مدة البت في القضايا تتقلص بالعيون    أمريكا: "برج" يقتل ركاب طائرتين    الشهيد محمد الضيف.. جنرال كتائب "القسام" ومهندس "طوفان الأقصى"    فاتح شهر شعبان لعام 1446 ه هو يوم الجمعة 31 يناير 2025    نتائج الخبرة العلمية تكشف قدرة خلية "الأشقاء الثلاثة" على تصنيع متفجرات خطيرة (فيديو)    الجديدي وفتحي ينتقلان إلى الوداد    الجيش الملكي يخسر بثنائية بركانية    ساو تومي وبرينسيب تؤكد دعمها الثابت للوحدة الترابية للمغرب وتعزيز التعاون الثنائي    تعليق الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة بسبب اضطرابات جوية وارتفاع الأمواج    الشرقاوي: خلية "الأشقاء الثلاثة" خططت لاستهداف مقرات أمنية ومحلات عمومية    النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بإقليم العرائش تكرم منجزات شخصيات السنة    اغلاق المجال الجوي البلجيكي بسبب عطل تقني    خروج 66 فلسطينيا حالة صحية متردية من سجون الإحتلال    الولايات المتحدة تبدأ أكبر حملة لترحيل مهاجرين جزائريين غير الشرعيين.. هل يجرؤ النظام الجزائري على الرفض    مشروع الربط المائي بين وادي المخازن ودار خروفة يقترب من الإنجاز لتزويد طنجة ب100 مليون متر مكعب سنويًا    رحيمي ينقذ نادي العين من الخسارة    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    الوداد يضم لاعبا فرنسيا ويستعير آخر من جنوب إفريقيا    زياش إلى الدحيل القطري    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات تواصل تنفيذ برنامجها السنوي لتنقية شبكة التطهير السائل    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    رئاسة الأغلبية تؤكد التزامها بتنفيذ الإصلاحات وتعزيز التعاون الحكومي    أمر تنفيذي من "ترامب" ضد الطلاب الأجانب الذين احتجوا مناصرة لفلسطين    أداء إيجابي ببورصة الدار البيضاء    الوداد يعزز صفوفه بالحارس مهدي بنعبيد    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: المغرب يعتمد خيارا واضحا لتدبير إنساني للحدود    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    عاجل.. الوزير السابق مبديع يُجري عملية جراحية "خطيرة" والمحكمة تؤجل قضيته    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    قرعة دوري أبطال أوروبا غدا الجمعة.. وصراع ناري محتمل بين الريال والسيتي    ارتفاع مفاجئ وتسجل مستويات قياسية في أسعار البيض    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يبقي سعر الفائدة دون تغيير    الشرع يستقبل أمير قطر في دمشق    حاجيات الأبناك من السيولة تبلغ 123,9 مليار درهم في 2024    استقرار أسعار الذهب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يحقّق أرقامًا قياسية في صادرات عصير البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي    ""تويوتا" تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية للعام الخامس على التوالي    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    أمطار رعدية غزيرة تجتاح مدينة طنجة وتغرق شوارعها    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربع قرن من تامغرابيت..
نشر في هسبريس يوم 31 - 07 - 2024

منذ توليه العرش سنة 1999، قاد جلالة الملك محمد السادس المغرب في مسيرة تحول شاملة، أسست لمفهوم مغرب الغد والتأسيس للدولة الوطنية القومية أو "تامغرابيت"؛ وهي عملية تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية المغربية والنهوض بالتنمية الشاملة. على مدار ربع قرن، شهد المغرب تطورات مهمة في مجالات متعددة، من الهوية والسياسة إلى الاقتصاد والبنية التحتية والتعليم؛ مما جعله نموذجا للاستقرار والتنمية في المنطقة.
في هذا المقال، سوف نستعرض أبرز الإنجازات والمبادرات التي شكلت ملامح "تامغرابيت" أو المغرب الحديث.
المغرب وسؤال الانتماء
عبر تاريخه الطويل، كان المغرب منفتحا على كل الثقافات والأفكار؛ مما جعله يتميز بتنوع ثقافي غني. وترك هذا الانفتاح بصمته على الثقافة المغربية، وطبعا بدون أن تفقد جوهرها وتميزها. وقد شكل تمازجا حضاريا أغنى الهوية المغربية وجعلها فريدة من نوعها، والمدن المغربية التاريخية تعكس هذا التراث الغني والمتنوع، حيث تجد فيها امتدادا لتأثيرات معمارية وفنية لا نظير لها بالعالم وماركة مغربية مسجلة.
