تحتضن مدينة آسا فعاليات الموسم الديني والتجاري لموسم آسا "ملكَى الصالحين"، الذي تنظمه كل سنة مؤسسة "آسا الزاك للتنمية والفكر والثقافة" تزامنًا مع ذكرى المولد النبوي الشريف. وانطلقت نسخة هذه السنة من التظاهرة الدينية "ملكَى الصالحين"، يوم الجمعة، وستستمر إلى غاية يوم الاثنين، وفق برنامج يتضمن أروقة موضوعاتية، ومعارض للصناعة التقليدية والمنتوجات المجالية، وعروض الإبل، والفروسية، وفضاء الطفل، وخيمة الملكي، وعملية الإعذار الجماعي، ومجالس الذكر والمديح، وشعيرة نحر الناقة، وغيرها من الأنشطة المتنوعة. ويُعتبر موسم آسا، منذ مئات السنين، مناسبة للالتقاء وصلة الرحم بين مختلف القبائل الصحراوية، وموعدًا يلتقي فيه الشعراء والمفكرون، وفضاءً لتجمع المتصوفة والذاكرين. كما يشكل فرصة للتعريف بالثقافة البدوية من خلال الحرف التقليدية وأنماط تربية الإبل. وساهمت جذور "ملكَى الصالحين"، المسجل على قائمة "الإيسيسكو"، الضاربة في أعماق التاريخ، في تحويله إلى وجهة واعدة للمعرفة العالمة في التصوف بتقاطعاته الجامعة، وقبلة للفنون العربية والأمازيغية والإفريقية، وملتقى لجميع الروافد الثقافية والحوار والتبادل. دور دبلوماسي بارز وقال سعيد عدي، الباحث في التاريخ، إن "القيمة الدينية لموسم آسا استُمدت من الأدوار التي لعبتها المنطقة في نشر العلم والدين الإسلامي عبر مدارسها الأربعة، وهي مدرسة زاوية آسا، ومدرسة المسجد العلوي "تيمزكيدا أوفلا"، ومدرسة مسجد عيسى بن صالح، ومدرسة مسجد إداومليل، التي كانت كلها تعج بطلبة العلم ومدرسيه. ولم يخلُ بيت من فقهاء وطلبة، كما لم تخلُ مدرسة من هذه المدارس من الوافدين لطلب العلم من مختلف ربوع سوس والصحراء وامتدادها في غرب إفريقيا". وأضاف الدكتور عدي أنه إلى جانب الترادف في ازدهار العلم والتجارة منذ أقدم العصور إلى اليوم، ساهمت زاوية آسا في الدبلوماسية الدينية وإنتاج وتسويق الإسلام النموذجي المعتدل كرافد من روافد السياسة الخارجية للمغرب، مشيرا إلى أن هذا الدور برز أكثر بعد تفشي التطرف في الممارسات الدينية في بعض البلدان المجاورة، سواء في أوروبا أو غرب إفريقيا. كما أكد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن زاوية آسا تثبت، سنة بعد سنة، جدارتها في الانخراط في مشروع الدبلوماسية الدينية، مبرزا أن لها مؤهلات للاعتماد عليها مستقبلًا لتلعب أدوارًا بالغة الأهمية على المستوى الوطني والدولي. رافعة واعدة للتنمية "عيد الأكيال أو سوق أسا أو سوق لمولود أو ألموگار أسا.. كلها أسماء تاريخية لهذا الملتقى السنوي، الذي لا يزال يقاوم تحولات العصر في ظل العولمة والرقمنة وظهور التجارة الإلكترونية أو ما يعرف ب"الإيكوميرس"، والأساليب الجديدة السلسة في المعاملات التجارية، وانفتاح المملكة المغربية على الأسواق الإقليمية والدولية الحرة في مقابل تراجع الحرف والصنائع التقليدية"، يقول سعيد عدي. وأبرز الباحث في التاريخ أن هذا الوضع الخطير يدعو إلى إعادة التفكير في وضع خطة اقتصادية جادة لإنقاذ أسواق المواسم من الركود الاقتصادي عبر إقرار سياسة المعارض، ودعم الصناع والباعة ومراكز الإنتاج، ودعم الأسعار، وتيسير حركية النقل وولوج الأسواق من أجل خلق رواج تجاري، وربط التجارة بالسياحة الدينية والسياحة الاستكشافية، لافتا إلى أن الطريق نحو هذا المبتغى تمر وجوبًا عبر ترميم وتأهيل المباني التاريخية وجعلها تلعب دورها في استقطاب الزوار والسياح. وختم الدكتور عدي تصريحه بالقول إن قصر آسا، مثلًا، يمكن أن يلعب هذا الدور في المنطقة برمتها إن تم ترميمه وتأهيله، وخلق مشاريع سياحية عائلية مدرة للدخل على شكل وحدات فندقية إيكولوجية سيكون لها إسهام كبير في تشجيع السياحة. وأضاف أن هذا الملتقى يمكن أن يكون رافعة للتنمية والاستثمار السياحي والتجاري والديني المتكامل.