انتقلت حالة الاحتراب السياسي بين السلطة والمعارضة في مصر، إلى ساحة الفتاوى، بعدما أفتى أحد الدعاة المحسوبين على النظام الحاكم حاليا بطلاق الزوجة إذا ثبت انتماؤها لجماعة الإخوان المسلمين، ليطلب آخرون برأي شرعي مماثل في الزوجة التي رقصت أمام الأجانب أثناء الاستفتاء على الدستور. رد الفعل الرسمي، والشعبي، اعتبر جدل الزواج من المرأة الاخوانية، نوعا من المزايدة السياسية، وعبثا بالدين وتكريسا للانقسام في المجتمع. البداية كانت مع الداعية والمذيع مظهر شاهين المعروف بدعم خريطة الطريق، والذي قال في برنامج تليفزيوني بعنوان "مع الشعب": "واحد (يقصد رجل) يتزوج واحدة (امرأة) ويكتشف أنها خلية إرهابية نائمة في منزله، أي قنبلة ... ولو تعارضت مصلحة زوجتي مع المصلحة الوطنية يبقى بلدي الأول، هذا يسمونه فقه الأولويات". غير أن شاهين المعروف بخلافه مع جماعة الإخوان المسلمين، سرعان ما تراجع عن فتواه، قائلا في حديث تلفزيوني: "الخلاف السياسي ليس مبررا للطلاق .. أنا لم اقل بوجوب طلاق الإخوانية، ولكن بجواز طلاق الإرهابية، والتي إن تراجعت عن أعمال العنف أيا كان انتماؤها فلا يجب أن يطلقها الزوج". وتصنف السلطات المصرية "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية، وتصف وسائل إعلام حكومية وخاصة المنتمين لها ب"الإرهابيين". وعلى خطى شاهين، تراجعت أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعاد صالح، عن فتواها بفسخ الخطبة من الفتاة إذا ثبت إنها "إخوانية" قائلة إن الصحافة تتعمد الإساءة لشخصها. كانت سعاد صالح دعت في برنامج تليفزيوني تقدمه بعنوان "فقه المرأة"، لفسخ خطبة الشاب من خطيبته إذا كانت تنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، بدعوى الحفاظ على الأسرة والدين ولمصلحة العائلة والوطن، وذلك ردا على اتصال من إحدى السيدات، تقول إن نجلها مرتبط بإحدى فتيات "الإخوان" التي شاركت في اعتصام رابعة العدوية (شرقي القاهرة) وتخرج في مظاهرات. وبررت سعاد صالح تراجعها في مداخلة تلفزيونية على أحد القنوات المصرية الخاصة قائلة إن ما حدث هو توجه أحدى المشاهدات لها بسؤال حول خطبة ابنها الضابط لإحدى الفتيات اللاتي ينتمين إلى جماعة الإخوان، والتي يختلف سلوكها ( تقصد الفتاة) عن سلوك عائلة هذا الشاب، وذكرت صالح: "فأجبتها بأنه لعدم حدوث مشاكل وأزمات فيما بعد وخوفا من عقوق الوالدين، عليه فسخ الخطبة". فتاوى الطلاق أو التحذير من الزواج أثارت جدلا ورفضا رسميا، فضلا عن عدد من الشخصيات السياسية والدينية. دار الإفتاء التي تعد الجهة الرسمية المسؤولة عن إصدار الفتاوى في مصر، اعتبرت فتاوى الزواج من إخوانية "مزايدة بسبب المتغيرات السياسية" بحسب بيان لها أمس الأول وصل الأناضول نسخة منه. وقالت دار الافتاء إن "تطليق الرجل زوجته لانتمائها لجماعة أو حزب سياسي هو رأي شخصي وليس فتوى شرعية، وقد شابه نوع من المزايدة بسبب المتغيرات السياسية، وليس أسباب الطلاق الواردة في كتب الشريعة؛ خاصة مع التحذير الشديد من التطليق بغير موجب شرعي وفق القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة". غير أن دار الافتاء استدركت في بيانها قائلة: "لكن إذا ثبت تورط أحد الزوجين في أعمال إرهابية فالمرجع في ذلك إلى جهات التحقيق". وكانت دار الافتاء حذرت من أوقات سابقة، مما أسمته فوضى الفتاوى التي تشهدها الساحة المصرية، خاصة عبر الفضائيات الخاصة. من جانبه اعتبر حزب النور السلفي، المؤيد للسلطة المصرية الحالية أن "فتوى تطليق الزوجة الإخوانية، عبث بالدين وتكريس للانقسام في المجتمع". وقال شريف طه، المتحدث الرسمي باسم الحزب "النور" في تعليق له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "إقحام مصلحة الوطن في ذلك - نوع من المزايدة بالوطنية التي صارت للأسف الشديد سمة الخطاب السياسي الحالي". فيما طالب عصام تليمة السكرتير السابق ليوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "برأي شرعي مماثل في الزوجة التي قامت بالرقص أمام الأجانب، وقامت بتشجيع قاتل على قتل الشعب "(في إشارة إلي ظهور نساء وفتيات مويدات لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، رقصن أثناء عملية الاستفتاء علي الدستور منتصف الشهر الماضي). وقال تليمة عبر صفحته الشخصية علي فيسبوك: "زوجتي إخوانية وأفتخر بذلك، ليس فخرا يدفعني أو يدفعها للتعالي على الناس، أو ادعاء الأفضلية، أو الانتقاص من شأن المصريات الفضليات في بلدي والأمة الإسلامية". الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف علق بدوره على جدل الزواج بالمرأة الاخوانية، والتي اعتبرها "تكرارا لما كان يحدث بعهد الإخوان". وقال يوسف في برنامج تلفزيوني إن "هذه الفتاوي تكرار لفتاوي كانت تطلق من قبل في عهد الإخوان بأن العلمانيين لا يدخلون الجنة ". *وكالة الأناضول