لطالما تميز المغرب بقدرته على الحفاظ على هويته الفريدة رغم التأثيرات الخارجية المتعددة على مر العصور، من الدول والممالك المورية قبل الميلاد مرورا بعشرات من الإمارات المستقلة فالدولة المرابطية ثم الدولة الموحدية وصولا إلى الدولة العلوية، كان للهوية الوطنية دور محوري في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري، مما عزز مكانة الوطن كمركز حضاري في المنطقة.
تاريخ المغرب مليء بالإنجازات الحضارية والعلمية، حيث كان هذا الجانب من العالم مركزا للعلم والفكر والثقافة.. وحتى لن نستغرب أن نجد كثير من ملوك المغرب علماء ومفكرين خلدهم التاريخ؛ كالملك يوبا الثاني. وإسهامات الفلاسفة والمفكرين والعلماء المغاربة تاريخيا كانت لها مكانة متميزة في إثراء التراث الإنساني العالمي.
انتكاسة تامغرابيت في القرن الماضي
في القرن العشرين، وخصوصا بعد الاستقلال عانى المغرب من انتكاسة في هويته الوطنية بسبب السياسات التي ربطت البلاد بالمشرق، حيث شهدت الساحة السياسية والرسمية بروزا لخطابات قومية تابعة إيديولوجيا لعواصم مشرقية. هذه السياسات المنبهرة بالمشرق كانت ترى في المغرب مجرد تابع للثقافات والسياسات والصراعات المشرقية؛ مما أدى إلى تهميش الهوية الوطنية المغربية وتبخيس التراث الثقافي المحلي ونمو عقدة الدونية تجاه المشارقة وسط العوام والمثقفين المغاربة. فالكثير من المغاربة بدأوا في الإحساس بأنهم ملزمون بالتنكر لهويتهم الوطنية ويجب أن يتم تجاهلها ووأدها لصالح هوية قومية أوسع رغم أنها لا تعبر عن خصوصيتهم الثقافية والتاريخية.
ربط المغرب بالمشرق أثر سلبا على الثقافة المحلية والفخر الوطني، حيث تم إهمال مظاهر التميز والنبوغ المغربي؛ بل تم نسب كل مظاهر الحضارة المغربية إلى الخارج، من معمار وموسيقى ولباس وأكل، بل حتى المدن والممالك التاريخية كانت تنسب إلى الخارج. وتم أيضا إهمال ومحاربة اللغة الأمازيغية والتراث الأمازيغي بشكل خاص. الكثير من السياسات التعليمية والإعلامية كانت تروّج للثقافة المشرقية وتبين تميزها وتفوقها على حساب الثقافة المحلية، مما أدى إلى ضعف الشعور بالانتماء لدى الكثير من المغاربة؛ بل سادت موجة من محاولة التنكر للانتماء لهذا الوطن.
الاتجاه نحو الافتخار بالوطن وتثمين تاريخه
مع تولي الملك محمد السادس العرش، يمكننا الحديث عن تأسيس مغرب المستقبل، حيث بدأت مرحلة جديدة من تعزيز الهوية الوطنية المغربية عبر تكريس مفهوم "تامغرابيت". يركز هذا المفهوم على الاعتزاز بالهوية المغربية بكل مكوناتها، ويهدف إلى تعزيز الفخر بالوطن وتثمين تاريخه وحضارته.
وهذا يظهر بوضوح في خطاب أجدير، فيقول جلالته: "ولأن الأمازيغية مُكوّن أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية؛ فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية".
فمن أبرز الخطوات التي اتخذها الملك محمد السادس لتعزيز الهوية الوطنية الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور المغربي لعام 2011.
ولم يكن هذا الاعتراف مجرد خطوة رمزية، بل تبعته سياسات تعليمية وثقافية أعطت الأمازيغية مكانتها المستحقة في المجتمع المغربي. تم إدخال اللغة الأمازيغية في المناهج الدراسية، مما ساهم في تعزيز الانتماء الوطني لدى المجتمع المغربي. تثمين التاريخ المغربي كان له أثر كبير في تعزيز الهوية الوطنية. كما تم الاهتمام بالتراث المعماري من خلال ترميم وصيانة المدن القديمة واعتبارها إرثا مغربيا، مما ساهم في تعزيز الشعور بالفخر الوطني.
