قال النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، إن "العالم شهد خلال السنوات الثلاث الماضية أزمات اقتصادية متتالية، تمثلت بالدرجة الأولى في انتشار جائحة كورونا؛ وقد بذل جهودا حثيثة لتجاوز الصعوبات الاقتصادية الناجمة عنها، وتحمل تكاليف باهظة من أبرزها الارتفاع المهول في الديون العامة والخاصة، وزيادة معدلات التضخم، وارتفاع تكاليف الطاقة والمعادن والغذاء وانقطاعات سلاسل التوريد". وأضاف ميارة، في كلمة ألقاها اليوم الخميس، في اللقاء التشاوري العاشر للرابطة بِأزولويني بمملكة اسواتيني، أن "العالم ما كاد يخرج من نفق الأزمة حتى بدأت الأزمة الأوكرانية التي أعادت تعقيد الأوضاع الاقتصادية العالمية، وأصابت العلاقات الدولية بالتوتر، ورفعت مستويات عدم اليقين، وعمقت أزمة أسعار الطاقة والأغذية والمعادن والأسمدة والنقل، ومثلت ضربة قوية للاقتصاد العالمي وما تزال". وأشار رئيس مجلس المستشارين إلى أن "الملامح الرئيسية للاقتصاد العالمي في الفترة 2022- 2023 التي دفعت إلى توقعات بتباطؤ عملية التعافي الاقتصادي، في الوقت الراهن، تعود إلى ثلاث عوامل رئيسية، هي استمرار الاختناقات في سلاسل التوريد، وارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم وتفاقم أزمة المديونية؛ ومؤخرا برزت أزمة المخاطر البنكية وإفلاس بعض البنوك بسبب الفوائد المرتفعة". وفي ما يتعلق بإفريقيا والعالم العربي، أكد النعم ميارة أن "الأداء الاقتصادي للدول الإفريقية والعربية في الأعوام الثلاثة الماضية تأثر بشكل ملموس جراء هذه الأزمات المتتالية، من خلال الانخفاض الحاد في حجم النشاط الاقتصادي، وتأثر العديد من القطاعات مثل السياحة والنقل والتجارة، ما نتج عنه انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع نسبة البطالة، وتسجيل زيادة كبيرة في عجز الموازنات العامة والدين العام، وارتفاع الأسعار العالمية للغذاء وتعميق الفقر". وقال ميارة: "من خلال مهامنا التشريعية المتعلقة بالميزانية والرقابة يمكننا كبرلمانيين أن نلعب دورا هاما من خلال المساهمة في معالجة هذه الأزمات الاقتصادية، والتخفيف من آثارها وتداعياتها، باعتبارنا شركاء أساسيين في السياسات المرتبطة بالتنمية والاقتصاد، وخصوصا في ظل التحديات الاقتصادية المستجدة التي يمر بها العالم وتداعياتها على المنطقتين العربية والإفريقية والعالم بأسره". وشدد المتحدث ذاته على أن "عملية التوجه نحو الاقتصاد الأخضر في إفريقيا والعالم العربي تعد ضرورة ملحة للحد من مخاطر الصدمات المتعلقة بتغير المناخ، إلا أن هناك تحديا رئيسيا يتمثل في التكلفة الباهظة التي يتحملها الاقتصاد العربي الإفريقي نتيجة هذا التوجه، شأنه في ذلك شأن بقية الاقتصادات الأخرى التي تعتمد على مصادر الطاقة المشتقة من الوقود الأحفوري، مثل النفط والغاز والفحم وغيرها من المصادر التي تساهم في تلوث البيئة من خلال انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون". وسجل رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي أن "العديد من بلدان العالم شرعت بالفعل في تخضير اقتصاداتها، إذ كشفت الدراسات الحديثة أن الاقتصاد الأخضر يولد عائدات سنوية هائلة وفرص عمل كثيرة"، مضيفا أن "عدة بلدان عربية وإفريقية أدركت أهمية الاقتصاد الأخضر والإمكانيات التي يتمتع بها، بل وشرعت في عملية تحول إستراتيجي نحو هذا الاقتصاد". وفي هذا السياق، أكد ميارة أن "التحول الإستراتيجي المذكور يتطلب جهودا مكثفة من جميع البلدان، تشمل تقييم آثار سياسات تغير المناخ على الحياة الاجتماعية، إلى جانب الاهتمام بالتنمية القروية وقطاع الماء، واعتماد تقنيات إنتاج أنظف وأكثر كفاءة، ودعم الحركة الجماعية، واعتماد المعايير البيئية في البناء، ومعالجة مشكلة النفايات وإعادة تدويرها بشكل مفيد وصديق للبيئة". وجاء ضمن الكلمة ذاتها أنه "من الضروري القيام بسن القوانين التي تسهل عملية التحول نحو الطاقة الخضراء، كما ينبغي تشجيع الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الاقتصاد الأخضر، وتزويدها بحوافز مغرية، مثل التخفيضات الضريبية والتسهيلات الائتمانية والإعفاءات الجمركية".