شكل قرار مجلس إدارة القرض العقاري والسياحي "السياش" نهاية الشهر الماضي بإقالة خالد عليوة من على رأس المؤسسة مفاجأة ، نظرا لكونه جاء بدون مقدمات أو خلخلات إدارية أو إعلامية كما جرت العادة عندما ترتئي السلطات العليا إزاحة مسؤول ما لاعتبارات معينة. "" وكانت قضية شراء خالد عليوة لعقار فاخر تابع للقرض العقاري والسياحي بثمن أقل من المستحق قد أعادته إلى الواجهة بعض الشيء بعدما كان غائبا أو مغيبا. وكانت أسبوعية "الحياة" المغربية قد نشرت تحقيقا في أكتوبر الماضي ، كشفت فيه إن خالد عليوة اشترى عقارا من النوع الممتاز بوسط الدارالبيضاء بثمن لا يتعدى مليونا و800 ألف درهم فيما تصل قيمة هذا العقار قبل 10 سنوات، حسب خبير محلف، إلى ستة ملايين و900 ألف درهم. وحسب التحقيق نفسه فإن القرض العقاري والسياحي سبق له أن عرض بيع هذا العقار قبل أربع سنوات بسعر حدده في 3 ملايين درهم، عندما طالب المالك الأصلي للعقار باسترجاع ملكه بسعر حدده في 1800000 درهم. ونفى عليوة أن يكون قد خرق المسطرة القانونية المنظمة لتفويت ممتلكات البنك، وقال عن ثمن 180 مليون سنتيم الذي اشترى به الشقة التي تبلغ مساحتها 500 متر مربع بشارع الرشيدي، إن من حق "السياش" أن تبيع أي ملك من أملاكها للعاملين فيها وفق الثمن الذي تراه شريطة ألا تخسر فيه ويمكن أن تفوته بالمجان ورغم ما أثارته القضية من جدال حول مدى قانونية هذا الإجراء ، إلا أن إثارة القضية بذلك الإخراج والتغطية الإعلامية التي واكبته أعطت الانطباع أن هذا الحدث سيكون له ما بعده ، وأن أيام عليوة أصبحت معدودة على رأس القرض العقاري والسياحي. حتى أن عليوة في إحدى تصريحاته لجريدة المساء قال بالحرف "كلنا أيامنا معدودة وأنا لم أبدأ مشواري المهني كموظف في السياش ، لقد كلفني جلالة الملك بمهمة في هذه المؤسسة وبالطبع فهذه المهمة سيأتي أجلها لأن الإنسان لا يخلد في مهمة ما" ، مؤكدا في ذات الحوار أن مهمته في "السياش" ليست مرتبطة بالمساهمين فيها وإنما مرتبطة برغبة جلالة الملك لأنه هو الذي عينه في هذا المنصب." وتأتي إقالة عليوة ، الوزير الاتحادي السابق وعضو المجلس الوطني للحزب في ظل التجاذب الحاصل بين قطبي الأغلبية المشكلة للحكومة ، حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي حيث أن هذا الأخير بدأ يصعد من خطابه المنتقد للحكومة ولسياساتها ، ويسير نحو التموقع كمعارضة للحكومة من داخلها . وما زاد من تأزم الوضع داخل المجموعة الحاكمة، اتجاه حزب عبد الواحد الراضي إلى طرح مبادرته للإصلاحات الدستورية منفردا قبل موعد الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها في 12 يونيو القادم ، ضدا على توجه حزب الاستقلال ، الحليف المفترض . السلطة السياسية ربما ضاقت ذرعا بمناوشات و "حربائية" الحزب ، وخرجت عن صمتها وصبرها ، فقررت توجيه رسالة " تحذيرية " إلى الاتحاد ، من خلال إقالة خالد عليوة من منصبه بدون مقدمات ، وربما التمهيد للحسم في هذا الوضع المضطرب عبر التخلص من الشوائب العالقة على ظهر العمل الحكومي . كما ثمة قراءات وتأويلات لأحداث سياسية وتصريحات نقابية جرت مؤخرا تحيل على هذا الأمر وتعد بمفاجآت قادمة.