ولي العهد السعودي يهنئ الملك بمناسبة عيد الاستقلال    سياسيون يكرسون منطلق القرابات العائلية في انتخابات جزئية بعمالة المضيق الفنيدق    الصيادلة يدعون لتوحيد الجهود ومواجهة التحديات الراهنة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم        الركراكي: الصبر والمثابرة أعطيا ثمارهما وتسجيل 26 هدفا لم يكن بالأمر السهل    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    محطة جديدة متنقلة لتعزيز تزويد ساكنة برشيد بالماء الشروب السلطات المحلية لبرشيد و الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات تدشن مشروع مهم في ظل تحديات الإجهاد المائي    يوعابد ل"برلمان.كوم": منخفض جوي متمركز بالمحيط الأطلسي غرب جزر الكناري وراء الأمطار التي تشهدها بلادنا    وزارة الداخلية تخصص 104 مليارات سنتيم لإحداث 130 مكتبًا لحفظ الصحة    جهة طنجة تشارك في منتدى للتعاون المتوسطي في مجال الطاقة والمناخ بمرسيليا    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    اتهمتهم بمعاداة السامية.. عمدة أمستردام تعتذر عن تصريحات تمييزية بحق مسلمي هولندا    المقاو-مة الفلسطينية: تصحيح المعادلات وكسر المستحيلات    تراجع أسعار النفط بعد استئناف العمل في حقل ضخم بالنرويج    معمل 'أكسام' في صلب التطورات العالمية لتغذية المواشي    الشرطة توقف ناقل "حبوب مهلوسة"    نزاع حول أرض ينتهي بجريمة قتل    عودة يوسف المريني لتدريب هلال الناظور بعد 20 عاما من الغياب    اليونسكو تدرس ملف "تسجيل الحناء"    في تأبين السينوغرافيا    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    بوتين يوسع إمكانية استخدام السلاح النووي من طرف الجيش الروسي    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    شيتاشن يفوز بنصف ماراثون ازيلال للمرة الثانية تواليا    مقتل 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على بيروت وحزب الله ولبنان يقبلان اقتراحا أمريكيا لوقف إطلاق النار    ماذا سيتفيد المغرب من مليوني ونصف وثيقة تاريخية؟    وزارة الخارجية: 5000 كفاءة مغربية في الخارج وسنطلق قريبا آلية لتعبئتهم ودعم حاملي المشاريع    افتراءات ‬وزير سابق ‬على ‬المغرب ‬وفرنسا ‬وإسبانيا ‬وأمريكا ‬في ‬قضية ‬الصحراء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات فالنسيا بإسبانيا إلى 227 قتيلاً ومفقودين في عداد الغائبين    توقيع اتفاقية شراكة بين جمعية جهات المغرب وICLEI Africa    إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    ميناء الداخلة الأطلسي: مشروع استراتيجي يحقق تقدمًا بنسبة 27%    مجموعة صناعية دنماركية كبرى تفتح مكتباً في الداخلة لتطوير مشاريع الطاقات المتجددة في الصحراء المغربية    يحدث هذا في فرنسا … !    حادثة سير مميتة بتارودانت تخلف أربعة قتلى    غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت وإصابات في تل أبيب إثر قصف صاروخي من لبنان    الصناعة الرياضية: من الملاعب إلى التنمية    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    جبهة مناهضة التطبيع تتضامن مع ناشط متابع على خلفية احتجاجات ضد سفينة إسرائيلية    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    العسكريات يسيطرن على التشكيلة المثالية لدوري أبطال إفريقيا    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    هند السداسي تُعلن طلاقها بخطوة جريئة وغير مسبوقة!    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربع قرن من تامغرابيت..
نشر في هسبريس يوم 31 - 07 - 2024

منذ توليه العرش سنة 1999، قاد جلالة الملك محمد السادس المغرب في مسيرة تحول شاملة، أسست لمفهوم مغرب الغد والتأسيس للدولة الوطنية القومية أو "تامغرابيت"؛ وهي عملية تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية المغربية والنهوض بالتنمية الشاملة. على مدار ربع قرن، شهد المغرب تطورات مهمة في مجالات متعددة، من الهوية والسياسة إلى الاقتصاد والبنية التحتية والتعليم؛ مما جعله نموذجا للاستقرار والتنمية في المنطقة.
في هذا المقال، سوف نستعرض أبرز الإنجازات والمبادرات التي شكلت ملامح "تامغرابيت" أو المغرب الحديث.
