استقبل السودانيون بعدد من أحياء الخرطوم وأم درمان وبحري أول أيام عيد الفطر المبارك وسط دوي الانفجارات، وقذائف الطائرات وأصوات الرصاص، التي حبست معظمهم داخل منازلهم، وحالت دون خروجهم لأداء صلاة العيد. وتحولت الميادين التي كانت تعج بالمصلين، في تلك المناطق خلال الأعياد الماضية، إلى ساحة أشباح، حيث اختفت أصوات المصلين المهلهلة بالتكبير، التي كانت تشق عنان السماء، وخلت الشوارع من المارة تماما، وحبست الأسر في المنازل. وقالت مواطنة سودانية تدعى صالحة سعيد، مقيمة بمنطقة الصحافة جنوبي الخرطوم، لوكالة الأنباء الألمانية ( د .ب. أ ): "منذ منتصف ليلة العيد لم نهنأ بالراحة والنوم، فالقصف مازال مستمرا ومنازلنا تهتز من كل جانب؛ فبعد كل دقيقة نسمع دوي انفجارات عالية حتى صباح العيد، ما يرعبنا ويرعب أطفالنا الذين سرق قائد الجيش السوداني وقائد قوات الدعم السريع فرحتهم بالعيد"، وتضيف: "هذا العيد لم نخبز ولم نقم بشراء الملابس الجديدة، ولم نخرج لصلاة العيد أو معايدة الجيران، فالعيد تحول لحزن عميق وخوف وهلع". كما قالت مواطنة سودانية أخرى تدعى رانيا علي، من حي جبره بالخرطوم، ل ( د .ب .أ ): "لم يكفيهم سرقة فرحتنا بالعيد، بل جعلونا نقصر في شرائعنا الإسلامية، فلم نستطع إخراج زكاة الفطر"، وأضافت: "ليس لدينا عيد، فاليوم عادي تحت أصوات القصف، وكل ما يشغلنا في ظل الحبس الإجباري بالمنازل أننا سنواجه بعد أيام شبح الجوع، فقد نفد ما عندنا من طعام". ولم يكن حال صالحة ورانيا أفضل من حال مواطن سوداني آخر يدعي محمد محمد، يعيش بحي الخرطوم، إذ قال: "منذ اندلاع الأحداث السبت الماضي لم نخرج من منازلنا، وندير حياتنا من تحت السراير، فلم تهدأ منطقتنا من أصوات الرصاص والانفجارات التي تضرر منها عدد من المنازل حولنا، وفقد البعض أرواحهم وأصيب آخرون، وأضاف: "للأسف، العيد لم يطرق بابنا حتى الآن". ولكن الحال ببعض المناطق الطرفية بمدن الخرطوم وبحري وأم درمان كان مختلفا تماما، فالحياة هناك طبيعية، حيث خرج المصلون صباحا إلى ساحات الأحياء لأداء صلاة العيد وتبادل التهاني، رغم ما يعتصرهم من ألم لما تمر به بلادهم. يُذكر أن قوات الدعم السريع أعلنت الموافقة على هدنة لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من السادسة من مساء الجمعة، بناء على تفاهمات دولية وإقليمية، بينما لم يصدر عن الجيش السوداني ما يفيد بشأن الهدنة.