السكتيوي يدشن مشواره في كأس العرب بمواجهة جزر القمر    طنجة المتوسط .. ضبط 12 ألف قنينة من غاز الضحك    المديرية الإقليمية للفلاحة بالحسيمة تكشف برنامج مشاريعها لسنة 2026    حموشي يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في الجمعية العامة للأنتربول    محكمة النقض الفرنسية تؤكد إدانة ساركوزي    القصر الكبير .. العثور على جثتي طفلين داخل حوض مائي    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    بعد مناورات دامت نصف قرن و24 يوما: فشل الحيلة الجزائرية في تأويل القرارات الأممية    تطوان: توقيف أحد الموالين لتنظيم داعش كان في طور تنفيذ مخطط إرهابي وشيك وبالغ الخطورة (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    مذكرات نقابات حول تحيين مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء تصل إلى "الداخلية"    قيوح يبحث التكوين البحري بلندن    دراسة: 60 بالمائة من التونسيات تعرضن لعنف قائم على النوع في الفضاء الرقمي    قتلى في حوادث سير بالجديدة وسطات    محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تدين بودريقة بالسجن 5 سنوات نافذة    ندوة الاستثمار تبرز موقع المغرب كفاعل صاعد في ربط البنية التحتية بالتصنيع وجذب الاستثمارات    بوانو: أدوية تباع للمغاربة بأسعار قد تُضاعف 280 مرة تكلفة الشراء    ندوة علمية بالقصر الكبير تُسلّط الضوء على التحولات الكبرى في قانون المسطرة الجنائية    لوكيوس تنظم ورشات كتابة الرواية والقصة بالأمازيغية    وفاة أربعة مغاربة من أسرة واحدة اختناقا في إسبانيا    نمو عدد ليالي المبيت السياحية بطنجة-أصيلة    السفير الصيني السابق بالرباط، لي شانغلينغ، يكتب عن الكسكس المغربي: « أبعد من مجرد وجبة طعام.. إنه تجربة إنسانية متكاملة»    الحكومة تعلن رفع قيمة الدعم الاجتماعي المباشر ابتداءً من نهاية الشهر    سفيان أمرابط، لاعب أساسي في ريال بيتيس (وسيلة إعلام إسبانية)    حزب العدالة والتنمية يعارض تشجيع ترشيح الشباب المستقلين في الانتخابات    654 مليون ورقة نقدية جديدة لتعزيز السيولة بالمغرب        إيموزار تحتضن الدورة الحادية والعشرون لمهرجان سينما الشعوب    مهرجان اليوسفية لسينما الهواة يعلن عن فتح باب المشاركة في مسابقة الفيلم القصير    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يستقبل 82 فيلماً من 31 بلداً ونجوماً عالميين    بلجيكا.. زكرياء الوحيدي يتوج أفضل لاعب مغاربي في الدوري البلجيكي الممتاز    تقرير: ريال مدريد يتصدر قائمة الأندية الأكثر مبيعا للقمصان على مستوى العالم    اعتزال صادم للحكمة الدولية بشرى كربوبي التي ترمي الصافرة.    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الجزائر ‬و ‬بريتوريا ‬تفشلان ‬في ‬إقحام ‬ملف ‬الصحراء ‬في ‬مداولات ‬قمة ‬قادة ‬مجموعة ‬العشرين ‬بجوهانسبورغ    عمدة نيويورك الجديد يفاجئ الجميع بإعجابه الكبير بالأسد المغربي مروان الشماخ    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬        علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    شركة عائلة نيمار تستحوذ على العلامة التجارية للأسطورة بيليه    سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    دوري أبطال أوروبا.. تشلسي يثأر من برشلونة وليفركوزن يصدم مانشستر سيتي    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    الاستجابة العالمية ضد الإيدز تواجه "أكبر انتكاسة منذ عقود" وفقا للأمم المتحدة    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    دراسة: التدخين من وقت لآخر يسبب أضرارا خطيرة للقلب    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَا الحَاجَةُ إلى الأَدَب؟
نشر في هسبريس يوم 18 - 08 - 2023


1
يجد المرء نفسه وهو يحاول الإحاطة بمبررات دراسة الأدب وتدريسه أمام سؤال حَتْمي: ما هو الأدب؟ سيتطوّر مع تطور العصور والمجتمعات والحركات الأدبية إلى سؤال آخر لا يقلّ أهمية عن سابقه، مفاده: ما جدوى الأدب؟ هكذا، ظل سؤال تدريس الأدب في تفاعل مستمر بين ما هو ذاتي وكُلِّي وإن اختلفت مجالات وأزمنة التلقي الأدبي، لأن فعل القراءة المتصل، هنا تحديدا، بتدريس الأدب، يبقى محط التفكير بما يفترض أن يكون " حقيقة " الأدب وأنماط ابتكاره للعوالم والمعارف واللغات.