المغرب وسؤال الانتماء
عبر تاريخه الطويل، كان المغرب منفتحا على كل الثقافات والأفكار؛ مما جعله يتميز بتنوع ثقافي غني. وترك هذا الانفتاح بصمته على الثقافة المغربية، وطبعا بدون أن تفقد جوهرها وتميزها. وقد شكل تمازجا حضاريا أغنى الهوية المغربية وجعلها فريدة من نوعها، والمدن المغربية التاريخية تعكس هذا التراث الغني والمتنوع، حيث تجد فيها امتدادا لتأثيرات معمارية وفنية لا نظير لها بالعالم وماركة مغربية مسجلة.
لطالما تميز المغرب بقدرته على الحفاظ على هويته الفريدة رغم التأثيرات الخارجية المتعددة على مر العصور، من الدول والممالك المورية قبل الميلاد مرورا بعشرات من الإمارات المستقلة فالدولة المرابطية ثم الدولة الموحدية وصولا إلى الدولة العلوية، كان للهوية الوطنية دور محوري في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري، مما عزز مكانة الوطن كمركز حضاري في المنطقة.
تاريخ المغرب مليء بالإنجازات الحضارية والعلمية، حيث كان هذا الجانب من العالم مركزا للعلم والفكر والثقافة.. وحتى لن نستغرب أن نجد كثير من ملوك المغرب علماء ومفكرين خلدهم التاريخ؛ كالملك يوبا الثاني. وإسهامات الفلاسفة والمفكرين والعلماء المغاربة تاريخيا كانت لها مكانة متميزة في إثراء التراث الإنساني العالمي.
انتكاسة تامغرابيت في القرن الماضي
في القرن العشرين، وخصوصا بعد الاستقلال عانى المغرب من انتكاسة في هويته الوطنية بسبب السياسات التي ربطت البلاد بالمشرق، حيث شهدت الساحة السياسية والرسمية بروزا لخطابات قومية تابعة إيديولوجيا لعواصم مشرقية. هذه السياسات المنبهرة بالمشرق كانت ترى في المغرب مجرد تابع للثقافات والسياسات والصراعات المشرقية؛ مما أدى إلى تهميش الهوية الوطنية المغربية وتبخيس التراث الثقافي المحلي ونمو عقدة الدونية تجاه المشارقة وسط العوام والمثقفين المغاربة. فالكثير من المغاربة بدأوا في الإحساس بأنهم ملزمون بالتنكر لهويتهم الوطنية ويجب أن يتم تجاهلها ووأدها لصالح هوية قومية أوسع رغم أنها لا تعبر عن خصوصيتهم الثقافية والتاريخية.
ربط المغرب بالمشرق أثر سلبا على الثقافة المحلية والفخر الوطني، حيث تم إهمال مظاهر التميز والنبوغ المغربي؛ بل تم نسب كل مظاهر الحضارة المغربية إلى الخارج، من معمار وموسيقى ولباس وأكل، بل حتى المدن والممالك التاريخية كانت تنسب إلى الخارج. وتم أيضا إهمال ومحاربة اللغة الأمازيغية والتراث الأمازيغي بشكل خاص. الكثير من السياسات التعليمية والإعلامية كانت تروّج للثقافة المشرقية وتبين تميزها وتفوقها على حساب الثقافة المحلية، مما أدى إلى ضعف الشعور بالانتماء لدى الكثير من المغاربة؛ بل سادت موجة من محاولة التنكر للانتماء لهذا الوطن.
الاتجاه نحو الافتخار بالوطن وتثمين تاريخه
مع تولي الملك محمد السادس العرش، يمكننا الحديث عن تأسيس مغرب المستقبل، حيث بدأت مرحلة جديدة من تعزيز الهوية الوطنية المغربية عبر تكريس مفهوم "تامغرابيت". يركز هذا المفهوم على الاعتزاز بالهوية المغربية بكل مكوناتها، ويهدف إلى تعزيز الفخر بالوطن وتثمين تاريخه وحضارته.
وهذا يظهر بوضوح في خطاب أجدير، فيقول جلالته: "ولأن الأمازيغية مُكوّن أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية؛ فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية".
فمن أبرز الخطوات التي اتخذها الملك محمد السادس لتعزيز الهوية الوطنية الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور المغربي لعام 2011.
