح الحديث عن تقرير آخر هو المجلس الأعلى للحسابات. فالحديث عن تقرير تلو تقرير أضحى من اختصاص الإعلام كما لو أن هذا الأخير أصبح محترفا في إفراغ كل شيء من محتواه طالما أن التركيز يتم على حدث إصدار تقرير وليس ما تضمنه من جرائم، فالقول بإحالة تقرير المجلس الأعلى للحسابات على وزارة العدل لا يغني ولا يسمن من جوع على اعتبار أن العدالة بالمغرب يتحكم في دواليبها المحامي الذي أضحى يعتبر قاضيا فعليا، والقاضي الذي يعتبر مساعدا للقضاء لدرجة يصعب تحديد كل من القاضي والمحامي في إطار الزواج المختلط، فالقاضي الحقيقي هو الذي يتوفر على ضمير مسؤول أي هو الذي في الواقع يعيش في السجن والمنفى لأنه على وعي تام أنه مطوق بالعسكريين ورجال الشرطة ورجال السلطة ورجال السياسة وأخيرا أصحاب الأموال القذرة. فالقاضي و المحامي يلعبان دورا أساسيا و جوهريا في ترسيخ عدم استقلال القضاء. والأمر تابت لا يحتاج إلى برهان و دليل خاصة وأن اغلب القضايا التي تعرض على المحاكم ناتجة عن فساد الإدارة المغربية والتي عهد للنهوض بأوضاعها لمحام و قاض في إشارة إلى الوسيط ومن يقوده. ولتكتمل الصورة يتعين عدم النبش في جرائم التمييز التي يتهم فيها القضاة من خلال أبنائهم القضاة لأنه لا جدوى من ذلك طالما أنه لا يتم النبش في نفس الجرائم التي يعد أبطالها بعض المحامين والمستفيدين منها أبنائهم المحامين وغيرهم. و للإشارة، فالعلم بالإدانة أو غيرها بالنسبة لقضايا المحاكمات التأديبية التي تعرض على المجلس الأعلى للقضاء لا جدوى منها أيضا سيما أن القاضي يصبح مدانا بمجرد فوزه في مباراة الملحقين القضائيين مما يجعل حكم الإدانة الصادر في حق قاض بتازة على إثر الشكاية الشهيرة التي تقدم بها طفلان قاصران ومقالات نشرت عبر المنابر الإعلامية الوطنية والدولية لا جدوى منه أيضا ما دام أن المتابع كان على علم بقرار الإدانة ابتداء من نهاية الأسبوع الثالث من شهر غشت 2013. أي قبل الإعلان الرسمي عن النتائج الرسمية لأشغال المجلس المذكور أعلاه علما أن التأويلات والتفسيرات تختلف من شخص إلى آخر حسب تكوينه وفكره وقيمه ومبادئه. ومن باب التلخيص وليس الخلاصة فإن اتهام مدير إدارة مراقبة التراب الوطني DST بارتكاب جرائم التعذيب تكتسي أهمية بالغة على اعتبار أنها تلفت الانتباه بشأن وجود واستفحال هذا النوع من الإجرام، غير أن السؤال الذي يظل مفتوحا يتعلق بشأن من هو المسؤول عن هذه الجرائم ومدى ارتباط الجرائم المالية بجرائم التعذيب؟؟! *قاض وعضو بجميع الجمعيات المهنية