لماذا نُدَرّسُ الأدب؟ وكيف ندرّسُه؟
سؤالان يبحثان في علاقة دَرْس الأدب بالتصوّرات النظرية التي تجعل من نصّ ما نصا أدبيا حسب معايير النَّوع ومُواضعات الثقافة والمجتمع، وفضاءات التداول، وأزمنة التلقي. ولذلك، يُطرح مفهوم القراءة – في مختلف نظريات التواصل والتاريخ الأدبي – بوصفه مفهوما وسيطا بين القارئ والنص؛ من هنا إمكانية الحديث عن فعل القراءة على نحو ما بين جان بول سارتر في كتابه: ما هو الأدب؟ بوصفه فعلا تركيبيا للإدراك والخلق، بواسطته يمكن الوصول إلى الحقيقة المفترضة للعمل الأدبي. ويمكننا أن نلحق بفعل القراءة العديد من الأوصاف نستخلصها من مختلف النظرية الأدبية والنقدية ومجالات تطبيقاتها على آثار أدبية بعينها: من الشكلانية الروسية إلى البنيوية والسيميائيات والنقد الثقافي والمعرفي وسواها من المناهج... وهذا يعني أن فعل القراءة ليس مجرد تلقّ للنص الأدبي أو الفني، وإنما هو فعل مُتصل بنسق فكري عام.
2
لأي شيء يصلح الأدب؟ كتاب لدافيد دينبي؛ لِمَ يصلح الأدب؟ لأنطوان كومبانيون؛ الأدب في خطر لتزيفيتان لتودوروف؛ وقبلها المطارحة الشهيرة بين رولان بارت وموريس بلانشو: إلى أين يسير الأدب؟ أضيف كذلك لهذه المؤلفات كتاب: موتُ الأدب لإلفين كرنان.... ثم هناك كتاب: نهايةُ الأدب لدومينيك مانغينو ... ولا ينبغي أن يغيب عن البال أن التشكيك في جدوى الأدب ليس سؤالا جديدا تماما، ألمْ يطرد أفلاطون الشعراء من " جمهوريته" لأنه لم يجد منفعة فيما يقولون؟
لعل حديث المؤلفات السابقة عن موت الأدب، يختزن، في عمقه، علاقة الأدب بالحياة، و بالقراءة والتدريس ... مما فصَّل القول فيه تودوروف في كتابه حين انتبه إلى أن المدرسة والجامعة لم تعد تهتم بما يُعَبَّر عنه بالأعمال الأدبية، وإنما بما ينشغل به النقاد والنقد... وهذا طريق لا يؤدي إلى عشق الأدب وقراءته، إضافة إلى الموقف السلبي من تدريس الأدب في الجامعة بصفة خاصة، سببُه عدم استجابة المعرفة التي تقدمها للتطورات المعرفية الجديدة؛ من هنا ضرورة إعادة تكوين " تصوّر " ملائم للأدب وللدراسة الأدبية والجدوى منهما.
هل ما زلنا بحاجة لتدريس الأدب في الجامعة؟
نعم.
لكن المشكلة تكمن في كيفية تدريسه اليوم والغاية منها، خاصة إذا عرفنا أن واقع كليات الآداب يتسم ب:
– هيمنة طرق التدريس العتيقة
– التحصيل غير المنتج عند طالب الدرس الأدبي
– خيارات التدريس التي لا تترجم قلقا معرفيا حقيقيا
يجد القلق الذي تترجمه هذه الوضعية صداه ضمن كيفية البحث عن طرائق مبتكرة لتأكيد أهمية التفكير في السؤال الأدبي من موقع السؤال الفكري العام.
