ردود فعل قوية تلك التي صاحبت التورُّط المكشوف للدبلوماسية الجزائرية، أمس الجمعة، في محاولة إشراك عنصر من تنظيم "البوليساريو" في الأشغال التحضيرية للنسخة التاسعة لقمة "تيكاد" الإفريقية اليابانية التي احتضنتها العاصمة طوكيو، إذ لا تشارك في هذه القمة إلا الدول الأعضاء بمنظمة الأممالمتحدة. الخطة التي رسمتها الجزائر أفشلها الوفد المغربي الذي حضر الأشغال التحضيرية للقمة، والذي عرّى بذلك أساليب أشبه ب"أساليب العصابات"، مما جعل "دبلوماسيا" جزائريا يتهجم بطريقة عنيفة على دبلوماسي مغربي فضح تسلسل عضو البوليساريو إلى قاعة الاجتماعات ووضْعه لافتةً تتضمن عبارة محيلةً "الجمهورية الصحراوية". وأمام عمليات التدليس والفوضى هذه التي كانت وراءها كل من الجزائر والبوليساريو ما كان من اليابان، باعتبارها بلدا مستضيفا للأشغال التحضيرية لقمة "تيكاد"، إلا أن تؤكد على لسان نائب وزير خارجيتها، يويتشي فوكازاوا، مكان الوزيرة يوكو كاميكاوا، عدم اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية الزائفة"، فضلا عن أن "وجود الكيان الذي لا يُعترف به كدولة لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على موقف دولة اليابان". اليابان ترد على إقحام "البوليساريو" في اجتماع التيكاد: لا نعترف بالكيان الوهمي وإقحامه لا يغير من موقفنا#اليابان #البوليساريو #التيكاد #المغرب pic.twitter.com/VMV9UxJ1EU — Hespress هسبريس (@hespress) August 24, 2024 "أساليب عصابات" أمام كل هذه العناصر المترابطة، أبى نشطاء ومعارضون جزائريون إلا أن يصنفوا ما أقدمت عليه كل من الجزائر والبوليساريو على أنه "من عمل العصابات والبلطجية، وينافي الأعراف الدبلوماسية الدولية، ويبين كون الجزائر تحس رسميا بأنها بدأت تفقد هذا الملف وتخسره بسرعة، بما يجعلها قد وصلت إلى مرحلة اللاعودة". بهذا الخصوص، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن "ما حدث في اجتماع طوكيو التحضيري لقمة "تيكاد"، ومحاولة النظام الجزائري إقحام كيان لا يحظى بأي اعتراف دولي أو أممي في مناسبة بمثل هذا الحجم، بل ووضعه لكافة الوسائل والوثائق الدبلوماسية الجزائرية تحت تصرف عناصر هذا الكيان، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن النظام الجزائري استنفد كل أوراقه في مجاراة الدينامية التي تعرفها قضية الصحراء لصالح المغرب، ويلجأ إلى وسائل غير أخلاقية من أجل إثبات عكس ذلك". وأضاف بن زهرة، متحدثا لهسبريس من باريس، أن "الغريب في الأمر أن بعض المترشحين للانتخابات الرئاسية خرجوا ليدافعوا عن موقف الجزائر والبوليساريو"، موضحا أن "ما قام به النظام في اليابان هو استراتيجية لا تتبعها إلا العصابات التي تمتهن التزوير والتدليس، ثم إن الخطير في ذلك هو عدم احترام البلد المضيف للاجتماع الذي حسم موقفه في هذا الإطار قبل أن تعيد وزارة الخارجية اليابانية تأكيده ونفي استدعاء كيان جبهة البوليساريو الذي كان سينتشي بنصر دبلوماسي عابر لولا أن الأقدار فضحت ألاعيبه". وبيّن المعارض الجزائري أن "ما حدث كان عن سبق إصرار وترصد، وهو محاولة من النظام الجزائري لإحراج اليابان