كبوات وإخفاقات، وإنجازات لم تشف الغليل، حصيلة رئاسة علي الفاسي الفهري لجامعة كرة القدم المغربية خلفاً لحكم "العسكر".. ولاية توسم فيها المغاربة خيراً، قاطعين صلة التسلط مع المستديرة، آملين أن يعود ذلك الزمن الجميل، تلك الملاحم التي صنعتها أنفة مغربية، لرجال جعلوا من ممارستهم لكرة القدم نمطاً للوطنية.. بين هذا وذاك، واقع يحكى بجلاء، عن كرة مغربية لبست ثوب اليأس مع توالي السقطات، وغدر المسؤولين في توفير أرضية تتسق وعصر الكرة الحديثة، ففقدت بوصلة أصالتها قبل أن ترى نور الحداثة.. مسؤولين رأى بعضهم في تنصيبهم غايةً مادية ومهمة للإستفادة ما أمكن قبل اقتلاعهم من على كراسيهم، جاعلين من أحلام المغاربة العاشقين للمستديرة وسيلةً للإرتقاء أكثر بجشعهم، فيما آثر البعض تكوين أنفسهم ليصبحوا ملوك الأعذار، يخرجون بها عندما تحاصرهم الأرقام، فيما انكب آخرون على إنجاز متماطل لمشاريع "استعجالية" مؤجلين بذلك موعد خروج كرتنا السقيمة من أزمة عمرت ببلادنا طويلاً. أوْراش تقنِية و قانونية.. إنجاز دُون إتقان الإحتراف، جلباب لبسته البطولة الوطنية للعام الثالث، هو خطوة تحسب لمكتب علي الفاسي الفهري، رغم أنه احتراف لم يرقى إلى تطلعات المتتبعين ممارسةً، إلا أنه جعل الحقل الكروي أكثر تنظيماً، فبات للاعب المحلي والإطار الوطني قانون يحميه، وأصبحت نزاعات هؤلاء تُحَلّ في إطار قانوني بعيداً عن المؤامرات والمساومات. تكوين الأطر الذي شكل عائقاً أمام المسؤولين منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث ظل عدد كبير من المدربين يشرف على الأندية الوطنية دون حصوله على شواهد تخول له ذلك، أصبحت الجامعة اليوم تؤطر هذه المهنة، ولا تسمح لمن ليس أهلاً لها بممارستها رغم بعض الخروقات التي لا زالت تطال هذا الجانب. وفي زمان قالوا إنه احتراف، لا زالت الأندية الوطنية تعاني من أزمات مادية خانقة، بميزانية ضعيفة وتماطل في صرف منح الجامعة.. منح بقيمة مالية رمزية مقارنةً مع متطلبات زمن الإحتراف، فحتى الفائز بدرع البطولة، لا يحصل سوى على ثلاثة ملايين درهم، لا تسمن و لا تغني من جوع. بُنى تَحتية بِمَنطق اللّاتوازُن.. دفتر التحملات يلزم على أندية القسم الأول التوفر على مراكز للتكوين في إطار الإحتراف، بعضها موجود دون أن يتضمن أبسط المرافق التي توحي للعين بأنه مركز للتكوين، والبعض الآخر ظل قيد الإنجاز "على المدى البعيد". ملاعب تعاد صيانتها، وتم كسوها بعشب إصطناعي لإضفاء اللون الأخضر على بساطها، مع إغفال عامل الجودة، الذي تسبب في أمراض لمجموعة من اللاعبين، وملاعب أخرى تم تجهيزها بالإنارة، وأخرى كانت جاهزة لكنها فضحت المسؤولين عشباً وإنارةً، فكان مصيرها إغلاق أبوابها في وجه الجماهير.. أما على مستوى الهواة، فصيحات النجدة التي تعالت من مسؤولي الأندية هناك لم تصل لأُذُنيْ عبد الإله أكرم، رئيس لجنة البنيات التحتية بالجامعة، فأتى الفرج لهؤلاء بعد انتخاب فوزي لقجع رئيساً للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي عمل على إنهاء أزمة البنيات التحتية التي تعاني منها أندية الهواة والقسم الوطني الثاني، وذلك من خلال توقيع إتفاقية مع وزارة الداخلية ووزارة الشباب والرياضة ترمي إلى إنشاء أكثر من 90 ملعب في مختلف مناطق المغرب، وتزويد فرق الهواة بحافلات جديدة، لكن سرعان ما تجمدت هذه المشاريع برحيل لقجع عن الجامعة. غيْبي ومَهازِل البرمجة وضُعف التّحكيم! لن نخوض في صراع مع الماضي لجرد مهازل لجنة البرمجة والتحكيم برئاسة