باشرت مصالح المفتشية العامة للإدارة الترابية ومديرية الجماعات الترابية بوزارة الداخلية عملية تدقيق مشتركة بشأن اختفاء وثائق إدارية مهمة بجماعات ترابية في جهة الدارالبيضاء-سطات، على رأسها أوامر بالصرف وتدبير مهام وتراخيص وغيرها، بعدما توصلتا بتقارير وإخباريات حول نقل رؤساء جماعات معاملاتهم الإدارية إلى ضيعات ومقاه ومطاعم ومحطات وقود، حيث تحولت إلى "مكاتب متنقلة" يضطر رؤساء المصالح إلى زيارتها يوميا من أجل ضمان السير العادي لعمل الإدارات الجماعية. وعلمت هسبريس من مصادر مطلعة أن الأبحاث الأولية المنجزة ضمن عملية التدقيق الجديدة، كشفت عن غياب مستمر لرؤساء مجالس جماعية عن مقرات جماعات ترابية يسيرونها، حيث يكتفون بالتواصل مع رؤساء المصالح وبعض المستشارين عبر الهاتف، ويديرون في المقابل مشاريعهم الخاصة، موضحة أن التحري حول وضعية أعضاء مجالس انتخابية، بينهم نواب لرؤساء، أظهر عدم مزاولتهم لأي نشاط مهني إلى جانب صفتهم الانتخابية، حيث جرى تصنيفهم ضمن خانة العاطلين، وفق معايير وضوابط سوق الشغل. وأفادت المصادر ذاتها بأن مصالح التفتيش الوافدة من الإدارة المركزية فتحت محاضر استماع لموظفين جماعيين حول وقائع اختفاء وثائق بجماعات ترابية، ودققت بشأن المساطر القانونية المتبعة في حالات اختفاء وثائق، مؤكدة أن الأبحاث استندت إلى شكايات مرفوعة إلى رجال سلطة من قبل متضررين، أغلبهم مقاولين، بشأن تعثر استخلاص قيمة صفقات أشغال وتجهيز بسبب ارتباك إداري ونقص وثائق لتسوية معاملاتهم المالية. وجاء الظهير بتنفيذ القانون رقم 78.00، المتعلق بالميثاق الجماعي، واضحا بشأن الغياب المستمر لرؤساء مجالس جماعية عن مقرات الجماعات الترابية، الذي يربك السير العادي لهذه المرافق الحيوية، إذ نصت المادة 31 منه على أنه "يمكن لموظفي وأعوان الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة الذين تم انتخابهم ورؤساء المجالس الجماعية أن يحظوا بالأسبقية أو بالتسهيلات اللازمة لانتقالهم قرب مقر جماعتهم، دون الإضرار بالمرفق العام، وحسب الضرورة الملحة. كما يستفيدون أيضا، بحكم القانون، من رخصة استثنائية أو إذن بالتغيب مدة يوم كامل أو مدة نصف يوم، مرتين كل أسبوع، مع الاحتفاظ بكامل المرتب، دون أن يدخل ذلك في حساب رخصتهم الاعتيادية". وأكدت المصادر نفسها أن رؤساء جماعات ترابية اعتمدوا على فاعلين جمعويين في تنسيق المشاريع المسيرة من قبل جماعاتهم، والتواصل بشكل مباشر مع موظفين وأطر بالإدارات الجماعية، مشددة على أن شكايات رفعت إلى عمال مؤخرا بشأن تدخل مستشارين في مهام مسؤولين بمصالح جماعية، وتحكمهم في عمليات تشغيل أعوان ومستخدمين في إطار "الإنعاش الوطني"، في مخالفة لمقتضيات الميثاق الجماعي، واستعانتهم بهذه الفئة في تدبير مجموعة من المرافق، أهمها ملاعب القرب والمستودعات الجماعية. وفي السياق ذاته، حاولت وزارة الداخلية معالجة اختلالات تسيير جماعات ترابية من خلال قرار لوزير الداخلية رقم 1019.24 منح الولاة والعمال سلطة التأشير على تعيين وإعفاء وإنهاء المهام المتعلقة بالمناصب العليا بإدارة الجماعات الترابية، فيما استثنى القرار منصبي المدير العام للمصالح بإدارة الجهات وبجماعة الدارالبيضاء، وكذا مدير الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، بينما أتاح لرجال السلطة المشار إليهم صلاحية اتخاذ مجموعة من التدابير والقرارات، من ضمنها المتعلقة بالصفقات، دون الرجوع إلى الوزارة، التي خولتهم تفويض الإمضاء والمصادقة على الصفقات.