مر شهر كامل على تنظيم حفل الانطلاق الرسمي لاحتفالية (مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي لعام 2024) الذي نظمته، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمملكة المغربية بالتنسيق والتعاون مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" مساء يوم الجمعة 26 يناير 2024 في مسرح ميدان بمدينة مراكش. وكان حفلا ثقافيا بهيا ترأسه السيد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، والدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام ل"الإيسيسكو"، وحضره عدد من كبار الشخصيات السياسية والديبلوماسية والعلمية والثقافية، من بينهم رئيس مجلس المستشارين المغربي، وسفير المملكة العربية السعودية لدى المملكة المغربية، ووالي جهة مراكش أسفي عامل عمالة مراكش، والنائب الأول لعمدة مراكش، وعدد من أعلام الفكر والثقافة والفنون، وممثلو وسائل الإعلام المحلية والوطنية والدولية، وجمهور غفير من سكان مدينة البهجة والمهتمين بالتظاهرات الثقافية. مر شهر كامل على الانطلاق الرسمي لاحتفالية مراكش عروس العواصم في العالم الإسلامي ولم نسمع بعد عن اجتماع لجنة عليا مشتركة تشرف على الاحتفالية، أو نشر البرنامج العام للاحتفالية في مدينة تشهد كما هائلا من الأنشطة الثقافية والفنية وزيارة الآلاف من السياح من داخل المغرب وخارجه. استشعارا من منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" بأهمية الحدث، وحرصا منها على أن تكون هذه الاحتفالية متميزة وراقية، بادر الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام ل "الإيسيسكو" بالتواصل مع الجهات المعنية حيث التقى يوم 22 فبراير الجاري في مدينة مراكش الدكتور فريد شوراق، والي جهة مراكشآسفي، وتدارس معه أوجه التعاون بين "الإيسيسكو" وولاية الجهة لتوفير الشروط الضرورية لنجاح الاحتفالية وتحقيق الأهداف المنشودة منها. وتم الاتفاق على تنفيذ عدد من الأنشطة لفائدة الشباب والنساء وهيئات المجتمع المدني، وتنسيق مشاركة وفود من دول العالم الإسلامي وخارجه في هذه الأنشطة. كما تم الاتفاق على تشكيل فريق عمل من "الإيسيسكو" يسهم في وضع خطط تنفيذية ذات الصلة بالاحتفالية. كما التقى يوم 23 فبراير الجاري السيدة فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بالمملكة المغربية، وتدارس معها سبل إنجاح الاحتفالية. لا غرابة أن يتحرك المدير العام ل"الإيسيسكو" بهذه الدينامية من أجل توفير كل الشروط لنجاح تنظيم احتفالية مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي، فالحدث يجب أن يكون في مستوى الرعاية الملكية السامية التي حظيت بها مدينة مراكش العريقة بتاريخها التليد وآثارها الحضارية ومكانتها الثقافية والسياحية كوجهة ثقافية عالمية لترسيخ قيم التعايش والحوار. كما يلزم أن تكون الاحتفالية عند حسن ظن وزراء الثقافة في العالم الإسلامي الذين قرروا بالإجماع في مؤتمرهم بمدية مسقط عام 2015 اختيار مراكش عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي. لمدينة البهجة مراكش عراقة تاريخية وحضارية، ومكانة ثقافية وسياحية متفردة مكنتها من أن تتبوأ بجدارة واستحقاق المراكز الأولى في الترتيب العالمي للمدن السياحية الزاخرة بالمعالم الحضارية والغنية بالتنوع الثقافي والمنفتحة على كل الأديان والثقافات، مما جعلها قبلة لملايين السياح يتوافدون عليها من كل أقطار العالم. كما تحتضن مراكش وتستضيف طيلة أشهر السنة عشرات المؤتمرات والندوات والتظاهرات الفنية الكبرى. ولعل أشهرها المهرجان الدولي للسينما، والماراثون الدولي لمراكش، والمهرجان الوطني للفنون الشعبية، وغيرها من التظاهرات الثقافية والفنية المحلية من أبرزها العروض الفنية المتنوعة التي تشهدها ساحة جامع الفناء كل يوم. من الممكن أن تدرج هذه التظاهرات الثقافية والفنية في البرنامج العام لاحتفالية مراكش، ومن الممكن أن تسهم في تصحيح المعلومات الخاطئة عن الثقافة والحضارة الإسلامية لدى السياح الأجانب الذين يتوافدون على المدينة. وفي هذا الإطار يمكن تنظيم مهرجان للفنون الشعبية في دول العالم الإسلامي بالتنسيق مع جمعية الأطلس الكبير التي يرأسها الدكتور محمد لكنيدري، الذي سبق أن تقلد منصب وزير التربية الوطنية في المغرب وبالتالي عضو المؤتمر العام ل"الإيسيسكو"، ورئيس اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، ثم رئيسا سابقا لجامعة القاضي عياض العضو في اتحاد جامعات العالم الإسلامي التابع ل"الإيسيسكو". خلاصة الكلام إن احتفالية مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي فرصة سانحة لتوسيع الإشعاع الثقافي والسياحي لهذه المدينة، وإبراز خصوصياتها الفكرية والحضارية، كمدينة مغربية إسلامية تمثل نموذجا رائعا ومتفردا للتسامح بين أتباع الأديان، والتلاقح بين الثقافات، والتعايش بين الأمم والشعوب. ولعل المناسبة مواتية لجميع مسؤولي المدينة ومنتخبيها ومثقفيها وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والإعلام ومواطنيها عامة، لكي يساهموا بجدية ومسؤولية، ويكثفوا الجهود والتنسيق والتعاون من أجل إنجاح هذه الاحتفالية التي تستحقها مدينتهم، مدينة بهجة المغرب الذي حمل اسمها في وقت من تاريخه، ولكي يكونوا قبل ذلك في مستوى الثقة الملكية التي منحتهم الرعاية السامية لاحتفالية مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي.