قررت هيئة الحكم بالقطب الجنحي بالدارالبيضاء، مساء أمس الاثنين، إيداع القاضية المتقاعدة مليكة (ع) رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي "عكاشة"، مع تحديد موعد جديد لمحاكمتها في جلسة يوم الجمعة 26 يوليوز الجاري. وكان وكيل الملك بمدينة الدارالبيضاء قد استنطق القاضية المتقاعدة صباح أمس الاثنين، بعد تقديمها في حالة سراح من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حيث قرر متابعتها في حالة اعتقال ووجه إيلها تهما جنحية عديدة؛ من بينها "بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة بهدف المس بالحياة الخاصة للأشخاص والتشهير بهم وإهانة رجال القضاء، وإهانة الضابطة القضائية بالتبليغ عن جريمة يعلم بعدم حدوثها، وإهانة هيئة منظمة قانونا وتحقير مقررات قضائية بواسطة الأقوال لقصد المس بسلطة القضاء واستقلاله، والإدلاء علنا بأقوال قصد التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور حكم غير قابل للطعن". وكانت القاضية المتقاعدة المعتقلة قد نشرت فيديوهات تتضمن اتهامات إلى مسؤولين قضائيين، تنسب إليهم وقائع وادعاءات خطيرة؛ وهو ما دفع النيابة العامة بمدينة الدارالبيضاء إلى تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بفتح بحث دقيق في موضوع تلك الاتهامات، والتحقق من صحتها من عدمها، وذلك لترتيب الجزاءات القانونية على ضوء نتائج البحث القضائي. تناقضات .. وادعاءات وهمية أفادت مصادر مطلعة على هذا الملف بأن البحث الذي باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية رصد العديد من التناقضات في تصريحات القاضية السابقة، وكشف شبهة تورطها في نشر وقائع غير صحيحة، واختلاق ادعاءات وهمية؛ وهو ما جعل وكيل الملك بالدارالبيضاء يقرر متابعتها في حالة اعتقال، مع إحالتها على جلسة المحاكمة ليوم الجمعة المقبل. ووفق المصادر سالفة الذكر، فقد خلصت إجراءات البحث الميداني إلى أن القاضية المتقاعدة لم يسبق لها أن التقت بأيّ مسؤول قضائي في التاريخ والمكان اللذين تحدثت عنهما؛ بل إن الانتدابات التقنية المنجزة أكدت أن تصريحاتها لم تكن متطابقة نهائيا مع الواقع، خصوصا بعدما تبين أنها لم تغادر مسكنها نهائيا في التواريخ الذي ادعت فيها المعنية بالأمر أنها انتقلت إلى مسكن المسؤول القضائي المذكور. وأشارت المصادر ذاتها إلى "أنه في الوقت الذي زعمت فيه المعنية بالأمر انتقالها إلى مدينة أخرى لملاقاة المسؤول القضائي السامي، فإن الانتدابات التقنية مع متعهدي خدمات الهاتف أكدت أنها كانت جالسة في منزلها تجري مكالمات هاتفية مع أقاربها!". وقد واجه وكيل الملك بالدارالبيضاء القاضية السابقة بالعديد من التناقضات الأخرى التي كشفتها تحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، خصوصا التصريحات التي ادعت فيها أنها التقت بالمسؤول القضائي السامي في سيارة للأجرة!، وتصريحات أخرى تزعم فيها الالتقاء به بمنزله؛ وهو ما طوق عنقها بشبهة الادلاء ببيانات زائفة والتصريح بوقائع وهمية بغرض المساس بالحياة الخاصة للأشخاص وإهانة القضاء. كما استنطق ممثل النيابة العامة المتهمة بشأن العديد من التناقضات الأخرى التي رصدها البحث، خصوصا المزاعم التي تتحدث عن تواصلها مع شقيقها بعد محاولة الاعتداء التي قالت إنها تعرضت لها على أيدي مجهولين يحملون أقنعة حاجبة للمعطيات التشخيصية، وهي المزاعم التي أكد البحث عدم وجود أية إثباتات عليها، بل دحض الانتداب التقني وجود أي تواصل هاتفي بين المعنية بالأمر وبين شقيقها. التأثير على القضاء أشهرت النيابة العامة بالدارالبيضاء في مواجهة القاضية السابقة تهمة إضافية تتمثل في "الإدلاء علنا بأقوال قصد التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور حكم غير قابل للطعن"، إذ اعتبر وكيل الملك أن الهدف من الفيديوهات التي نشرتها القاضية السابقة هو الضغط على القضاة ومحاولة التأثير علنا في استقلالهم بغرض الحكم لصالحها في منازعة عقارية معروضة حاليا أمام محكمة النقض. فالسياق الزمني الذي نشرت فيه القاضية السابقة شريطها الأخير، الذي يتضمن اتهامات خطيرة لمسؤولي القضاء، تزامن مع نظر محكمة النقض في النزاع العقاري الذي يجمع عائلة المتهمة بباقي أطراف المنازعة؛ وهو ما اعتبرته النيابة العامة "وسيلة غير مشروعة الهدف منها تحقير مقررات القضاء والمس بسلطته والتأثير علنا في مجريات ملف قضائي لا يزال لم يصدر فيه حكم نهائي غير قابل للطعن". ومن المنتظر عرض القاضية السابقة على جلسة المحاكمة ليوم الجمعة المقبل، للاستماع لدفاعها ولمرافعة النيابة العامة، والتي سيتم فيها استعراض التناقضات التي واجه بها وكيل الملك القاضية السابقة، والتي اعتبرها تتضمن عناصر تأسيسية مادية ومعنوية لجرائم يعاقب عليها القانون، تتمثل في اختلاق ادعاءات ووقائع كاذبة والتبليغ عن جريمة يعلم بعدم حدوثها، والمس بسلطة القضاء واستقلاله، والإدلاء علنا بأقوال قصد التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور حكم غير قابل للطعن.