سيرا على نهج دول القارة الأوروبية، اتفق وزراء الدول العربية المشاركون في اجتماعات الدورة ال53 لمجلس وزراء الإعلام العرب، التي جرت أشغالها اليوم الأربعاء بالرباط، على استراتيجية موحدة للتفاوض مع كبريات الشركات الرقمية العالمية. وأعلن أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، في اللقاء الصحافي الختامي لاجتماعات الدورة ال53 لمجلس وزراء الإعلام العرب، أن الوزراء المجتمعين ناقشوا "استراتيجية مشتركة للتعامل مع كبريات الشركات الرقمية". وأضاف خطابي مبينا أن الفضاء العربي مضطر إلى "مواكبة ما يجري من تحولات في الفضاء الرقمي"، مؤكدا أنه على غرار التجربة الأوروبية تم تشكيل "فريق تفاوضي سيجتمع الشهر المقبل بالمملكة الأردنية الهاشمية تمهيدا لوضع رؤية ومقاربة تفاوضية في التعامل مع هذه الشركات". وتابع الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية أن التفاوض سيهم المجال الخاص بالمحتوى الإعلامي العربي، من حيث المحافظة على "القيم العربية والدفاع عن المصالح والمقومات السيادية للدول العربية، بالإضافة إلى محاربة خطاب الكراهية". وزاد مبينا أن البعد الثاني في التفاوض مع الشركات العملاقة يتعلق بالجانب المالي والضريبي، إذ إن المجموعة العربية ستنكب على بحث أنجع "الوسائل لاسترداد الأمور التي تتعلق بالجانب المالي مع هذه الشركات". وبخصوص التصنيف العمري للألعاب الإلكترونية، أكد خطابي أن المجلس حريص على الاهتمام ب"القضايا التي تهم الرأي العام والشرائح المجتمعية"، لافتا إلى أن هناك وعيا عربيا بأن "الألعاب الإلكترونية المتداولة لها خطورة كبيرة، من حيث التحريض على العنف والممارسات غير السليمة". وأشار إلى أن السعودية قدمت دليلا بخصوص الاستخدامات المتعلقة بالألعاب الإلكترونية في الدول العربية، إذ حظي المشروع بموافقة الدول العربية، مؤكدا أهمية منح الدعم اللازم والتضامن مع الإعلام الفلسطيني، وبحث سبل تطوير العمل العربي الإعلامي والمقاربات التي من شأنها أن تعطي بعدا حقيقيا لهذا التعاون واستغلال التحولات التي يشهدها الفضاء. وأفاد المتحدث ذاته بأن الوزراء العرب اتفقوا على استحداث المنصة المندمجة؛ وهي الآلية التي يمكن أن تعطي "بعدا فعليا لخطة تحرك إعلامي عربي في التعامل مع القضية الفلسطينية وتثمين الموروث الثقافي العربي ومحاربة الإرهاب وتمكين الخبر العربي وضمان انتشاره". وأشار خطابي إلى أن المرصد جرى الاتفاق على جعل مقره في المملكة المغربية، معتبرا ذلك "مكسبا إعلاميا مهما لخطة التحرك التي ستكون ذات فعالية وجدوى ونجاعة"، حسب تعبيره. كما شدد المسؤول العربي على أهمية التكتل العربي والدفاع إعلاميا على الثقافة والقيم العربية الأصيلة، مبرزا أهمية تنويع العمل الإعلامي العربي المشترك ومواكبة التطورات في الإعلام الرقمي العالمي. من جهته، أكد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن "تحقيق أهدافنا المشتركة في تأهيل وتطوير إعلامنا وجعله قادرا على مواجهة كل التحديات الكثيرة والمتعددة لن يكون إلا بالانتقال إلى مرحلة الإنجازات، من خلال حسن تنزيل الاستراتيجية الإعلامية العربية وتعبئة كل الإمكانيات المادي والمؤهلات والخبرات البشرية". وأعرب بنسعيد عن أمله في أن تفتح مخرجات الدورة صفحة جديدة من "العمل الإعلامي العربي المشترك، ويوفق في تفعيل القرارات والتوصيات الصادرة عن مجلسنا، وأن تكلل جهودنا بالنجاح في الارتقاء بالأداء الإعلامي ببلداننا، حتى يساهم في الدفاع عن قضايانا المصيرية العادلة، وعن هويتنا وموروثنا الحضاري". وبخصوص التفاوض العربي المشترك مع الشركات الرقمية العملاقة، أوضح وزير الشباب والثقافة والتواصل أن الهدف ليس "منع هذه الشركات في البلدان العربية، بل نعمل على جعلها تؤدي الرسوم الضريبية كباقي الشركات". وأضاف المسؤول الحكومي ذاته موضحا "يجب أن تؤدي هذه الشركات الضرائب، والتي ستساعد البلاد من أجل تقوية الإعلام والصحافة، وتابعنا كيف نجحت في هذا الملف مجموعة الدول الأوروبية". وشدد بنسعيد على أن الدول العربية تواجه وتعاني من المشاكل نفسها، مبرزا أن الصيغة المشتركة للتفاوض مع الشركات الرقمية الأجنبية ستجعل الدول العربية في موقع تفاوضي أحسن وأقوى، حسب تعبيره.