منذ انفصاله عن حزب الاستقلال في سنة 1959 نتيجة لاختلافات مذهبية وإيديولوجية مرتبطة بسياقات وطنية ودولية،شكل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد البصري وافدا جديدا بخيارات وتوجهات جديدة على الساحة الوطنية آنذاك ، كانت تمثل آفاقا لشرائح هامة من الشعب المغربي . وقد تمكن الحزب فعلا من كسب ثقة الجماهير و حمل راية النضال و الصمود في وجه التسلط و الفساد والتزوير والميوعة ، داعيا إلى تخليق الحياة السياسة في إطار مؤسساتي واضح وفصل صريح بين السلطات. "" وفي سنة 1974 ، انشق حزب الاتحاد الاشتراكي عن حزب الاتحاد الوطني الذي بقي زعيمه الأستاذ المجاهد الراحل عبد الله ابراهيم ثابتا على مبادئ الحزب و قناعاته التي قاسمه فيها مناضلوه ممن تبقى من الحزب . وإذا كانت فترة السبعينات والثمانينات وحتى بداية التسعينات قد حملت حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على أكتاف الجماهير والطبقات الكادحة من الشعب نتيجة مواقف وتضحيات كانت بحق تنعش السياسة و تنشط الحياة الحزبية وتزرع الثقة والإعجاب في نفوس منتسبي الحزب والمتعاطفين معه ،إلا أن الاتحاد الاشتراكي لم ينصف تاريخه ، ولم يكن في مستوى تطلعات الجماهير المتعلقة به ، بسبب اختيارات خاطئة وانزلاقات سياسية خطيرة وتفاهمات أجهزت على رصيد الحزب وبدأت تفقده الكثير والكثير من منجزات محسوبة عليه . وإذا كان التاريخ فعلا يعيد نفسه ، فلأن القدر لا يرحم ، ودوام الحال من المحال ... لذلك لم يحسن الاتحاد الاشتراكي استثمار التعاطف الجماهيري و التضامن الوجداني الذي زرعه الحزب ، فصار ينخرط في اللعبة السياسية وما يرافقها من لعب و لهو وصبيانيات سياسية ، و راح يساهم بفاعلية في حملات التسفيه والتتفيه التي تطال الحقل السياسي ، و بات أقرب إلى حزب إداري خانع و تابع لا موقف يميزه و لا خطوات و بطولات تحسب له. هذا وغيره هو ما حرك أجنحة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية التي كانت تتنازع إلى وقت قريب للتوحد و التكامل و المصالحة ( جناحي الرباط و الدارالبيضاء ..) وعقد لقاء لطي مختلف المشاكل التي كانت مثارة داخل الحزب العتيد و الاتفاق على مشروع بنيوي متجانس لإعادة إحياء حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و التأسيس و تجديد الهياكل و الفروع و المنظمات الموازية للانطلاق بالحزب من جديد وفق المبادئ المتعارف عليها بين الرفاق المناضلين ، الذي يحاولون جاهدين استغلال ترهل حزب الاتحاد الاشتراكي خصوصا بعد انتخابات 2007 التي مني فيها الحزب بنكسة مدوية . فهل يشكل الاتحاد الوطني البديل للإتحاد الاشتراكي في استحضار المواقف النضالية النبيلة ؟ وهل سينتقل مناضلو الاتحاد الاشتراكي الغاضبون من سياسة الحزب والمسار الملتبس الذي يسير فيه والتخبط الذي يعيشه ، إيديولوجيا و شبابيا و وزاريا و شعبيا غلى الحزب الأم ، وبالتالي نشاهد ترحالا جماعيا و نزوحا جماعيا نحو الاتحاد الوطني (الاشتراكي) للقوات الشعبية؟؟ قد تكون الانتخابات الجماعية القادمة هي الفيصل القاسم في هذا التحول المحتمل ، بالأخص إذا ما تلقى الاتحاد الاشتراكي للمرة الثانية ضربة موجعة ...إذاك يمكن أن نتابع فصول انشقاق من نوع آخر ، انشقاق من الفرع نحو الأصل ، أو عود على بدء..