ولم يكن هذا الاعتراف مجرد خطوة رمزية، بل تبعته سياسات تعليمية وثقافية أعطت الأمازيغية مكانتها المستحقة في المجتمع المغربي. تم إدخال اللغة الأمازيغية في المناهج الدراسية، مما ساهم في تعزيز الانتماء الوطني لدى المجتمع المغربي. تثمين التاريخ المغربي كان له أثر كبير في تعزيز الهوية الوطنية. كما تم الاهتمام بالتراث المعماري من خلال ترميم وصيانة المدن القديمة واعتبارها إرثا مغربيا، مما ساهم في تعزيز الشعور بالفخر الوطني.
إلى جانب المصالحة الثقافية مع التاريخ المغربي، كان المغرب بحاجة أيضا إلى مصالحة سياسية لاستكمال مسيرة بناء حس الانتماء والفخر بالوطن؛ فكانت هيئة الإنصاف والمصالحة، التي تأسست في عام 2004، مبادرة مهمة لتعزيز حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية. عملت الهيئة على معالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في الماضي، وقدمت تعويضات للضحايا وأسرهم. كما ساهمت في تعزيز الثقة بين المواطنين والدولة، وأرست أسسا قوية لدولة القانون والمؤسسات.
ويمكننا اعتبار تقرير الخمسينية، الذي صدر في عام 2006، نقطة تحول مهمة في تقييم إنجازات المغرب منذ الاستقلال. التقرير قدم نظرة شاملة على التحديات والفرص التي واجهتها المملكة، واقترح سياسات لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال تحليل دقيق للبيانات الاقتصادية والاجتماعية، ساعد التقرير في توجيه السياسات الحكومية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين؛ مما شكل دافعا قويا نحو التأسيس لوطن قومي حديث.
كما قامت الدولة بتشجيع الأبحاث التاريخية والإيكولوجية والعلمية التي تثبت عراقة الحضارة في المغرب. تم التخلي عن السردية السابقة التي كانت تدعي أن المغرب كان بلا حضارة قبل الإسلام، وأن تاريخه لا يتجاوز اربعة عشر قرنا، فيقول جلالته بهذا السياق: "المغرب مستهدف لأنه دولة عريقة تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل"، حيث تم الاعتراف بالدور الكبير للحضارة الأمازيغية المورية التي قامت على أرض المغرب. وساعد تشجيع الأبحاث الأكاديمية والتاريخية في إظهار العراقة التاريخية للمغرب، وتم إنشاء مراكز أبحاث ودراسات تاريخية تعمل على استكشاف وتوثيق تاريخ المغرب القديم، مما ساعد في إعادة كتابة التاريخ المغربي بشكل أكثر دقة وشمولية.
أثر تعزيز الشعور الوطني على تقدم المغرب
تعزيز الشعور الوطني والهوية القومية له تأثير كبير على تقدم المغرب، أدى هذا الشعور بالفخر الوطني إلى تحسين الاستقرار الاجتماعي والسياسي وتحصين المغرب من الأفكار والتوجهات المتطرفة التي أدت إلى تدمير بلدان عديدة بالشرق الأوسط.
إن تعزيز الفخر الوطني يعزز اللحمة والوطنية في الأزمات، وكل العالم تابع كيف يقف المغاربة كجسد واحد في أزمة كورونا، حيث حول مغاربة العالم مليارات الدولارات لصالح أهاليهم والمتضررين في المغرب، وكذا القوافل الإنسانية التي انطلقت من مختف مناطق المغرب والجالية المغربية بأوروبا لصالح منكوبي زلزال الحوز.
إن تحقيق التنمية الاقتصادية كان نتيجة مباشرة لتعزيز الهوية الوطنية، حيث أصبحت البلاد أكثر جذبا للاستثمارات بفضل الاستقرار السياسي والاجتماعي.
تم تطوير العديد من القطاعات الاقتصادية، مثل السياحة والصناعة والخدمات؛ مما ساهم في تحسين مستوى المعيشة وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي. إن المشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط وشبكة القطارات فائقة السرعة، تعكس هذا النجاح الاقتصادي الذي تحقق بفضل السياسات التي عززت الهوية الوطنية ورفعت من شأن المغرب على الساحة الدولية.