إلى جانب المصالحة الثقافية مع التاريخ المغربي، كان المغرب بحاجة أيضا إلى مصالحة سياسية لاستكمال مسيرة بناء حس الانتماء والفخر بالوطن؛ فكانت هيئة الإنصاف والمصالحة، التي تأسست في عام 2004، مبادرة مهمة لتعزيز حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية. عملت الهيئة على معالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الماضي، وقدمت تعويضات للضحايا وأسرهم. كما ساهمت في تعزيز الثقة بين المواطنين والدولة، وأرست أسسا قوية لدولة القانون والمؤسسات.
ويمكننا اعتبار تقرير الخمسينية، الذي صدر في عام 2006، نقطة تحول مهمة في تقييم إنجازات المغرب منذ الاستقلال. التقرير قدم نظرة شاملة على التحديات والفرص التي واجهتها المملكة، واقترح سياسات لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال تحليل دقيق للبيانات الاقتصادية والاجتماعية، ساعد التقرير في توجيه السياسات الحكومية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين؛ مما شكل دافعا قويا نحو التأسيس لوطن قومي حديث.
كما قامت الدولة بتشجيع الأبحاث التاريخية والإيكولوجية والعلمية التي تثبت عراقة الحضارة في المغرب. تم التخلي عن السردية السابقة التي كانت تدعي أن المغرب كان بلا حضارة قبل الإسلام، وأن تاريخه لا يتجاوز اربعة عشر قرنا، فيقول جلالته بهذا السياق: "المغرب مستهدف لأنه دولة عريقة تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل"، حيث تم الاعتراف بالدور الكبير للحضارة الأمازيغية المورية التي قامت على أرض المغرب. وساعد تشجيع الأبحاث الأكاديمية والتاريخية في إظهار العراقة التاريخية للمغرب، وتم إنشاء مراكز أبحاث ودراسات تاريخية تعمل على استكشاف وتوثيق تاريخ المغرب القديم، مما ساعد في إعادة كتابة التاريخ المغربي بشكل أكثر دقة وشمولية.
أثر تعزيز الشعور الوطني على تقدم المغرب
تعزيز الشعور الوطني والهوية القومية له تأثير كبير على تقدم المغرب، أدى هذا الشعور بالفخر الوطني إلى تحسين الاستقرار الاجتماعي والسياسي وتحصين المغرب من الأفكار والتوجهات المتطرفة التي أدت إلى تدمير بلدان عديدة بالشرق الأوسط.
إن تعزيز الفخر الوطني يعزز اللحمة والوطنية في الأزمات، وكل العالم تابع كيف يقف المغاربة كجسد واحد في أزمة كورونا، حيث حول مغاربة العالم مليارات الدولارات لصالح أهاليهم والمتضررين في المغرب، وكذا القوافل الإنسانية التي انطلقت من مختف مناطق المغرب والجالية المغربية بأوروبا لصالح منكوبي زلزال الحوز.
إن تحقيق التنمية الاقتصادية كان نتيجة مباشرة لتعزيز الهوية الوطنية، حيث أصبحت البلاد أكثر جذبا للاستثمارات بفضل الاستقرار السياسي والاجتماعي.
تم تطوير العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل السياحة والصناعة والخدمات؛ مما ساهم في تحسين مستوى المعيشة وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي. إن المشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط وشبكة القطارات فائقة السرعة، تعكس هذا النجاح الاقتصادي الذي تحقق بفضل السياسات التي عززت الهوية الوطنية ورفعت من شأن المغرب على الساحة الدولية.
فإضافة إلى العوائد الاقتصادية التي حققها المغرب جراء تسويق مشروع مغرب الغد والوطن المتماسك، كان له مكاسب سياسية لا تقل عن مكاسبه الاقتصادية، وكان له الأثر الكبير في جعل المغرب شريك موثوق للغرب في محيط تسوده الاضطرابات، وساهم في تعزيز موقفه في قضيته الوطنية الأولى بدحض أطروحات الانفصال التي رغم ضخ مليارات الدولارات من طرف دول معادية؛ فقد حقق المغرب مزيدا من الاعتراف بفضل هاته السياسة الناعمة، وخصوصا من طرف الدول العظمى وكان آخرها الاعتراف الفرنسي بالمشروع المغربي كحل وحيد لحل هذا النزاع.
