يكشف أشرف جويد، المقاتل المغربي في سوريا، في الجزء الأخير من الحوار مع هسبريس، عن انتماءاته السياسية السابقة قبل أن يغادر المغرب، ابتداء من حزب العدالة والتنمية ثم حزب النهضة والفضيلة، مشيرا إلى أن حزب بنكيران "خيب آمالنا وبدد أحلامنا، ووقع في فخ تسيير الشأن العام الذي وقع فيه سابقا الاتحاد الاشتراكي". وانتقد الشاب، الملقب بأبي أنس الأندلسي، مواقف الحكومة المغربية وطريقة عملها، مبينا أن حزب "المصباح" قارن مصلحة المنصب والجاه بمفسدة الدفاع عن فقراء مظلومين"، مردفا "أن هناك حاليا حديث عن ملف المهاجرين المغاربة للشام في البرلمان"، داعيا الحكومة إلى أن "تهتم بالزيت الدقيق، وتترك الكلام في ملفات ليست من صلاحياتها". هل تحدثنا عن جبهة النصرة في سوريا، فكرها وأهدافها؟ جبهة النصرة هي جماعة معتدلة تنتمي فكريا للتيار السلفي الجهادي وتنظيميا لتنظيم القاعدة، وأميرها الشيخ أيمن الظواهري، وهي تحظى وأميرها الشيخ أبو محمد الجولاني بتأييد من شيوخ المنهج الجهادي كأبي محمد المقدسي، وأبو قتادة وسليمان العلوان، وشيوخ الجزيرة العربية المعتقلين عند النظام السعودي. وتحظى الجبهة بشعبية كبيرة في صفوف الشعب العربي السوري، وبتقدير من كل الفصائل الجهادية.. فهي أول من أدخل أسلوب العمليات الاستشهادية والسيارات المفخخة لأرض الشام، واشتهرت الجبهة بنظافة عملياتها، إذ لم تتورط في دم أي مسلم أو سوري بريء. وهدف جبهة النصرة يلتقي مع أهداف جل الفصائل الإسلامية الجهادية في الشام من حيث إسقاط النظام الأسدي، وإقامة دولة إسلامية تحكم بشرع الله، إلا أنها تمتاز عنهم بكونها لا ترغب بالمشاركة في نظام الحكم الجديد، بل تفضل بيعة أي أمير يطبق شرع الله. وتقول في أدبياتها أنها ستنتقل للجهاد في بلد آخر، بعد تحرير سوريا، وعينها على فلسطين. هل تواصلت معها قبل وبعد ذهابك لسوريا؟ لا لم أتواصل معهم قبل سفري للشام، اقتصر تواصلي مع إخوة من حركة أحرار الشام الإسلامية وحركة شام الإسلام (المغربية) وجيش الإسلام .. و كذا إخوة من كتائب عز الدين القسام الفلسطينية، وأنصار الشريعة التونسية .. لكن بعد أن وصلت للشام كنت دائم التردد على مقرات الجبهة، ومما أعجبني فيهم سعة صدرهم وقبولهم للنقد والرأي الآخر وحسن أخلاق عناصرها . أنتم تقاتلون في سوريا، لكن ضد من، ضد مسلمين آخرين؟ أعوذ بالله أن نؤذي مسلما، نحن أصحاب مبادئ، ونقاتل كل ظالم ولو كان على منهجنا، هنا نقاتل نظام بشار الأسد وجيشه وشبيحته وحزب اللات، ولواء أبو الفضلات والميليشيات الطائفية العراقية والإيرانية واليمنية و اللبنانية الباكستانية والحرس الثوري الصفوي الفارسي المجوسي وجيش المهدي وفيلق القدس الإيراني وفيلق بدر الرافضي العراقي وخبراء وقناصين من روسيا والصين وكوريا الشمالية وفنزويلا وأوكرانيا ... هل هؤلاء مسلمون؟ ثم إن ما ندين الله به أن النصيرية والرافضة طائفتان مرتدتان، و يشهد الله أننا لا نقاتل في سوريا إلا الظالم ومن وقف في صفه. هل تفكر في الرجوع بعد الانتهاء من القتال؟ إن كنت تقصد المغرب، فإننا لا نفكر في الرجوع إليه إن شاء الله، بل في الاستمرار بالجهاد الشامي حتى تحرير سوريا ولبنان وفلسطين إن شاء الله. لماذا يتم الزجّ بكم في الصفوف الأولى؟ خاصة أن عددا من السوريين فروا إلى المغرب، ألا ترون أنكم في المعركة الخطأ؟ والله لا يزج بنا أحد، بل نحن من نطلب الصفوف الأولى، ونسجل أنفسنا بمجموعات الاقتحام طمعا أن يرزقنا الله الشهادة. ثم الأعمار بيد الله لا ينقص منها ذهاب للمعركة أو وقوف في الصف الأول، و لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، والشعب العربي السوري لم يهرب بل فجر ثورته المباركة، وخرج عن بكرة أبيه لساحات و ميادين الحرية والإباء. الآن الأمر تغير، وتحولت الثورة السلمية إلى جهاد وعمل مسلح، والقتال يحتاج رجالا أشداء مؤمنين عقديين، وعدد المجاهدين والمقاتلين الآن يجاوز ال200 ألف، فهرب النساء والأطفال والشيوخ والمرضى و بعض الجبناء إلى مخيمات اللجوء خارج الشام. نحن في المعركة الرئيسية الأساسية ومستمرون فيها حتى النصر أو الشهادة، لن نخذل أمتنا. ولن تؤتى أمتنا من قبلنا. أليس ظلما من يترك أهله وأولاده وزوجه ويذهب لسوريا؟ الله المستعان، هذه هي الحرب مآسي وآلام، وأقلب السؤال: أليس ظلما أن يذبح ويقتل ويغتصب إخواننا في الشام، ونحن ننعم بملذات الدنيا مع أهالينا و أزواجنا و أبنائنا ؟ بعض الإخوة المهاجرين زوجاتهم حرضنهم على الجهاد، هن من يرعين الأطفال، الرزق بيد الله لا بيد الزوج. فالمهاجر ترك أهله لله ولن يضيعهم الرحمان الرحيم، فالذي يرزق الأسرة التي توفي معيلها يرزق الأسرة التي هاجر معيلها للجهاد. يقال الحياة في سبيل الله خير من الموت في سبيل الله، هل تتفق مع هذا؟ "يضحك".. هذه عبارة يرددها الجبناء وأشباه الرجال الذين خذلوا إخوانهم كذا شيوخ السلاطين والبلاط الذين يحاربون الجهاد بإيعاز من الأنظمة الطاغوتية لكي لا تتهدد عروشهم.. إن الجهاد هو نفسه حياة في سبيل الله، فنحن هنا حياتنا كلها في سبيل الله، نعد ونستعد ونجاهد ونقاتل حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون هذا الدين عاليا ولا يعلى عليه. ثم الأجر والجزاء الذي وعد الله به المجاهد والشهيد لم يخصصه لأي عبادة أخرى كما في حديث "الخصال السبع للشهيد"، فنحن نعيش في سبيل الله ونسأله تعالى أن يكرمنا بالموت في سبيله. ما موقفك من الإخوان المسلمين؟ "الإخوان المسلمون" كفكر الإمام الشهيد المؤسس حسن البنا تقبله الله ،أوافقهم 100% ويشرفني الانتماء لهذه المدرسة الدعوية الجهادية العظيمة، كما يشرفني أن أكون قطبيا على فكر الشهيد سيد قطب والمفكر محمد قطب رحمهما الله . هذه المدرسة خرجت مجاهدين أبطال كعبد الله عزام وأحمد ياسين وعلي بلحاج وعباس مدني وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم ممن رفعوا لواء التوحيد و الجهاد لعقود، إلا أنه لا يشرفني الانتماء لجماعة الإخوان اليوم .