شهد جنوب المغرب بين 7 و8 شتنبر الجاري تساقطات مطرية غير معتادة، حيث تسببت الأمطار الغزيرة التي ضربت هذه المناطق في تحولات لافتة، كما أدت إلى فيضانات في مدن وقرى نادراً ما تشهد هطولاً مماثلاً. وفي محاولة لفهم هذا التغير المفاجئ في الظروف الجوية أكد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن أجزاء واسعة من إفريقيا، بما فيها المغرب والجزائر، سجلت كميات من الأمطار تساوي ما يسقط عادة خلال نصف عام. وأبرز التقرير المستند إلى صور لأقمار صناعية تابعة لوكالة "ناسا" أن هذا التغير المفاجئ أدى إلى تحول مساحات من الصحراء القاحلة إلى مناطق أكثر اخضراراً، وهي ظاهرة نادرة جداً في واحدة من أكثر المناطق جفافاً على وجه الأرض. وعزا المصدر ذاته هذا المستجد إلى حركة غير طبيعية لمنطقة التقارب المدارية (ITCZ)، وهي المنطقة التي تتلاقى فيها الرياح الشمالية والجنوبية، ما يؤدي إلى تكوين السحب والعواصف، مشيرا إلى أن هذه المنطقة شهدت، هذا العام، حركة غير معتادة باتجاه الشمال بسبب ارتفاع درجات حرارة المحيط الأطلسي الشمالية، ما أدى إلى تقارب غير متوقع للرياح الرطبة بالمناطق الصحراوية. وتشير التقديرات إلى أن هذه الأمطار كانت نتيجة تغيرات مناخية عالمية أدت إلى دفع منطقة التقارب المدارية نحو الشمال بشكل غير معتاد. ونتيجة لذلك شهد المغرب أمطارًا غزيرة على غير العادة، كما أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في كثافة الغطاء النباتي في المناطق الصحراوية لمجموعة من الدول الإفريقية، وهو ما التقطته صور الأقمار الصناعية التي تظهر الزيادة في الكثافة النباتية بشكل واضح مقارنة بالسنوات السابقة. واستناداً إلى رأي مختصين قال التقرير إن هذه الظاهرة قد تكون مرتبطة بالاحتباس الحراري العالمي، الذي يسهم في زيادة عدم الاستقرار في الأنظمة الجوية، وذلك من خلال ارتفاع درجة حرارة نصف الكرة الشمالي، حيث توجد كميات أكبر من اليابسة مقارنة بالنصف الجنوبي، ما يُساهم في دفع ITCZ شمالاً، واضعين احتمال أن يؤدي هذا التغير إلى تكرار ظواهر مناخية غير متوقعة في المستقبل. من جهة أخرى ساهم هذا التحول في مناخ الصحراء الكبرى، وفق المصدر ذاته، في إبطاء موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي، حيث تسببت الأمطار التي ولّدتها ITCZ في تشكيل موجات مدارية باتجاه الشمال، ما أدى إلى دخولها مناطق أكثر برودة في المحيط الأطلسي، وهو ما قلل من احتمالية تشكل الأعاصير.