وكذا الاتحاد الإفريقي الذي قرر استبعاد الكيانات غير المعترف بها أمميا من اجتماعاته الدولية لما يشكله ذلك من حرج له هو أيضا"، مشددا على أن "واقعة طوكيو تؤكد بالملموس أن النظام الحاكم حاليا في الجزائر لا يشكل فقط خطرا على الجزائريين وعلى سمعة دولتهم، وإنما أيضا على الأمن الإقليمي إثر رهانه على الدفاع عن قضية خاسرة يخسر فيها هو نفسه أكثر مما يربح". "مسخرةٌ ودليلُ انهزامية" في السياق نفسه سار تدخُّلُ المعارض الجزائري وليد كبير، الذي أورد أن "كل ما حدث أمس يبين فعليا حالة الانهزامية التي بات النظام الجزائري يعيشها بخصوص تدبير هذا الملف؛ فمخرجات قمة غانا الأخيرة أكدت بشكل قاطع عدم إمكانية السماح بمشاركة البوليساريو في قمم الاتحاد الإفريقي التي ينظمها رفقة شركائه الدوليين". كبير أكد لهسبريس أن "ما قام به أحد عناصر البوليساريو يتوافق مع أساليب الصعاليك والعصابات، وهو في نهاية المطاف تصرف يندى له الجبين؛ لأن الإتيان بما يعتبره لوحةً تخص [اسم جمهورية] لا يمكن تصنيفه إلا بأنه وصمة عار على جبين الدولة الجزائرية". وتابع: "أمّا ما قام به الشخص الجزائري، فهو تصرف غير لائق وبلطجي يسيء بالدرجة الأولى لصورة الجزائر، وهو تأكيد على أن النظام فقد صوابه بخصوص هذا الموضوع ولم يبق له إلا البلطجة، فضلا على كونه إشارة واضحة إلى أن النظام الجزائري مستعد لتهور أكبر من حماقة أمس، غير أننا متأكدون أن المغرب سيتصرف بحكمة ولن ينساق تجاه ما يقوم به هذا الطرف". "رجعوا بلادي مْسخرة"، يقول المعارض الجزائري، معتبر أن "هذا التصرف غريب ومناف للأعراف الدبلوماسية، وتورط الجانب الجزائري في التخطيط له هو في نهاية المطاف خرق لقمة أكرا بغانا، التي أكدت أن الأطراف التي لا تتمتع بعضوية الأممالمتحدة لا يمكنها المشاركة في اجتماعات الاتحاد الإفريقي مع شركائه الدوليين"، قبل أن يختم بالقول: "كل ما في الأمر أن الجزائر خسرت الصراع الملفق، وحسم ذلك فعليا لصالح المغرب". وضوح ياباني وسبق لليابان أن أكدت أنها لا تعترف بالكيان الوهمي بأي شكل من الأشكال، لا سيما خلال مؤتمر طوكيو الدولي المعني بالتنمية بالقارة الإفريقية الذي عقد في غشت 2022 بتونس، إذ لم يسبق لها أن وجّهت إليه دعوة للمشاركة في مختلف إصدارات المؤتمر ذاته المعروف اختصارا ب"تيكاد". وكانت طوكيو قد أوضحت على هامش لقاء جمع وزير خارجيتها بنظيره المغربي، ناصر بوريطة، بالعاصمة المصرية القاهرة في شتنبر 2023 على هامش أعمال مجلس جامعة الدول العربية، أنه فيما يتعلق ب"قضية الصحراء، رحب الوزير هاياشي يوشيماسا بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب لدفع العملية السياسية قدما"، في وقت أكد رئيس الدبلوماسية اليابانية أهمية خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب. الموقف نفسه أعادت وزيرة الخارجية اليابانية، كاميكاوا يوكو، التأكيد عليه خلال لقائها مع ناصر بوريطة قبل أشهر، إذ أعربت عن تقدير اليابان للجهود الجادة والموثوقة التي يبذلها المغرب في إطار مبادرة الحكم الذاتي لتسوية قضية الصحراء المغربية، مستعرضة جهود المملكة المختلفة بهذا الخصوص.