عقارب الزمن توقفت بمركز إيغيل بتوقف نبض بؤرة الزلزال، حيث اختفت مجموعة من القرى والدواوير الجبلية التي لم يبق منها سوى الخراب، فصارت عبارة عن أطنان من الركام جراء الهزة الأرضية العنيفة التي ضربت منطقة الحوز منذ أربعة أيام. هسبريس وصلت إلى بؤرة الزلزال، ليلة أمس، بعد 14 ساعة من القيادة عبر منعرجات جبلية خطيرة تتعرض لانهيارات صخرية بين الفينة والأخرى، الأمر الذي عرقل حركة السير بمجموعة من المحاور الطرقية لساعات طويلة، خاصة بالمحور الممتد من تاحناوت إلى قرية تلات نيعقوب. ومن أجل الوصول إلى قرية إيغيل المنكوبة يجب على العربات قطع مسافة أخرى تتراوح مدتها الزمنية بين ساعتين وثلاث ساعات، فيما نجحت القوات المسلحة الملكية في فك العزلة عن مركز بؤرة الزلزال، لكن مازالت قرى أخرى تئن تحت وطأة العزلة القاهرة في أعالي جبال إيغيل. وأمام صعوبة المسالك الطرقية تستعمل ساكنة القرى المعزولة الحمير والبغال لإيصال المصابين إلى المركز الذي توجد فيه سيارات الإسعاف، بالنظر إلى استحالة مرور المركبات بالطرقات الجبلية التي دمرها الزلزال، خاصة أن المنطقة تعرف بعض الهزات الأرضية الخفيفة بين الفينة والأخرى. وعند حلولنا بالمنطقة، تعرضت قرية إيغيل لهزات أرضية خفيفة لم تحدث أي أضرار مادية في ساعات مبكرة من صباح الثلاثاء، إلى درجة أن ذلك لم يعد يحرك شيئا في الساكنة التي اعتادت على الهزات الأرضية المتتالية، وباتت مستعدة لمواجهة اللايقين بعد فقدان أهاليها. محمد، عشريني من سكان القرية، قال إن "المواد الغذائية منعدمة بالمداشر الجبلية البعيدة عن مركز إيغيل، وكذا الكهرباء الذي انقطع عن القرى منذ ليلة الزلزال، الأمر الذي عمق أزمة الساكنة التي تبيت في الجبال بسبب غياب الخيام المؤقتة". وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأسر تعاني من انخفاض درجات الحرارة في الليل، خاصة الأطفال الذين لا يتوفرون على أي ملابس بعد انهيار المنازل"، مبرزا أن "المساعدات الغذائية التي توصل بها السكان منذ يوم واحد خففت من حدة الأزمة". وتوجد مجموعة من الدواوير التي مازالت معزولة إلى حدود كتابة هذه الأسطر؛ يتعلق الأمر بكل من "امشكر" و"تدفالت" و"أوديف" و"ألوس" و"تيمصلاح" و"أسلون" و"تيرغت" و"تامسولت"، لكن عناصر القوات المسلحة الملكية مرابطة بالمركز الجبلي لإعادة فتح الطرقات التي دمرها الزلزال. وسجلت بؤرة الزلزال بإيغيل عشرات الوفيات في الأيام الماضية، ذلك أن العزلة التي عرفتها القرية أدت إلى تأخر وصول سيارات الإسعاف إلى المنطقة، قبل أن يتم استعمال طائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار لتسهيل عمليات البحث والإنقاذ. وتتخذ القوات المسلحة الملكية من قرية "تلات نيعقوب" مركزا للعمليات الميدانية المتعلقة بالإنقاذ في المنطقة المجاورة لمركز إيغيل المنكوب، حيث انهارت أغلب الدواوير التي اختفت بأكملها في اليومين الماضيين، فيما تتواصل عمليات استخراج جثث الموتى من طرف السلطات العمومية.