تجاوزت العملة الرقمية "بتكوين" 70 مليون سنتيم (70 ألف دولار) للمرة الأولى، بعدما شهد طلب المستثمرين على المنتجات المشفرة الجديدة ارتفاعاً ملحوظاً، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة إمكانية الإسراع في إدماج العملة الرّقمية في الاقتصاد الوطني المغربي، بعدما كان بنك المغرب قد حذر سابقا من التعامل بها قبل أن يكتشف أهميتها في سياق عالمي. المحللون الذين تواصلت معهم هسبريس اعتبروا أن "العملات الرّقمية لها قدرة على تأهيل الرقمنة في الاقتصاد المغربي، لكن مشكلة السيولة والكتلة النقدية المتداولة خارج ما هو رقمي، مازالت تبين أن المغرب سيواجه بعض التحديات العملية في رقمنة شاملة للاقتصاد"، مؤكدين أن العملة الرقمية من شأنها تدبير الشفافية، رغم بعض الصعوبات التي مازالت مطروحة أمامها". "دخول قريب" ياسين عليا، باحث محلل اقتصادي، قال إن "الارتفاع الملحوظ الذي تعرفه عملة بتكوين الآن، يؤكد أن العملات الرقمية المشفرة، هي عملات المستقبل، وبنك المغرب بدوره يطمح إلى صياغة عملة رقمية خاضعة للسيادة الوطنية وللضبط، نظرا لصعوبة ضبط عملات يمكن استعمالها في تمويل الإرهاب أو تبييض الأموال"، موضحا أن "دخول العملة الرقمية إلى الدورة الاقتصادية في المغرب، لا مفر منه". وأوضح عليا، في تصريح لهسبريس، أن "هذه العملة قدر تاريخي لا يمكن المزايدة عليه، التحولات التي يشهدها العالم تنبئ برفع الاعتماد عليها، خصوصا في سياق الخلخلة التي يشهدها السوق النقدي الدولي من خلال محاولة مجموعة بريكس إعداد عملتها الخاصة ومحاولة إزالة الدولار من على عرش العملات الورقية"، معتبرا أن "كل هذه العوامل تفرض أن يكون المغرب مستعدا لكل هذه التحولات". وسجل المتحدث أن "هذه العملة ستعرف تداولا أكبر في ظل الاتجاه نحو الاقتصاد الرقمي، خاصة مع الثورة الرقمية المستمرة والتحول نحو التقنيات الجديدة"، مؤكدا أن "حذر بنك المغرب كان مفهوما، ولكن السياق الحالي يجبر الاقتصاد الوطني على تجاوز كل نقص ممكن في المستقبل وأن يكون مستعدا للانفجار المتوقع لهذه العملات الرقمية، مع أن ارتفاع قيمة بتكوين لا يستعجل مرور المغرب نحو هذا النوع من العملات، لكونها عملات لا تعرف استقرارا في الأسواق، بل تشهد تغيرات عديدة ومتواترة". "عملة المستقبل" إدريس الفينة، خبير اقتصادي رئيس مركز المستقبل للتحليلات الاستراتيجية، قال إن "العملات الرقمية في المغرب يجب في الحقيقة تقنين التعامل بها، باعتبارها أولا معطى واقعيا أفرزه التطور التكنولوجي، وباعتبار أن صندوق النقد الدولي نفسه أوصى عددا من الدول وبنوكها المركزية بالاهتمام بهذه العملات"، مشيرا إلى أن "مجموعة من المغاربة، خاصة أولئك الذين يتعاطون التجارة الإلكترونية، يتعاملون بهذا النوع من العملات، رغم عدم وجود أرقام دقيقة بخصوص حجم التعامل". وأضاف الفينة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الإشكال الوحيد الذي يطرحه تداول العملات الرقمية هو إشكال السيادة؛ كونها لا تخضع لرقابة دولة أو بنك مركزي معين، وهو ما يفسر حذر بعض الدول من الترخيص بتداولها، خاصة وأنها تخضع لسيطرة شركات وأشخاص، وليس مؤسسات ذات سيادة، وهو ما يعرضها لهزات مالية على غرار الانهيار المفاجئ لقيمتها كما وقع مع عديد العملات الرقمية الشهيرة". وأوضح المتحدث في المقابل أن "مجموعة من الدول، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين، تسير في اتجاه تقنين هذه العملات، وأصبحت تهتم بها بشكل كبير بالنظر إلى إيجابياتها في تقليص كلفة الخدمات المالية وسرعتها كذلك، على غرار التحويلات، في حين إن المغرب لم يسر بعد في هذا التوجه، رغم أن العملة الرّقمية لن تصنع فرقا حاسما في الاقتصاد الوطني دفعة واحدة، ولكنها ذات أثر محوري في بنية اقتصادات المستقبل".