بعد أشهر من الترقب تخللها حملة دعائية متواصلة، طُرحت، الثلاثاء، مذكرات الأمير هاري "spare" ("البديل") في أسواق المملكة المتحدة؛ وهو ما قد يتسبب في مزيد من الإرباك للعائلة المالكة. والتزم أفراد العائلة المالكة، على رأسهم الملك تشارلز الثالث ووريث العرش الأمير وليام، الصمت إزاء المقتطفات المسربة من الكتاب والمقابلات التلفزيونية التي أجراها الأمير ويليام قبل نشر المذكرات؛ إلا أن وسائل إعلام بريطانية نقلت عن مصادر في قصر بكنغهام قولها إن دوق ساسكس تجاوز الخطوط الحمراء في مهاجمته الملكة كاميلا، الزوجة الثانية للملك تشارلز بعد وفاة الأميرة ديانا والدة وليام وهاري. وقال مصدر في القصر لصحيفة "إندبندنت" إن "هوسا بالعلاج النفسي سيطر، إلى جانب ميغن، على ذهن هاري"، مضيفا: "من المستحيل أن يعود إلى بريطانيا في ظل الظروف الراهنة". ووجهت مصادر أخرى إلى الأمير هاري تهمة خيانة والده وشقيقه. ويحتوي الكتاب في صفحته الأولى عبارة مقتبسة من الكاتب الأمريكي وليام فاكنر، أشار هاري إلى أنه قرأها عبر موقع BrainyQuote.com. وتقول العبارة إن "الماضي لم يمت قط. وهو ليس بماضٍ حتى"، واستهل الأمير هاري بها كتابه المكون من 416 صفحة يتطرق فيها إلى حالته النفسية التي أعقبت وفاة والدته الأميرة ديانا، بالإضافة إلى تصفية حسابات له مع عائلته، والكراهية التي واجهها من وسائل الإعلام البريطانية. وأبقت بعض المتاجر البريطانية أبوابها مفتوحة حتى وقت متأخر من الليل لطرح أبرز كتاب يتناول العائلة الملكية منذ نشر "ديانا.. هير ترو ستوري" عام 1992 الذي تعاونت فيه والدة هاري الأميرة ديانا مع أندرو مورتون. ومن بين الأشخاص القليلين الذين كانوا ينتظرون دورهم لشراء الكتاب أمام متجر في محطة قطار فكتوريا في لندن، كريس إيمافيدون، رئيس جمعية خيرية تعليمية، الذي أعرب عن رغبته في معرفة المزيد عن حياة هاري "منه شخصيا". أما سارة ناكانا، (46 عاما)، العاملة في المجال العقاري والتي ارتادت المتجر لشراء الكتاب، فقالت: "أريد أن أسمع قصته منه؛ لأنني في هذه المرحلة أشعر بأن وسائل الإعلام البريطانية تدفع البريطانيين إلى اتخاذ موقف متطرف ضد الأمير هاري". وكانت كارولين لينون، البالغة من العمر 59 عاما، الوحيدة التي تنتظر أن يفتح متجر آخر لبيع الكتب في لندن أبوابه. وقالت: "أحب أفراد العائلة المالكة جميعهم، وأحب الأمير هاري كذلك"، مضيفة: "لا تروق لي هذه الحرب بينهم، وأرغب في أن أقرأ وجهة نظر هاري". وتابع: "اشتريت أيضا الكتاب بنسخته الصوتية حتى أتمكن من الاستماع إلى صوته". وتصدرت كل من النسختين المطبوعة والصوتية مبيعات أمازون في المملكة المتحدة. وتزامنت مذكرات هاري مع أربع مقابلات تلفزيونية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة التي يقيم فيها الأمير مع زوجته ميغن. وفي مقابلته مع شبكة "سي بي اس" الأمريكية، وصف الأمير هاري كاميلا ب"الشريرة"، قائلا إن بعض تفاصيل المحادثات الخاصة التي نُشرت في وسائل الإعلام "لم تكن لتتسرب من أحد" سوى كاميلا. إلا أن مقتطفات من الكتاب، الذي سيصبح مُتاحا في 16 لغة بالإضافة إلى توفره بنسخة صوتية، تسربت إلى الصحافة منذ طرح المذكرات للبيع عن طريق الخطأ الخميس في إسبانيا. تراجع الشعبية ويتهم دوق ساسكس، البالغ 38 عاما، في الكتاب شقيقه وليام بطرحه أرضا خلال شجار العام 2019 بشأن ميغن التي كان هاري تزوجها قبل سنة من ذلك. وتطرق الأمير هاري كذلك إلى فقدانه عذريته وتعاطيه المخدرات، بالإضافة إلى قتله 25 من عناصر حركة طالبان خلال خدمته في صفوف الجيش البريطاني في أفغانستان. وندد ضباط كبار في الجيش البريطاني بشدة بهذه التصريحات. ويأتي الكتاب عقب عرض مسلسل "هاري أند ميغن" الوثائقي على "نتفليكس" الشهر الفائت، والذي تطرق فيه الزوجان إلى مشاكلهما مع العائلة المالكة ووسائل الإعلام البريطانية. وفي حال كانت رغبة هاري وميغن في إثارة تعاطف البريطانيين، قد أتى تأثير ما فعلاه معاكسا أقله في المملكة المتحدة، إذ أشارت استطلاعات أُجريت أخيرا إلى تراجع في شعبيتهما. ولفت استطلاع أجرته "يوغوف" إلى أن 64 في المائة من البريطانيين لديهم صورة سلبية عن هاري، في أقل تصنيف له على الإطلاق. أما النتائج الخاصة بشعبية ميغن ماركل فأتت سلبية أيضا. رغبة في التقرب من ويليام وتشارلز ورغم الترويج الكبير الذي حظي به الإعلان عن الحلقة قبل أيام من بثها، شاهد مقابلة هاري عبر "أي تي في" 4,1 مليون شخص فقط، على ما أظهرت أرقام رسمية. وخلال المقابلة، أصر دوق ساسكس على أنه وزوجته مختلطة الأعراق لم يتهما مطلقا العائلة المالكة بالعنصرية عقب تعليقات طالت لون بشرة ابنهما المنتظر حينها. وقال هاري: "لم أوجه هذه الاتهامات إليهم؛ بل الصحافة البريطانية هي التي نقلت ذلك عن لساني"، مضيفا أن ميغن بدورها لم تصف أفراد العائلة المالكة ب"العنصريين". وكان هاري وميغن أجريا، في مارس 2021، مقابلة مع الإعلامية أوبرا وينفري، أكدا فيها وجود عنصرية داخل العائلة المالكة؛ وهو ما أثار ضجة واسعة. واعترف الأمير هاري، خلال المقابلة مع "أي تي في"، بأنه "ربما كان متعصبا" قبل أن يتعرف إلى ميغن، واتهم ويليام وزوجته كيت بعدم منحها فرصة مطلقا. وأكد هاري رغبته في التقرب من والده وشقيقه، على الرغم من أن التواصل معهما مقطوع، مشيرا إلى أن المسؤولية تقع عليهما. ورفض تأكيد ما إذا كان سيحضر تتويج الملك تشارلز الثالث في ماي.