اختار عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، محطة انعقاد برلمان حزبه لبعث الرسائل المباشرة وغير المباشرة إلى كل الجهات وكافة الاتجاهات، واضعا النقاط على الحروف بخصوص العديد من القضايا والملفات التي أثارت الكثير من اللغط في الأسابيع والأشهر الماضية. وحرص وهبي، في عرضه السياسي أمام أعضاء المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، اليوم السبت، على تأكيد موقف الحزب الواضح من الاستمرار داخل الحكومة، والذي كان موضوع جدل ونقاش في الساحة السياحة السياسية والإعلامية خلال الأسابيع الماضية. ولاء حكومي قال وهبي إن "حزب الأصالة والمعاصرة مستمر في الحكومة الحالية، وسيظل أكبر داعم لها وللسيد رئيس الحكومة بكل مسؤولية وأخلاق، وسيظل من أكبر الأحزاب وفاء والتزاما داخل التحالف الحكومي، ومن أكثر الأحزاب انضباطا للدستور وللقرار الحكومي وتقديرا لمؤسسة رئاسة الحكومة". وأضاف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة موضحا أن ما سماها "جرأة وصراحة" خطاب قيادة الحزب في الساحة السياسية، المعبر عنها بمسؤولية ووضوح في بيانات المكتب السياسي للحزب، "لا تفسد لود التحالف الحكومي قضية"، في إشارة إلى بيان الحزب الذي فجّر الأزمة مع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار. وتابع وهبي مبينا أن تربية مناضلي "البام" ترفض "ازدواجية المواقف أو ثقافة الطعن من الخلف، وتلتزم بالقرار الحكومي وتطبقه حرفيا، ولها حق التعليق عليه بشكل حر ومستقل"؛ وذلك في محاولة لتبرير موقفه أمام برلمان حزب "الجرار" بعد التراجع عن تشكي وامتعاض وزراء الحزب من تعامل رئاسة الحكومة مع قطاعاتهم. وشدد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يشغل في الآن ذاته حقيبة وزارة العدل، على أن "البام" سيستمر في "تحمل مسؤوليته الكاملة داخل الحكومة الحالية، ولن نلتفت إلى سعار بعض الأصوات هنا وهناك التي راهنت على فشل الحكومة أو تلك التي تهرب النقاش من المؤسسات الدستورية كفضاءات لتقييم ومناقشة السياسات العمومية إلى الدهاليز المظلمة لقنوات التواصل الاجتماعي، لترويج سمومها ومغالطاتها بشائعات شعبوية رخيصة". واعتبر وزير العدل أن الحكومة الحالية قطعت أشواطا "جد متقدمة في تنزيل برنامجنا الحكومي في مجال بناء الدولة الاجتماعية، وصيانة كرامة المواطنات والمواطنين من آثار الأزمات الاقتصادية المستجدة، بالموازاة مع تعزيز حق المواطنات والمواطنين في سكن لائق بما يستلزمه ذلك من مواجهة لوبيات القطاع بعزيمة وإرادة قويتين"، في إشارة إلى المعركة التي تخوضها فاطمة الزهراء المنصوري، زميلته في الحكومة ورفقيته في الحزب وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسية المدينة، ضد لوبيات العقار في قضية الدعم المباشر الموجه إلى السكن. دعم المرأة والحريات ولم يفوت وهبي الفرصة دون إثارة موضوع المرأة والحريات التي يعتبرها معركته الأساسية من داخل الحكومة، حيث قال إن حزبه "سيواصل دعم الحريات وحقوق الإنسان، وسيعمل على تحرير العقل المغربي من الخرافات السياسية، ورفع الحجر والبؤس والوصاية على المرأة المغربية الحرة، وسيعمل على