اعتراف رسمي جديد بوجود اختلالات في سوق الكتاب المدرسي بالمغرب صدر عن مجلس المنافسة، في تقرير حديث خلُص إلى استمرار الاحتكار في هذه السوق. وأفاد رأي المجلس حول سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي بأنه رغم التعدد الظاهر للفاعلين في قطاع إنتاج الكتاب المدرسي فإن مستوى تركيز السوق مازال عاليا، مرجحا أن الاستنتاجات التي خلص إليها في السياق ذاته، سنة 2009، "لم تتغير كثيرا". وكان مجلس المنافسة رصد، في الرأي الذي أنجزه سنة 2009، "وجود عدة روابط قانونية واقتصادية وأفقية وعمودية بين دور النشر والمطابع والمكتبات التي شاركت في طلبات العروض المتعلقة بتصميم المقررات المدرسية وإنتاجها"، لافتا إلى أن "معظم دور النشر والمطابع والمكتبات يتم تسييرها من طرف الأشخاص أنفسهم، أو يمتلكها أشخاص تجمعهم علاقات تجارية وأحيانا عائلية". ورغم أن هذه الترابطات لم تكن محظورة "بحد ذاتها"، بمقتضى قانون المنافسة، فإن مجلس المنافسة قال إنها "قد تنعكس سلبا على استقلالية العروض التي تقدمها دور النشر في إطار طلبات العروض المنظمة من قبل الوزارة الوصية (وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة)"، و"تتسبب في تضليل صاحب المشروع (الوزارة الوصية) إزاء تعددية واستقلالية العروض المقدمة من لدن مختلف دور النشر المشاركة". ونبه المجلس إلى أنه بوجود عدة روابط قانونية واقتصادية وأفقية وعمودية بين دور النشر والمطابع والمكتبات، التي تشارك في طلبات العروض المتعلقة بتصميم المقررات المدرسية وإنتاجها، تظل "مواتية لعروض المجاملة بين المتعهدين وتقاسم السوق، لاسيما عبر آلية المناولة". ومن ضمن أبرز الإشكاليات التنافسية التي تطرحها سوق الكتاب المدرسي بالمغرب، وأوردها مجلس المنافسة في رأيه الجديد، "الفتح الجزئي والمحتشم" لسوق الكتاب المدرسي في وجه المنافسة في مراحله القبلية على مستوى النشر. وسجّل المجلس أن الوزارة الوصية على القطاع علّقت فتح سوق الكتاب والنشر في وجه المنافسة في مراحله القبلية سنة 2008، ولم تطرح أي دعوة للمنافسة منذ هذا التاريخ، باستثناء الدعوات المتصلة ببعض المراجعات لمحتويات الكتب، على غرار تعديل الدستور سنة 2011 وإحصاء السكان سنة 2014... مشيرا إلى أن الوزارة، وفقا لبعض المهنيين، "تستمر في العمل مع الناشرين أنفسهم تقريبا إلى يومنا هذا، ما خلق حالات ريع حقيقية يستفيد منها هؤلاء". وبخصوص أسعار الكتب المدرسية المنظمة من قبل الدولة، قال مجلس المنافسة إنها "لم تخضع للمراجعة منذ سنة 2002′′، و"لم تعد تراعي قط تصاعد أسعار المواد الخام المسجلة في الآونة الأخيرة"؛ لافتا إلى أن الأسعار المعتمدة "لا تعكس حقيقة السوق"، و"قد تفضي إلى سلوكيات منحرفة في سلسلة إنتاج الكتاب المدرسي برمتها". وتوقفت المؤسسة ذاتها عند عملية "مليون محفظة"، التي تتحمل فيها الدولة تكلفة اقتناء الكتب المدرسية من المال العام بواسطة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بميزانية استثنائية بلغت قيمتها 550,5 ملايين درهم برسم الموسم الدراسي 2022-2023، استفاد منها قطاع النشر والطبع، داعية إلى احترام شروط المنافسة بين الفاعلين المستفيدين منها. وقال المجلس إنه "سيكون من المفيد افتحاص مسار ممارسة المنافسة بين هؤلاء الفاعلين، وتقييم مدى تأثير هذا الفرع من الأنشطة الذي تدعمه الدولة بصفة غير مباشرة على حرية المنافسة في سوق الكتاب المدرسي".