مشاريع البنية التحتية الكبرى
شهد المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، تطورا هائلا في البنية التحتية. من بين المشاريع الكبرى التي تم تنفيذها ميناء طنجة المتوسط وشبكة القطارات فائقة السرعة (التي تُعد الأولى من نوعها في إفريقيا). هذه المشاريع لم تعزز البنية التحتية فقط، بل ساهمت أيضا في خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي. ميناء طنجة المتوسط، على سبيل المثال، أصبح واحدا من أكبر الموانئ في إفريقيا والعالم، مما عزز مكانة المغرب كمركز للتجارة الدولية.
وشمل تحسين البنية التحتية أيضا تطوير شبكات الطرق والمطارات والموانئ، مما ساعد في تحسين الاتصال بين مختلف مناطق المغرب وتعزيز التجارة الداخلية والخارجية. وساهمت هذه المشاريع في رفع مستوى الاقتصاد الوطني وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
التنمية المستدامة والطاقة المتجددة
اعتمد المغرب سياسات طموحة في مجال الطاقة المتجددة؛ من بينها مشروع مجمع نور للطاقة الشمسية في ورزازات، الذي يعد من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم. ساعدت هذه المبادرات على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز الاستدامة البيئية، مما جعل المغرب رائدا في هذا المجال.
إلى جانب مشروع نور، استثمر المغرب في العديد من المشاريع الأخرى مثل محطات توليد الطاقة من الرياح والطاقة الكهرومائية. ويهدف المغرب إلى توليد 52 في المائة من احتياجاته من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. تدعم هذه السياسات التنمية المستدامة من خلال تقليل انبعاثات الكربون وتعزيز الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية.
تعمل هذه المشاريع أيضا كمحفزات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ فهي توفر فرص عمل محلية، وتساهم في تدريب الكفاء ات المحلية، مما يخلق ديناميكية إيجابية على المستوى المجتمعي. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه المبادرات مكانة المغرب كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي بفضل بيئة مستقرة وسياسات داعمة للاستدامة.
هذه الخطوات لا تعمل فقط على تحسين البنية التحتية الطاقية، بل تعكس أيضا التزام المغرب بالمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. بفضل هذه السياسات، أصبح المغرب نموذجا يحتذى به في إفريقيا والعالم في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
منذ توليه العرش، أولى الملك محمد السادس اهتماما خاصا بالفئات الهشة والضعيفة في المجتمع المغربي. أطلقت الدولة العديد من المبادرات الاجتماعية لتحسين مستوى العيش للمواطنين؛ من أبرزها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها الملك في عام 2005. تهدف هذه المبادرة إلى محاربة الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تقديم الدعم المالي والتدريب المهني للفئات المحرومة.
ساهمت هذه البرامج بشكل كبير في تحسين الظروف المعيشية للأسر الفقيرة، من خلال تمكينها اقتصاديا وتقديم الدعم اللازم لتحسين أوضاعها. بفضل هذه المبادرات، تمكن العديد من الأفراد من تطوير مهاراتهم والحصول على فرص عمل أفضل، مما ساهم في رفع مستوى المعيشة وتعزيز الاستقلال المالي.
إلى جانب ذلك، تم إطلاق العديد من برامج الإسكان والتنمية الحضرية بهدف توفير مساكن لائقة للفئات الفقيرة والمتوسطة. تشمل هذه البرامج بناء وحدات سكنية جديدة وتجديد الأحياء القديمة، مما ساهم في تحسين ظروف العيش في المدن والأرياف على حد سواء. ساعدت هذه الجهود في تقليل الفوارق الاجتماعية وتعزيز التماسك الاجتماعي، مما يعكس التزام المغرب بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لجميع مواطنيه.