معنى هذا، أن الأدب والجدوى منه يستمدّ قيمته من طبيعة الفضاء الثقافي الذي يساعد على إنتاجه. ومن الصعب أن يقابل تصوّر الأدب بمفهوم واحد يعرّفه، لأن الأمر يتعلق بوصف تجربة ونقل رؤية للعالم تغدوان إحدى إمكانات المعرفة الإنسانية.
3
أعود لمسألة العلاقة بين ماهية الأدب ووظيفته.
تظل الحاجة مَاسّة إلى الأدب لأنه يمنح الفرد والمجتمع قيمة فكرية تنبع من الواقع والمتخيل والإيتيك والإستتيك، أي قيمة قادرة على استيعاب مفارقات الحياة عبر لغة متجددة على الدوام؛ فما الذي يجعل من الضروري إيلاء الحاجة إلى الأدب هذا الاهتمام وفتحه على خطاب ثقافي وفلسفي وفكري؟
يظهرُ هذا السؤال، في تقديري، وجهة نظر جديرة بالتأمل لأنه يقرن الحاجة إلى الأدب بسؤال وظيفته. وحين يكون الأدب موضوعا للقراءة، فإنه يكشف عن مفهوم يخرجه من دائرة المعطى الإشكالي المشدود إلى منطق علاقته بالواقع والتلقي، ويلقي به في دائرة أخرى أكثر اتساعا تسندها قيم الفكر والمجتمع والتاريخ والإيديولوجيا والتقاليد الأدبية السائدة.
من هنا أهمية:
– عدم اقتران الحاجة إلى الأدب بمجرّد الرغبة في التحصيل فقط، ما دامت فكرة القراءة ذاتها هي توسيع لأفق يعني أن إعادة قراءة النصوص الأدبية يعادل اكتساب نمط من التفكير تغنيه المرجعية الثقافية والاجتماعية.
– تستطيع كتب الأدب أن تدوم وتخترق الأزمنة والأمكنة، وهذا دليل آخر يمكن الاستعانة به في فهم قيم المجتمع والثقافة وإدراك ما يوافقها من حقائق الراهن.
– تفتح " لذة القراءة " الطريق نحو "صناعة الفهم"، وفي هذا السياق يكون الانتقال من كتاب إلى آخر، سبيلا لتنامي تلك الذائقة التي هي روح الإبداع.
وعلى هذا الأساس، فإن مفهوم الأدب ليس مُتعاليا ولا كُليا ولا يكتسب قيمته إلا من اعتباره نوعا من الحوار القادر على تقديم " تفسيرات ممكنة لأسرار الحياة"؛ لأن قراءة ودراسة الأدب لا تكون فقط من أجل المتعة، بل من أجل أن نتعلّم كذلك كيف نحيا.
إن الصعوبات التي يواجهها المرء وهو يحاول الإجابة على سؤال: ما الحاجة إلى الأدب؟ تتعلق في جزء كبير منها بمقاربة جدوى الأدب وضرورته. من هذا المنظور، لا تكمن قيمة الأدب في محاولة تبيان كيفية انتصار المثال على الواقع، بل تكمن في العلاقة التي يقيمها الأدب مع تعدد الواقع في الزمن والمكان بهدف بلورة موقف نقدي على صعيد الثقافة والتنظيم الاجتماعي.
وحين أقرن سؤال الأدب بسؤال قراءته ودراسته وتدريسه، فلأن الأدب عموما يوجّه الاهتمام نحو قراءة ثقافية لا تتخلى عن روح العصر في إنجاز الفهم أو التأويل وتنتفي فيها الحدود بين الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، أي أن جدوى الأدب والحاجة إليه لا يحدّهما حيز اجتماعي وتاريخي جاهز، بل إنهما دليل حياة وحقيقة كينونة:
فكيف يمكن أن نجعل من قراءتنا للأدب وتدريسه وسيلة من وسائل تجديد علاقتنا بوجودنا وتاريخنا، وبتقاليدنا الثقافية الموروثة والحاضرة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.