الذين تنازلوا عن الأصول والمبادئ وأعطوا الدنية في دينهم وتركوا الجهاد والسلاح وهادنوا أعداء الدين، فكان ما كان في مصر، وكلنا رأى محمد مرسي خلف القضبان ذليلا . على عكس سبيلنا الذي إما أن أرفع اللواء في دمشق وبيروت و القدس، أو أن أستشهد دون ذلك بطلقة عدو واقفا مقبلا غير مدبر. وماذا عن حزب العدالة والتنمية؟ كنت عضوا سابقا به، وكنا نؤمل فيه كثيرا، إلا أنه خيب آمالنا وبدد أحلامنا، ووقع في فخ تسيير الشأن العام الذي وقع فيه سابقا حزب الإتحاد الاشتراكي فلم يختلف عن سابقيه، ولم يأت بالجديد بل يسير على نفس الطريق التي كان عليها عباس الفاسي، والتي رسم معالمها القصر مسبقا.. وحتى ملف الإخوة المعتقلين السلفيين في سجون المملكة الشريفة الذين كان الرميد يدافع عن ملفهم تنكرت لهم حكومة العدالة والتنمية والسيد وزير العدل. فهل يا ترى كان يدافع عن إرهابيين مجرمين؟ أم أنه قارن مصلحة المنصب و الجاه بمفسدة الدفاع عن فقراء مظلومين ؟ وكذلك وقفوا موقف مخز بدعمهم الحملة الصليبية العسكرية ضد مالي، وزيادة الضرائب و الأسعار على أولاد الشعب، واستمرار الفشل في السياسة الصحية و التعليمية والاجتماعية؟ والآن يتحدثون عن ملف المهاجرين المغاربة للشام في البرلمان! أتمنى من الحكومة أن تهتم بالزيت والدقيق وتترك الكلام في ملفات ليست من صلاحياتها.. أنت عضو بحزب النهضة و الفضيلة، ألا ترى بأنك تناقض تصوراته؟ وهل استشرت معه في الذهاب؟ لا لم أستشر أحدا لا في الحزب ولا في غيره، ولم أخبر أي عضو فيه، كنت أؤمن بالعمل السياسي ابتداء بحركة 20 فبراير، ثم حزب العدالة والتنمية ثم حزب النهضة والفضيلة، لكن الانقلاب العسكري البربري في مصر جعلني أرتد وأكفر بالديمقراطية والانتخابات وكل هذه الخزعبلات .الآن أختلف معهم فكريا لكن أحترمهم وأقدرهم وأتمنى لهم الخير والصلاح والتوفيق. ما هي القناعات التي تغيرت عندك لحد الآن منذ مغادرتك المغرب؟ اقتنعت أن الجهاد والكفاح المسلح هو الحل الوحيد لإقامة دولة إسلامية تحرير فلسطين وتحقيق أحلام الأمة، اقتنعت بأن الديمقراطية بنج مخدر نخر في جسد الأمة، ولله الحمد بدأت تستفيق منه بعد سبات طويل. اقتنعت أن الشعب العربي السوري العظيم يستحق أن يضحي الإنسان من أجله، وبوجوب أن تقف الأمة الإسلامية ضد المشروع الصفوي الإيراني المجوسي الرافضي. اقتنعت أن اللين والرفق بالأمة السبيل الأوحد لإحيائها، وأن التطرف والغلو سبب دمار وخراب. كلمة أخيرة؟ أشكر منبركم على إتاحة المجال لنا، وأستغل الفرصة لأرسل سلامي لأمي الحبيبة.. ونحن إن شاء الله هنا نقاتل بالنيابة عن أهل المغرب.