فإضافة إلى العوائد الاقتصادية التي حققها المغرب جراء تسويق مشروع مغرب الغد والوطن المتماسك، كان له مكاسب سياسية لا تقل عن مكاسبه الاقتصادية، وكان له الأثر الكبير في جعل المغرب شريك موثوق للغرب في محيط تسوده الاضطرابات، وساهم في تعزيز موقفه في قضيته الوطنية الأولى بدحض أطروحات الانفصال التي رغم ضخ مليارات الدولارات من طرف دول معادية؛ فقد حقق المغرب مزيدا من الاعتراف بفضل هاته السياسة الناعمة، وخصوصا من طرف الدول العظمى وكان آخرها الاعتراف الفرنسي بالمشروع المغربي كحل وحيد لحل هذا النزاع.
مشاريع البنية التحتية الكبرى
شهد المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، تطورا هائلا في البنية التحتية. من بين المشاريع الكبرى التي تم تنفيذها ميناء طنجة المتوسط وشبكة القطارات فائقة السرعة (التي تُعد الأولى من نوعها في إفريقيا). هذه المشاريع لم تعزز البنية التحتية فقط، بل ساهمت أيضا في خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي. ميناء طنجة المتوسط، على سبيل المثال، أصبح واحدا من أكبر الموانئ في إفريقيا والعالم، مما عزز مكانة المغرب كمركز للتجارة الدولية.
وشمل تحسين البنية التحتية أيضا تطوير شبكات الطرق والمطارات والموانئ، مما ساعد في تحسين الاتصال بين مختلف مناطق المغرب وتعزيز التجارة الداخلية والخارجية. وساهمت هذه المشاريع في رفع مستوى الاقتصاد الوطني وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
التنمية المستدامة والطاقة المتجددة
اعتمد المغرب سياسات طموحة في مجال الطاقة المتجددة؛ من بينها مشروع مجمع نور للطاقة الشمسية في ورزازات، الذي يعد من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم. ساعدت هذه المبادرات على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز الاستدامة البيئية، مما جعل المغرب رائدا في هذا المجال.
إلى جانب مشروع نور، استثمر المغرب في العديد من المشاريع الأخرى مثل محطات توليد الطاقة من الرياح والطاقة الكهرومائية. ويهدف المغرب إلى توليد 52 في المائة من احتياجاته من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. تدعم هذه السياسات التنمية المستدامة من خلال تقليل انبعاثات الكربون وتعزيز الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية.
تعمل هذه المشاريع أيضا كمحفزات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ فهي توفر فرص عمل محلية، وتساهم في تدريب الكفاء ات المحلية، مما يخلق ديناميكية إيجابية على المستوى المجتمعي. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه المبادرات مكانة المغرب كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي بفضل بيئة مستقرة وسياسات داعمة للاستدامة.
هذه الخطوات لا تعمل فقط على تحسين البنية التحتية الطاقية، بل تعكس أيضا التزام المغرب بالمساهمة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. بفضل هذه السياسات، أصبح المغرب نموذجا يحتذى به في إفريقيا والعالم في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
منذ توليه العرش، أولى الملك محمد السادس اهتماما خاصا بالفئات الهشة والضعيفة في المجتمع المغربي. أطلقت الدولة العديد من المبادرات الاجتماعية لتحسين مستوى العيش للمواطنين؛ من أبرزها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها الملك في عام 2005. تهدف هذه المبادرة إلى محاربة الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تقديم الدعم المالي والتدريب المهني للفئات المحرومة.
ساهمت هذه البرامج بشكل كبير في تحسين الظروف المعيشية للأسر الفقيرة، من خلال تمكينها اقتصاديا وتقديم الدعم اللازم لتحسين أوضاعها. بفضل هذه المبادرات، تمكن العديد من الأفراد من تطوير مهاراتهم والحصول على فرص عمل أفضل، مما ساهم في رفع مستوى المعيشة وتعزيز الاستقلال المالي.
إلى جانب ذلك، تم إطلاق العديد من برامج الإسكان والتنمية الحضرية بهدف توفير مساكن لائقة للفئات الفقيرة والمتوسطة. تشمل هذه البرامج بناء وحدات سكنية جديدة وتجديد الأحياء القديمة، مما ساهم في تحسين ظروف العيش في المدن والأرياف على حد سواء. ساعدت هذه الجهود في تقليل الفوارق الاجتماعية وتعزيز التماسك الاجتماعي، مما يعكس التزام المغرب بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لجميع مواطنيه.
