أياما بعد تعبير فرنسا عن موقفها الداعم لسيادة المغرب على صحرائه خرجت سميرة سيطايل، سفيرة المغرب بفرنسا، للتعبير عن مراحل الاشتغال للوصول إلى هذا الموقف، مؤكدة أنه ليس وليد اللحظة، كما أماطت اللثام عن عدد من القضايا التي كانت تشوش على علاقات البلدين خلال السنوات الماضية. وقالت سيطايل ضمن حوار مع قناة "سي نيوز" الإخبارية الفرنسية و"أوروبا 1′′: "لقد بدأنا إعادة بناء العلاقة التي كانت بيننا منذ أكتوبر الماضي، لذلك كان الأمر تتويجًا لعدة أشهر من المناقشة، إذ قمنا بتحديد جميع المربعات، بدءًا من الثقة، ووضعنا على الطاولة عددًا معينًا من المواضيع لتجديد هذه الشراكة". وتابعت المتحدثة ذاتها بأن "الرباط لا يمكنها إلا أن تفرح بهذا التطور الكبير في موقف فرنسا، مع العلم أنه لم يأت من عدم"، مردفة: "هناك مخطط للحكم الذاتي قدمه المغرب منذ 2007، وفرنسا تؤيده. الجديد اليوم هو هذا الدعم من فرنسا لمخطط سيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، من ناحية، ومن ناحية أخرى اعتبارها مخطط الحكم الذاتي، من الآن فصاعدا، بمثابة المخطط النهائي والأساس الوحيد لتسوية النزاع". وأكدت السفيرة نفسها أن "الموقف لم يكن مفاجئاً، وينسجم تماماً مع وقوف باريس إلى جانب الرباط بشأن هذا الصراع، على الأقل منذ عام 2007، أي منذ أن طرح المغرب مقترح الحكم الذاتي هذا على طاولة المفاوضات؛ فالدولة الأولى التي رحبت بالاقتراح في ذلك الوقت كانت فرنسا". أسس الحكم الذاتي شرحت سيطايل أسس خطة المغرب للحكم الذاتي، قائلة إنها "تتضمن استقلالية واسعة النطاق، فالقرار يتخذه السكان المحليون الذين سينتخبون ممثليهم، ويتحكمون في مصيرهم؛ وعلاوة على ذلك فإنهم يفعلون ذلك بالفعل بطرق متعددة". وأشارت الدبلوماسية ذاتها إلى أن هناك "استقلالية واسعة النطاق لجهات المغرب ال 12 الرئيسية، بما فيها جهات الأقاليم الجنوبية... ناهيك عن أن الشؤون الداخلية ستتم إدارتها من قبل أبناء المحافظات الجنوبية أنفسهم، وهذه هي قوة خطة الحكم الذاتي". وذكرت المتحدثة بقرارات الأممالمتحدة السابقة التي تعتبر خطة الحكم الذاتي خيارًا جديًا وذا مصداقية لحل هذه القضية، كما ذكرت باستحالة القيام بأي استفتاء، موردة: "عام 2008 أشار الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة فان فالسوم إلى أن خيار الاستقلال غير قابل للتحقيق، وخيار الاستفتاء أيضا". الجزائر والعلاقات مع إسرائيل أما عن رد فعل الجزائر عقب القرار الفرنسي فأجابت سيطايل: "لماذا لم تقطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة أو تستدعي سفيرها منها عندما اعترفت أيضا بهذه الخطة عام 2020 واعترفت بسيادة المغرب على هذه الأقاليم الجنوبية؟ لماذا لم تفعل ذلك؟". وعادت السفيرة لتذكر بأن "سيادة المغرب، التي تعترف بها الولاياتالمتحدة ودولة إسرائيل، ليست موضوع صفقة يتم من خلالها التوقيع على اتفاقات أبراهام على الجانب الآخر. المغرب أقام علاقات مع إسرائيل قبل وقت طويل من اتفاقات أبراهام. لقد قطعناها في الانتفاضة الأولى، ثم استأنفناها". وتحدثت الدبلوماسية نفسها عما أسمتها "علاقة خاصة للغاية مع دولة إسرائيل"، قائلة: "أولاً لأن 10 في المائة من سكان إسرائيل هم من أصل مغربي. هذا الرابط الذي نحافظ عليه رابط إنساني، يقوم على الهوية، ولا يأتي من صفقة كان من الممكن أن تتم بين دولتين". كما ذكرت المتحدثة بأن المغرب يلعب أيضا دورا مهما في الوضع الحالي بغزة، موردة: "عندما يتعلق الأمر بمساعدة السكان الفلسطينيين المنكوبين ففي اليوم الأول من شهر رمضان وصلت المساعدات الإنسانية، ونحن الدولة الوحيدة التي سمحت لها دولة إسرائيل بتقديم هذه المساعدات عن طريق البر. في ذلك الوقت أوصلنا أكثر من 21 طنا من المساعدات، وأكرر مرة أخرى براً، فيما لم يكن مسموحاً لدول أخرى، بما فيها الولاياتالمتحدة، القيام بذلك، إلا عن طريق الجو". وأردفت سيطايل: "قبل بضعة أسابيع أرسلنا مساعدات إنسانية ثانية. ومن الواضح أن لدينا أيضًا علاقة خاصة جدًا مع الشعب الفلسطيني. بالنسبة لنا الأمر يتعلق بدعم حل الدولتين، وهو ما تفعله أيضًا فرنسا، شريكتنا، ومعظم دول العالم. ولا يمكن تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف"، وزادت: "في الوقت نفسه نحافظ على العلاقات مع كلا الطرفين، ما سيسمح لنا، بطريقة موثوقة، بالجلوس إلى طاولة المفاوضات عندما يكون ذلك ضروريا". التجسس وبيغاسوس وجوابا عن أسئلة اتهام المغرب في قضايا التجسس التي تم تحريكها إبان توتر العلاقات مع فرنسا قالت سيطايل: "نحن ندرك في ما يتعلق بالتجسس أنه تم الاعتماد على تقرير كيان ما لمجموعة من الصحافيين، من قبيل Forbidden Stories وجمعية تسمى منظمة العفو الدولية. عندما يتم اتخاذ القرارات المهمة على أساس تقرير يحتوي على معلومات مقدمة من أصوات غامضة إلى حد ما فإننا ندرك أنه لم يتم تقديم أي دليل على الإطلاق على حيازة المغرب هذه التكنولوجيا المسماة بيغاسوس". وواصلت سفيرة الرباطبباريس: "اليوم تم تجاوز هذا الأمر، ولا أود أن أقول إن الأمور أفضل فحسب، بل تم اجتياز مختلف اختبارات الثقة، وأوضحنا سوء التفاهم والأخطاء الفادحة"، متابعة: "لقد أدرنا ظهورنا في بعض الأحيان، لكن مرة أخرى هذه العلاقة التي لا يمكن استبدالها بين المغرب وفرنسا هي قوية للغاية، لأنها تقوم على الصداقة والأخوة والمصالح المشتركة من أجل رخاء شعبينا. كما تعلمون، لا يقتصر الأمر على الأرقام والنسب المئوية والعقود الموقعة هنا وهناك، بل لدينا حقًا عمل مكثف للغاية. لدينا 1.7 مليون مغربي، إما من أصل مغربي أو مزدوجي الجنسية، يقيمون في فرنسا، سواء كانوا مسلمين أو يهودا؛ وهو ما يقوي الروابط بشكل كبير".