بمناورات برية تحاكي عمليات حربية واقعية، مرفوقة بطلعات جوية مشتركة ومنسقة لأسراب طائرات مغربية وأمريكية، اختُتمت فعاليات التمرين العسكري "الأسد الإفريقي 2023′′، التي كان ميدان التدريب "مصب وادي درعة" شمال طانطان مسرحاً لها اليوم الجمعة. إسدال الستار على مناورات الدورة ال19 لأضخم مناورات عسكرية سنوية بإفريقيا استُهلّ بطلعة جوية لطائرتيْن مقاتلتيْن من طراز "F-16′′، تابعتين لسلاح الجو الملكي، حلّقتا بسرعة فائقة وعلى علو منخفض، مع حركات جوية دقيقة، تحت أنظار الفريق محمد بريظ، المفتش العام الجديد للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، الذي كان مرفوقاً بقائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، الفريق الأول مايكل لانغلي. قاذفة "B1B" تتوسط "F-16" المغربية في طلعتيْن متتاليَتَيْن، كانت أسراب المقاتلات "F-16" المغربية تتوسطها الطائرة القاذفة الاستراتيجية الأمريكية "B1B" المصممة أيضاً لحمل أسلحة متنوعة بعيدة المدى، مع التحليق والاختراق السريع على ارتفاعات منخفضة دون اكتشافها بواسطة الرادار. ووفق معطيات توفرت لجريدة هسبريس، استُخدِمت هذه القاذفة الهجومية الضخمة لأول مرة في مناورات مشتركة ل"الأسد الإفريقي" من طرف القوات الجوية الأمريكية؛ وهي تتوفر على أجنحة هندسية متغيرة المقاس وتصميم متكامل بشكل أساسي من أجل "مهام اختراق الدفاعات بشكل عالي السرعة وبحمولة كبيرة". وغالباً ما تتمثل مهام طائرة "B1B"، القادرة على قصف أهداف أرضية استراتيجية بدقة شديدة، في دعم وإسناد عمليات التقدم البري لقوات المشاة والمدرعات؛ وهو ما تمرّنت عليه القوات المغربية جنباً إلى جنب مع نظيرتها الأمريكية. دبابات تُحاكي "مواجهة مباشرة" حوالي ساعة من الزمن عاش القطاع العسكري "كاب درعة" (الواقع على بُعد 14 كيلومترا شمال غرب طانطان) على إيقاع المشهد الختامي ل"الأسد الإفريقي 2023′′، الذي زأر أيضا بقوة من خلال تمارين ومناورات برية تحاكي سيناريوهات "المواجهة المباشرة"، شاركت فيها مدرعات مصفَّحة حاملة للجنود ومصحوبة بدبابات حديثة متطورة من صنف "أبرامز" تابعة للوحدات المدرَّعة المغربية ونظيرتها من القوات البرية الأمريكية. هسبريس عاينت أطوار المناورات البرية المشتركة بين وحدات من القوات المسلحة الملكية والأمريكية، التي شملت عمليات متنوعة الأهداف ودقيقة المهام، أبرزها "إطلاق قذائف بالمدفعية الثقيلة، تلاها استهداف أهداف الخصم بدقة عبر قذائف أطلقتها مدرعات مغربية- أمريكية، مرفوقة بمناورات للمشاة باستخدام مَركبات ثقيلة مصفحة حاملة للجنود". كما همت "مناورات طانطان" عمليات باستعمال "آليات عسكرية تابعة لوحدات الهندسة العسكرية"، استهدَفت، حسب الشروحات المقدمة، "فتح ممرات في حواجز من صنع الخصوم، حيث تقوم هذه الآليات بإحداث انفجار كبير لتدمير تلك الحواجز، وتمكين وحدات الشركاء من استكمال التقدم في ممرات آمنة في إطار تنفيذ مهمات الهجوم والهجوم المضاد". وإلى جانب ممثلين عن الدول المشاركة والملاحِظة في دورة هذه السنة، أجريَت هذه المناورات تحت أنظار وتصفيقات مسؤولين عسكريين مغاربة وأمريكيين، يتقدَّمَهُم الفريق محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية- قائد المنطقة الجنوبية، وقائد قوات "أفريكوم". قوات في أتمّ الجاهزية النقيب يحيى فريخ، عضو "خلية التخطيط العملياتي" لمناورات "الأسد الإفريقي"، قال في تصريح لهسبريس إن "هذا التمرين عرف على وجه الخصوص مشاركة عدد كبير من الوحدات بمختلف أصنافها". وأضاف "كما شكل فرصة كبيرة للوقوف عن كثب على مدى جاهزية القوات المشارِكة هذه السنة، وقدرتها على تطبيق المناهج التقنية والتكتيكية الجديدة".
من جهته، أوضح الرائد صابر الكبير، المسؤول عن وحدة المدفعية الملكية المغربية، أن هذه الوحدة قامت، بشكل مشترك ومنسق مع نظيرتها الأمريكية، بإجراء عدة تمارين وعمليات للرماية والقصف بالذخيرة الحيّة"، مشيرا إلى أنها "تميزت بالدقة والسرعة في الأداء، ومثلت فرصة للتنسيق وتبادل الخبرات بين القوات المشاركة من جهة، ومواكبة التطور التقني لسلاح المدفعية من جهة ثانية". "أبانت قوات المدفعية المشاركة خلال تداريبها عن درجة عالية من الاحترافية والجاهزية في تنفيذ مهام الدعم الناري المنوطة بها"، يقول المسؤول العسكري المغربي في تصريح لهسبريس. أما قائد سرية الهندسة العسكرية التابعة للقوات المسلحة الملكية، النقيب عبد الغفور جعيفي، فسَجل أن "تمرين الأسد الإفريقي في نسخته ال19 تميز بمشاركة سريَّتَيْ الهندسة العسكرية التابعتين للقوات المسلحة الملكية والجيش الأمريكي"، لافتا في حديثه لهسبريس إلى "استعمال مُعدات وتقنيات حديثة ومتطورة مكنت من تعزيز مهارات وكفاءات الوحدات في هذا التخصص". وختم قائلا: "هذا التمرين شكّل، كذلك، مناسبة ممتازة لتبادل الخبرات والتجارب في مجال الهندسة العسكرية".