التعليم والصحة
في عهد الملك محمد السادس، شهد قطاعا التعليم والصحة في المغرب تطورات كبيرة بهدف تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية المستدامة. أكد الملك أن التعليم يعد رافعة أساسية لتحقيق التنمية في مختلف الميادين، مبرزا أهمية التعليم والعناية الخاصة التي يوليها للنهوض بهذا القطاع. تم تحديث المناهج الدراسية وبناء مدارس وجامعات جديدة، مما حسن من البنية التحتية التعليمية ورفع جودة التعليم من خلال تدريب المعلمين وتوفير الموارد الحديثة.
في مجال الصحة، تم بناء مستشفيات جديدة وتحديث المرافق الصحية القائمة، ما رفع مستوى الرعاية الصحية المتاحة. أُطلقت برامج توعية صحية ووقاية من الأمراض، مما ساعد في تحسين الصحة العامة والحد من انتشار الأمراض. ونجح المغرب في مواجهة جائحة كوفيد-19 بفضل حملات التلقيح الواسعة والتدابير الفعالة، مما ساهم في السيطرة على الجائحة وتحقيق نتائج إيجابية.
وتعكس هذه الإنجازات رؤية الملك محمد السادس لتعزيز التنمية المستدامة من خلال تحسين الخدمات التعليمية والصحية، مما يساهم في بناء مستقبل أكثر استدامة وتقدما للمغرب.
تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية
لعب المغرب دورا مهما على الساحتين الإقليمية والدولية، تحت قيادة الملك محمد السادس؛ مما جعله يحظى بمرتبة متقدمة لدى دول العالم والغرب ويستضيف مناورات الأسد الإفريقي، وهي أكبر تمرين عسكري في إفريقيا يعكس الثقة الدولية في المغرب.
سعت الدولة إلى تعزيز مكانتها كفاعل رئيسي في القضايا الإفريقية والدولية. عرف عهد الملك محمد السادس عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في عام 2017 وتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي؛ وهما مثالان على الجهود الدبلوماسية الناجحة التي عززت الدور الإقليمي والدولي للمغرب. تميزت السياسة الخارجية المغربية بالمرونة والقدرة على بناء تحالفات استراتيجية عززت من مكانة المغرب على الساحة الدولية.
كما عزز المغرب علاقاته الاقتصادية مع العديد من الدول، مما ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التجارة الخارجية. ساعدت المبادرات، مثل توقيع اتفاقيات تجارة حرة وتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، في تعزيز الاقتصاد الوطني. هذه الجهود جعلت من المغرب بوابة للتجارة والاستثمار في إفريقيا، وساهمت في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان
عملت الدولة المغربية على تنفيذ إصلاحات واسعة لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ بما في ذلك تعزيز حرية التعبير، وتحسين أوضاع المرأة، وتقوية دور المجتمع المدني.
دستور 2011 يضمن حماية الحقوق والحريات ويعزز مبدأ الاستقلال التام للسلطة القضائية، مما ساهم في تحسين صورة المغرب دوليا كدولة تحترم حقوق الإنسان.
تحت قيادة الملك محمد السادس، تم تنفيذ إصلاحات قانونية مهمة؛ مثل مدونة الأسرة لعام 2004، التي منحت المرأة المزيد من الحقوق في قضايا الزواج والطلاق والحضانة.
بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، مما ساهم في تعزيز دورها في المجتمع وتحقيق المساواة بين الجنسين. كما شملت الإصلاحات تحسين القوانين المتعلقة بحقوق الأطفال وتعزيز الحماية القانونية لهم، مما يعكس التزام المغرب بتعزيز حقوق الإنسان على كافة الأصعدة.
مستقبل مشرق ومزدهر
في ربع قرن من القيادة الحكيمة، نجح الملك محمد السادس في تحويل المغرب إلى دولة قومية حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة. من خلال تعزيز الهوية الوطنية وتطوير البنية التحتية وإجراء الإصلاحات السياسية وتعزيز التنمية الاجتماعية وتعزيز التعاون الدولي، وضع الملك محمد السادس أسسا قوية لمستقبل مزدهر ومستدام للمغرب.
ومن المنتظر أن يكون تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 نقطة فارقة تعزز مكانته الدولية وتساهم في مزيد من التطور والتقدم. مع استمرار هذه الجهود، يتطلع المغرب إلى تحقيق المزيد من التقدم والانضمام إلى صفوف الدول المتقدمة في العالم.
(*) المنسق الوطني لأكراو من أجل الأمازيغية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.