لم أكن أتوقع أن ينال المنتخب الوطني المغربي المحلي هذا الاهتمام الكبير من قبل المغاربة الذي حجوا في اللقاءين الأولين للمنتخب في نهائيات كاس إفريقيا للمحليين إلى المقاهي لمشاهدة اللقاء، فقد اندهشت للازدحام الذي عرفته جل المقاهي المغربية و كأن الأمر يتعلق بلقاء حاسم للمنتخب الأول أو نزال مهم من نزالات البرسا أو الريال التي عادة ما تلقى اهتمام العديد من عشاق المستديرة، لكن هذه المرة تجمهر المغاربة و تسمروا أمام شاشات التلفاز في البيوت والمقاهي لمشاهدة منتخب محلي متألف من لاعبي البطولة الوطنية لعلهم ينسون إحباطات المنتخب الأول في المنافسات القارية و إقصائيات كأس العالم و لعلهم أيضا يكررون ما فعله فريق الرجاء البيضاوي في مشاركته الأخيرة بكأس العالم للأندية حينما صالح المغاربة مع كرة القدم ببلوغه نهائي المسابقة. لكن وللأسف اندهش الجميع للأداء السيئ الذي بصم عليه المنتخب في أولى لقاءاته سواء ضد المنتخب الموزمبيقي المغمور أو أمام منتخب بوركينافاسو المتواضع مع احترامنا لكلا المنتخبين، فالكل تفاعل "بانفعالية" مع الكرات الضائعة و الارتجالية في الأداء و رعونة اللاعبين و تفكك الخطوط و انعدام خطة واضحة ينهجها المدرب بن عبيشة الذي لم يعرف كيف يوظف اللاعبين في مجموعة قوية و متجانسة رغم الإمكانات المحترمة التي يتمتع بها بعضهم. فالكل يعلم الطريقة الارتجالية التي تعاملت بها "الجامعة" مع هذا المنتخب، وأن الفريق لم يجر أي لقاء إعدادي مع منتخبات افريقية استعدادا لهذه التظاهرة بل أكثر من ذلك فإن هذه المجموعة لم تتضح معالمها إلا أياما قليلة فقط قبل انطلاق المنافسة و أن المنتخب وصل إلى جنوب إفريقيا 24 ساعة فقط قبل بداية "الشان"، لكن هذا لا يبرر الطريقة التي لعبها المنتخب المحلي خاصة و أنه تأهل على حساب حامل اللقب المنتخب التونسي و هذا لا يعني أيضا أن يتعامل و يسير الناخب الوطني حسن بنعبيشة أطوار اللقاء بهذه الطريقة التي لا تشرف تاريخ و حاضر كرة القدم المغربية. وعليه فإني أدعو الناخب الوطني الذي بصم على مشوار رائع مع منتخب الشبان الموسم الماضي، و هذا ما أهله طبعا لقيادة المنتخب المحلين أدعوه إلى أن يخبر اللاعبين أن المغاربة قاطبة و عشاق كرة القدم على الخصوص يتابعونهم و يتفاعلون معهم و يهتمون بمشاركتهم و أن الجميع هنا يطمح إلى أن يعود المنتخب المغربي باللقب من الديار الجنوب افريقية، أخبرهم كذلك يا بن عبيشة أن هذه البطولة هي فرصتهم الذهبية ليتبثوا دواتهم كأسود حقا يعول عليها في كاس إفريقيا للأمم التي ستقام في المغرب بعد سنة و أن الجميع يراهن عليهم ليكونوا حقا النواة التي أمضى الطاوسي عمره مع المنتخب الأول يبحث عنها، أخبرهم أنهم يلعبون في بطولة افريقيا للمحليين و ليس كاس إفريقيا للمحترفين و أنهم يمارسون في بطولة أصبحت تحمل لقب "الاحترافية"، فاللاعب المغربي اليوم يكفي أن تعبأه نفسيا و تجعله يثق في إمكاناته حتى يقدم أحسن ما لديه و يكبر في المناسبات الكبيرة و هذا طبعا ما فعله المدرب التونسي فوزي البنزرتي مع الرجاء البيضاوي في كاس العالم للأندية الأخيرة و التي دخلها لاعبوا الرجاء صغارا و خرجوا منها و صورهم و أسماؤهم تنشر في أشهر الصحف العالمية. فمن خلال اللقاء الأخير أمام المنتخب البوركينابي الذي انهزم أمام أوغندا في اللقاء الأول، ظهر جليا أن اللاعبين المغاربة غير جاهزين نفسيا لهذه البطولة، رغم أنهم جاهزون بدنيا بحكم أنهم يمارسون في بطولة وصلت إلى مرحلة الأوج، فكيف يعقل لمنتخب بتاريخ المنتخب المغربي يسجل هدفا في الدقيقة الأولى على منتخب من حجم بوركينافاسو و يركن للدفاع طيلة تسعين دقيقة و كأن الأمر يتعلق بخصم من طينة غانا أو نيجيريا او كوت ديفوار، و كيف يعقل لدفاع أخرج الكرة 9 مرات للزاوية خوفا من مهاجمين لم نسمع قط بأسمائهم و يلعبون في أندية لا تتجاوز الدور التمهيدي من البطولات الإفريقية. أخبرهم كذلك يا بن عبيشة أنهم يرتدون قميص المنتخب المغربي، و على أي لاعب يرتديه أن يشعر بقيمة المسؤولية التي وجب عليه أن يتحملها، و أن لا مكان للرعونة و الاستخفاف داخل المنتخب المغربي، أخبرهم كذلك أن المغاربة لا يهمهم من سيسجل بقدر ما يهمهم فوز المنتخب المغربي فلا تحرقوا أعصابنا و نحن نشاهد كرات تضيع ببشاعة. و في الأخير أخبرك يا ابن عبيشة أن اللقاءات الثلاث الأولى من الدور الأول في مثل هذه المنافسات تلعب في 90 دقيقة و لا وجود للأشواط الإضافية و أن قانون كرة القدم يمنحك الحق في إجراء ثلاث تغييرات في كل مباراة، فليس عليك حرج إذا غيرت ثلاث لاعبين حتى تضخ دماء جديدة في التشكيلة و تخرج من ضعف مستواه و خارت قواه.