إعطائها المكانة التي يرتضيها لها الله والأديان والقوانين والطبيعة". وزاد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة مبينا "نحن مع حقوق المرأة كاملة وشاملة، وضد زواج واغتصاب الطفلات القاصرات، نحن مع صيانة حق الطفلات في التمدرس، ومع حق المرأة المغربية في التمكين الاقتصادي والاجتماعي... هذه هي مواقفنا الحقوقية الواضحة التي سنناضل مع رفقائنا في التحالف الحكومي الحالي، ومع أصدقائنا الحداثيين خارج الحكومة، ومع كل الحقوقيين والقوى الحية، والفعاليات المتنورة من مختلف المشارب، سنناضل- على تنزيلها وفق مقاربة تشاركية عميقة". ولم يقف الفاعل الحزبي ذاته عند هذا الحد؛ بل ذهب إلى القول: "بالموازاة مع ذلك، سنتحمل مسؤوليتنا في مواجهة لوبيات معارضي الإصلاح والتغيير، وذوي الفكر الماضوي الهدام"، في إشارة إلى خصمه عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، والتيار المحافظ الذي يعارض إصلاحاته بالبلاد. واعتبر وهبي أن الحكومة التي يشارك فيها حزبه "حكومة الإصلاحات الكبرى"، مؤكدا "لا بالغ ولا نزايد على أحد، بل نثبت وبالدلائل القاطعة على أن الحكومة التي تحافظ على صيرورتها الإصلاحية والوفاء ببرنامجها الحكومي الذي نالت على أساسه الثقة رغم إكراهات الخارج المتعددة والظروف المناخية الصعبة؛ فاعلم أنها حكومة الإبداع والتحديات وليست حكومة الشعبوية والخيبات"، في لمز واضح منه لحكومتي الإسلاميين في الولايتين السابقتين. زمن الولاء للنافذين ولى ووجه وهبي رسائل قوية إلى الذات التنظيمية لحزبه مناضليه، حيث انتقد ما سماه "تسيب أو سوريالية البعض، ولا جدية ولا مسؤولية البعض الآخر"، مدافعا عن القرارات التأديبية الصارمة التي اتخذها المكتب السياسي ل"مواجهة هذا التسيب"، في إشارة إلى طرد البرلماني الجماني وتجميد عضوية 3 برلمانيين آخرين. وأضاف وهبي أن هذه القرارات تعكس "التقدير الحقيقي لمضمون القانون الأساسي للحزب، والتنزيل السليم لقيم تخليق العمل الحزبي، والترجمة الحرفية لصورة حزب الأصالة والمعاصرة الجديد، المبنية على حزب المؤسسات لا الأشخاص، واحترام ذكاء جميع المناضلات والمناضلين، والوفاء بالالتزامات، وممارسة السياسة بنضالية وتضحية، والولاء للوطن ولمصلحة الحزب العليا ولمؤسساته". وزاد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة موضحا "نجدد التأكيد على أن زمن الولاء للأشخاص وللنافذين بالحزب مهما بلغت قيمتهم الانتخابية والمادية قد ولى وانتهى، وأن زمن اتخاذ الحزب ومؤسساته ومهامه بيتا آمنا للانتهازية والوصولية والمصلحة الذاتية الضيقة على حساب مصلحة الوطن ومصلحة الحزب انتهى". وتابع قائلا: "إن قيادة الحزب ستتخذ المزيد من القرارات التأديبية عن قناعة ودراسة معمقة للأشياء، مهما كانت مؤلمة؛ لأن مثل هذه القرارات هي من تقوي حزبكم وتحصنه، وتجعله حزبا متميزا في الساحة الوطنية، وهي من تبني حزب المؤسسات لا حزب الأشخاص مهما تغيرت شطحاتهم، هي من تعيد الاعتبار لكم كمناضلات وكمناضلين أوفياء ومحترمين؛ وهي أصل قيم التأسيس التي لا محيد ولا زيغ عنها"، في إشارة إلى أن الحزب مقبل على اتخاذ قرارات جديدة في حق مناضلين آخرين.