لم تكن الإشادة بمشروع قانون المالية، من طرف فرق الأغلبية، تعني التسليم الكلي والمطلق بكل توجهات واختيارات هذا القانون، لأن بعض فرق الأغلبية وجهت انتقادا ظاهرا أو مبطنا لبعض التدابير التي حملها المشروع، خاصة تلك المتعلقة بفرض الضريبة على القيمة المضافة على بعض المواد الاستهلاكية وهو ما حدا بحزب التقدم والاشتراكية، الحليف، إلى إصدار بلاغ في الموضوع بينما حرصت كل فرق الأغلبية، وإن بدرجات متفاوتة، على تقديم بعض التعديلات على مشروع 2014 بلغت 22 تعديلا. هذه الملاحظات وغيرها، حول أداء البرلمان في مناقشة مشروع قانون مالية 2014، وردت في تقرير مفصل للمرصد المغربي للعمل البرلماني، الذي أنشأته جمعية "الشباب لأجل الشباب" بدعم من السفارة البريطانية والمعهد الديمقراطي الأمريكي، والذي تم تقديمه من طرف أعضاء الجمعية بأحد فنادق العاصمة الرباط، مساء الخميس. التقرير جاء فيه أن فرق الأغلبية، داخل البرلمان، تقدموا بتعديلات همت على وجه الخصوص استثناء بعض المواد الاستهلاكية، التي لها علاقة باستهلاك الأسر الفقيرة، من تطبيق الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة على مصبرات السردين وملح الطبخ والأرز المصنع وغيرها من المواد التي يضعها المعوزون على موائد الفاقة لسد رمق الجياع. الفرق الداعمة لحكومة عبد الإله بنكيران، داخل المؤسسة التشريعية، طالبت أيضا حسب التقرير، بوضع إجراءات جديدة تهم سكن الأسر ذات الدخل المحدود، يتولى القيام بها صندوق التضامن للسكنى والاندماج الحضري، الذي طالبت الأغلبية بتوفير إعتمادات جديدة لفائدته والزيادة في بعض الضرائب الموجودة كالضريبة على السيارات الفاخرة وفرض رسوم جديدة همت ما أسماه أنصار الأغلبية بالرسم الجوي للتضامن وإنعاش السياحة، فضلا عن تخصيص منحة لتعويض سيارات الأجرة وفق شروط... أغلبية هذه التعديلات كان مصيرها الرفض والتجاهل من طرف الحكومة يقول المرصد في تقريره، حيث لم توافق الحكومة شبه الملتحية إلا على القليل منها. التقرير أشار أيضا إلى ما أسماه مدبجوه بالصعوبات والتحديات التي واجهت التحضير لقانون المالية مشيرا على وجه الخصوص إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، الوافد الجديد لصفوف الحكومة، وفريق التقدم والاشتراكية الذين استحضرا الخلافات الداخلية التي كانت تخترق الأغلبية الحكومية السابقة حيث لم يفت رشيد الطالبي العالمي، رئيس فريق حزب الحمامة بالبرلمان تسجيل أن حزبه، الذي "فاز" بحقيبة الاقتصاد والمالية، لم يكن هو الذي أشرف على وضع مشروع قانون المالية والإقرار بأن ذات الحزب يعيش وضع الانتقال من المعارضة إلى الأغلبية. أحمد رزقي والمنياري وعقا، أعضاء الجمعية التي قدمت تقرير الرصد البرلماني، قالوا أمام ضيوفهم، إن المعارضة البرلمانية لم تكن أحسن حالا على هذا المستوى، فأعضاء الصف المعارض داخل القبة وإن كانوا يعطون انطباعا أنهم متفقون في مواجهتهم للحكومة ورفض طبيعة اختياراتها المالية و توجهاتها الاقتصادية فإنها، في حقيقة الأمر، أبعد ما تكون من إحداث قطب قوي ومنسجم أمام المقترحات التي قدمت بشكل منفرد ناهيك على أن ما تطلبه المعارضة اليوم من الحكومة الحالية وأساسا من الحزب الرئيسي فيها، لم تقم به هذه الأحزاب عند قيادتها لتجارب حكومية سابقة أو مشاركتها في بعضها الآخر، يقول التقرير. تقرير المرصد المغربي للعمل البرلماني حول أداء البرلمان في مناقشة مشروع قانون المالية 2014 جاء مفصلا على أزيد من ثلاثين صفحة اخترقتها أربع محاور أولها يبدأ بالإطار القانوني ومسارات التحضير وآخرها ينتهي بخلاصات واستنتاجات تلتها إحصائيات وأرقام حول القانون الأكثر إثارة للجدل داخل قبة البرلمان.