التعليم والصحة
في عهد الملك محمد السادس، شهد قطاعا التعليم والصحة في المغرب تطورات كبيرة بهدف تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية المستدامة. أكد الملك أن التعليم يعد رافعة أساسية لتحقيق التنمية في مختلف الميادين، مبرزا أهمية التعليم والعناية الخاصة التي يوليها للنهوض بهذا القطاع. تم تحديث المناهج الدراسية وبناء مدارس وجامعات جديدة، مما حسن من البنية التحتية التعليمية ورفع جودة التعليم من خلال تدريب المعلمين وتوفير الموارد الحديثة.
في مجال الصحة، تم بناء مستشفيات جديدة وتحديث المرافق الصحية القائمة، ما رفع مستوى الرعاية الصحية المتاحة. أُطلقت برامج توعية صحية ووقاية من الأمراض، مما ساعد في تحسين الصحة العامة والحد من انتشار الأمراض. ونجح المغرب في مواجهة جائحة كوفيد-19 بفضل حملات التلقيح الواسعة والتدابير الفعالة، مما ساهم في السيطرة على الجائحة وتحقيق نتائج إيجابية.
وتعكس هذه الإنجازات رؤية الملك محمد السادس لتعزيز التنمية المستدامة من خلال تحسين الخدمات التعليمية والصحية، مما يساهم في بناء مستقبل أكثر استدامة وتقدما للمغرب.
تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية
لعب المغرب دورا مهما على الساحتين الإقليمية والدولية، تحت قيادة الملك محمد السادس؛ مما جعله يحظى بمرتبة متقدمة لدى دول العالم والغرب ويستضيف مناورات الأسد الإفريقي، وهي أكبر تمرين عسكري في إفريقيا يعكس الثقة الدولية في المغرب.
سعت الدولة إلى تعزيز مكانتها كفاعل رئيسي في القضايا الإفريقية والدولية. عرف عهد الملك محمد السادس عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في عام 2017 وتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي؛ وهما مثالان على الجهود الدبلوماسية الناجحة التي عززت الدور الإقليمي والدولي للمغرب. تميزت السياسة الخارجية المغربية بالمرونة والقدرة على بناء تحالفات استراتيجية عززت من مكانة المغرب على الساحة الدولية.
كما عزز المغرب علاقاته الاقتصادية مع العديد من الدول، مما ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التجارة الخارجية. ساعدت المبادرات، مثل توقيع اتفاقيات تجارة حرة وتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول إفريقيا جنوب الصحراء، في تعزيز الاقتصاد الوطني. هذه الجهود جعلت من المغرب بوابة للتجارة والاستثمار في إفريقيا، وساهمت في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان
عملت الدولة المغربية على تنفيذ إصلاحات واسعة لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ بما في ذلك تعزيز حرية التعبير، وتحسين أوضاع المرأة، وتقوية دور المجتمع المدني.
دستور 2011 يضمن حماية الحقوق والحريات ويعزز مبدأ الاستقلال التام للسلطة القضائية، مما ساهم في تحسين صورة المغرب دوليا كدولة تحترم حقوق الإنسان.
تحت قيادة الملك محمد السادس، تم تنفيذ إصلاحات قانونية مهمة؛ مثل مدونة الأسرة لعام 2004، التي منحت المرأة المزيد من الحقوق في قضايا الزواج والطلاق والحضانة.
بالإضافة إلى ذلك، تم تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، مما ساهم في تعزيز دورها في المجتمع وتحقيق المساواة بين الجنسين. كما شملت الإصلاحات تحسين القوانين المتعلقة بحقوق الأطفال وتعزيز الحماية القانونية لهم، مما يعكس التزام المغرب بتعزيز حقوق الإنسان على كافة الأصعدة.
مستقبل مشرق ومزدهر
في ربع قرن من القيادة الحكيمة، نجح الملك محمد السادس في تحويل المغرب إلى دولة قومية حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة. من خلال تعزيز الهوية الوطنية وتطوير البنية التحتية وإجراء الإصلاحات السياسية وتعزيز التنمية الاجتماعية وتعزيز التعاون الدولي، وضع الملك محمد السادس أسسا قوية لمستقبل مزدهر ومستدام للمغرب.
ومن المنتظر أن يكون تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 نقطة فارقة تعزز مكانته الدولية وتساهم في مزيد من التطور والتقدم. مع استمرار هذه الجهود، يتطلع المغرب إلى تحقيق المزيد من التقدم والانضمام إلى صفوف الدول المتقدمة في العالم.
(*) المنسق الوطني لأكراو من أجل الأمازيغية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.