رميت بنفسي في موقع flickr ولم أستطع الخروج منه، أتدرون لماذا؟ لأن المغرب هناك؛ بعدسات الأجانب والمغاربة، يا له من مغرب عجيب! ولك أن تقوم بذلك لتعرف آخر الصور عن المغرب في هذا الموقع الذي يحتوي على ثلاثة ملايير صورة، وأنا أتصفح في هذا الموقع، أعددت أكثر من موضوع؛ غرائب المغرب، صورة الطفل والطفولة، صورة الدين والتدين، صورة الملك والشعب ..، لكن الموضوع الذي ألح علي في الكتابة، هو صورة رأيتها أول مرة، فاعتبرت الأمر عاديا لكن لما تكررت الصورة، قلت إن الموضوع ليس عاديا، لارتباطه بالقضايا الجديدة "للإعلام الجديد" وله صلة وثيقة بالسلوك الاجتماعي للمواطن المغربي تجاه بيئته وصحته، فاخترت خمس صور هي كالآتي: "" الصورة الأولى : هذه الصورة من مدينة تطوان نشرت يوم 24 مارس 2006 في مدونة attackmorgan يتضح من خلال الصورة أن هذا المكان على ما يبدو يجاور مؤسسة عمومية، مما يعني أنه في داخل المدينة ، قريب من أعين المارة، و رائحته منبعثة في أرجائه، و كردة فعل من طرف سكان المدينة، كتب على الصور باللون الأحمر"ممنوع البول". هذه هي الصورة عند أول نظرة، بالبحث في مضامين "blog" نجد أن صاحبه سائح إسباني بمدينة تطوان وقع بصره على هذا المكان فالتقط صورة بكاميرته الصغيرة ليس لنشرها على صفحة جريدة مهنية ، وإنما لنشرها في موقعه الخاص على شبكة الفليكر دون أن يراقبه أحد أو يسأله. الصورة الثانية : هذه الصورة نشرت يوم 7 يناير 2006 في مدونة MarocStoun "Maudit soit celui qui urine ou jete des ordures ici" "Damned the one that urinate or throw garbage here" وعلى الصورة تعليق واحد يسخر من معنى أنه ملعون شرعا. بالنظر إلى مضمون صور صاحب المدونة يتضح أنه يركز على اللقطات المضحكة في المغرب، مما يعني أن هذه الصورة والتركيز على العبارة هي مثار للسخرية وإضحاك المشاهدين، ويبدو أن صاحب المدونة مغربي يجمع أو يصور الصور بعناية تامة، وهذه الصورة لا توضح المكان الذي يتبول فيه المارة، فمصورها ركز على الجملة دون الفضاء. الصورة الثالثة : هذه الصورة من مدينة مراكش نشرت يوم 19 يوليوز 2009 في مدونة oscarperezrayo Morocco. يتضح أن الصورة التقطت في عمق زقاق حي شعبي بمدينة مراكش، والصورة تبين أن المكان به شيء من سواد الأوساخ دون أن تملأ المكان نفايات الصلبة، قد يكون أن سكان الحي نظفوا المكان و كتبوا عبارة المحافظة على الحي من النفايات و الأوساخ. الصورة الرابعة:هذه الصورة من مدينة الصويرة نشرت يوم 15 يوليوز 2009 في مدونة zabea يتضح أن جملة المنع؛ مكتوبة على حائط عتيق في الشارع العام بالمدينة ، مما يعني أن منتهكي النظافة العامة للمدينة يرمون بأوساخهم دون المبالاة باحترام صحة المارة وبيئتهم. الصورة الخامسة: هذه الصورة من مدينة مراكش نشرت 25 يونيو 2009 في مدونة sisasola علق على هذه الصورة سبعة معلقين أجانب باللغة الإنجليزية ، تقول معلقة لم تفهم ما كتب باللغة العربية، يرد عليها معلق آخر لا أستطيع الترجمة ، ويتساءل معلق آخر لماذا كتبت Real بخط كبير، ويقول معلق آخر مزيج رائع ..وأنا أتساءل أيضا ما المقصود. لو علم المعلقون المعنى المكتوب، لاستلقوا على ظهورهم ضحكا وسخرية ، ولتساءلوا مع علاقة الريال بممنوع البول. بعد هذا التوصيف المجمل لكل الصور يتضح ما يلي: - أن ثورة وسائط الإعلام الجديد ومنها الهواتف المحمولة و الكاميرات الرقمية الصغيرة الحجم، مكنت المواطن عامة و السائح بصفة خاصة على التقاط صور لا تخطر على بال، و خصوصا ما له علاقة بالممارسة الاجتماعية للأفراد، فأينما حل وارتحل سلط عدسته دون أن يتساءل عن إمكانية النشر من عدمه، لأن الإنترنت فتح المجال لكل صورة و لكل مكتوب كيفما كان شكله ومضمونه بعيدا عن الصرامة الصحفية و الإعلامية، وهذه الصور تركز على المكتوب دون أن تعطينا صورة واضحة عن الفضاء، لما لهذا من بعد في قراءة الصورة قراءة دقيقة تبين لنا سلوك المواطن تجاه فضائه العام و مدى احترامه له، لكن يبقى لهذا التدوين المصور قوته في التأثير على المتلقي و إن لم تراع أبجديات التصوير الصحفي، و مبعث التأثير هو في قنص لحظات سلوك المواطن الاجتماعي الذي هو في الأصل يشتكي من مثل هذه الأفعال. -أن التقاط هذا السائح أو غيره لصورة تنتمي إلى "آداب المواطن" اليومية يدل دلالة واضحة على اندهاشه الكبير و استغرابه لمثل هذا الفعل في الشارع العام دون مراعاة لبيئة الأحياء السكنية، ونستشف سخرية الصورة التي تبين كيف أن على الحائط مكتوب " ممنوع البول و الأزبال" وفعل التبول ورمي الأزبال مستمر، وكأن الصورة تقول لنا، لمن يكتب هذا الكاتب عبارات المنع مع أن هذا الفعل غير اللائق لم يتوقف، وتجعلنا نتساءل: هل من يقوم بهذا الفعل لا يعرف القراءة، مما يستدعي إلى رسم صورة توضيحية معبرة عن المنع، وهذه الصورة الساخرة تضعنا أما سؤال النظافة في الحياة اليومية للمواطن المغربي الذي يدنس بيئته و حيطانه التاريخية و الحديثة، لماذا يفعل ذلك ؟ كما أنها تساءل المجالس البلدية ودورها في بناء المرافق الصحية للمواطنين، بل الأكثر من هذا، هذه الصور تساءل المواطن حول مدى تمسكه بالآداب الإسلامية في الاستبراء من البول. قد تكون لهذه الصور الساخرة المستغربة أثرا في سلوك الناس الذي اعتاد على المألوف، حتى أصبحت هذه الصورة عادية لا تثير مشاعر الناس، لكن حتى وإن نامت أعيننا فإنه في زمن عولمة الهاتف المحمول والكاميرات الرقمية فالأعين الأجنبية السائحة لا تنام، نعم إنها تصور جمال المغرب بأداء رائع، إلا أنها تصر على استكمال صورة الجمال بصورة القذرات و الأزبال. [email protected]