أحمد غيبي، فالتأمل في الشهر الماضي كفيل بإظهار الصورة الحقيقية للمستوى الضعيف لهذه اللجنة. فكيف لبطولة توقفت عجلاتها عن الدوران منذ أكثر من شهر، أن تبرمج أولى جولات إيابها بشكل متزامن مع استئناف المنافسات القارية التي تتطلب استعداداً بدنياً وذهنياً وتقنياً كبيراً جداً، ونتيجة ذلك ظهرت جلياً على الفرق المشاركة في هذه المنافسات، بغض النظر عن نتيجة فريق الرجاء البيضاوي التي لها ما يبررها، بدايةً من مشاركته الجيدة في كأس العالم للأندية، ومروراً بمشاركة غالبية لاعبيه في منافسات كأس إفريقيا للاعبين المحليين. المشاركات الإفريقية للأندية الوطنية، دائماً ما تضع لجنة البرمجة في مأزق، خاصةً إذا بلغت أدوراً متقدمة فيها، إذ تتراكم عليها مباريات الدوري، ما يؤثر سلباً على أداء هذه الفرق في البطولة الوطنية، ويجعلها خارج دائرة الصراع عن اللقب. أما الجانب التحكيمي في الدوري المغربي الإحترافي، ففضائحه حيرت المتتبعين، حتى أمست مباريات البطولة الوطنية تكاد لا تخلو من احتجاجات الأطقم التقنية واللاعبين على قرارات الحكام، وتصريحات هنا وهناك تحمل في طياتها اتهامات وتشكيكات في نزاهة التحكيم المغربي. جُمود وفراغ مُستفِزّان.. تعيش الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم جمود وفراغ مستفزان، على بعد أقل من سنة عن إحتضان المغرب لمنافسات كأس أمم إفريقيا.. ضرب من الإستهتار قبل وبعد عقد الجمع العام الإنتخابي الشهير، والذي أبطله الإتحاد الدولي لكرة القدم، دفع ثمنه المنتخب الوطني للاعبين المحليين في "الشان" الأخيرة بجنوب إفريقيا، بتعيين حسن بنعبيشة مدرباً قبل أسبوعين فقط من انطلاق المنافسة، وبتضييع لتواريخ الفيفا جعل المحليين يتخبطون في الإرتجالية.. نفس المصير سيكون في إنتظار الأسود، في ظل غياب مروض لها قبل أشهر من دخولها غمار المنافسة على "الكان" وفراغ في الجامعة لحوالي أربعة أشهر، تملأه جامعة جبانة لتصريف الأعمال مفوضة رئاستها إلى عبد الله غلام، جبانة لعدم قدرتها على تحمل المسؤولية و تعيين مدرب للمنتخب، فكان التحدي الأكبر بالنسبة لهم هو تعيين مدرب للأسود لمباراة واحدة ودية من المقرر أن تجرى في الخامس من الشهر المقبل، ليتم إقناع حسن بنعبيشة، الرجل الصالح لكل زمان ومكان، لتولي هذا المنصب ل90 دقيقة، تكرس سلسلة المهازل الكروية في منتخبنا.. أسُودٌ "بَكماء".. حُرِمت من "فِطرَة" الزّئير! مجموعة من الأمور تغيرت نحو الأفضل، لكن ذلك لم ينعكس بالإيجاب على المنتخب الوطني المغربي الذي ظل طريقه نحو المجد.. فَطِنَ البعض وسَلّم بأن أزمة الأسود دخلت مساراً قد تصبح فيه مزمنة، فيما فضل البعض الآخر العيش على أطلال الماضي وإنجازات رجالات لم تكن تفقه في التكتيك الحديث الشيء الكثير، لكنها تسلحت بقميص يحمل ألوان الوطن، فنازلت به كبار المنتخبات و صنعت به تاريخاً لا زال يشفع لكرتنا حتى الآن في حجز مكان لها داخل خريطة اللعبة. أسود الأطلس، منتخب أضحى لقمة سائغة في متناول المنتخبات المغمورة، تحصيل حاصل لعدم استقرار الإدارة التقنية وتملص من المسؤوليات وأشياء أخرى.. ورش المنتخبات، خاصةً الأول منه، سيظل دائماً وأبداً الورش الأهم أمام أي مكتب جامعي تحت رئاسة أي كان، فإن لم تعد الأسود إلى السكة الصحيحة، فلن تكون لباقي الإنجازات أية قيمة، ففشل المنتخب، فشل للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومواصلته الفشل، فشل لمنظومة الكرة الوطنية.. * لمزيد من أخبار الرياضة زوروا هسبريس الرياضية Hesport.com