ما زالت المادة 8 من مشروع قانون المالية لسنة 2023 محطّ رفض تام من قبل عدول المغرب، بعد أن حصر المشرّع توقيع عقود الوعد بالبيع والعقود النهائية المتعلقة بالسكن الذي سيستفيد أصحابه من إعانة مالية حكومية على الموثقين، وهو ما يعتبره العدول إقصاء لهم. وعلى نهج المحامين، الذين نزلوا إلى الشارع لإلغاء المقترح الذي جاء به قانون المالية بخصوص الأداء المسبق للضرائب، يسير العدول، بخوضهم إضرابين وطنيين عن العمل داما سبعة أيام موزعة على أسبوعين، ووقفتين احتجاجيتين أمام كل من وزارة الاقتصادي والمالية والبرلمان. ويدرس العدول مجموعة من الخيارات لدفع الحكومة إلى تعديل المادة 8 من مشروع قانون المالية المعروض على البرلمان، منها رفع "مظلمة" إلى الملك محمد السادس، وخوض إضرابات عن العمل واعتصامات مفتوحة، مع إبقاء باب الحوار مفتوحا مع رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية المعنية بالأمر مباشرة. هذا التوجه أكده طارق غافر، عدل باستئنافية الدارالبيضاء، بقوله: "نحن مهنة منظمة قانونيا ومهنة مخزنية يشرف عليها صاحب الجلالة، والعدول هم صلة الوصل الدائمة بين الدولة والشعب، سواء في حفل تجديد الولاء أو المحافل الرسمية والوطنية ولن نحيد عن هذا الإطار القانوني". وقال غافر في تصريح لهسبريس: "نحن نفكر في ثلاثة خيارات؛ أولها رفع ملتمس إلى صاحب الجلالة مباشرة، أو ممارسة حقنا عبر القنوات القانونية لمطالبة رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية بتعديل المادة الثامنة من مشروع قانون المالية، وفي حالة عدم الاستجابة لمطلبنا سوف نلجأ إلى خوض إضرابات عن العمل واعتصامات مفتوحة، وهذا ليس في صالح المواطنين وسيكون له تأثير سلبي على الأمن التعاقدي في البلاد، ويتحمل مسؤوليته الذين وضعوا هذا البند". ويهدد عدول المملكة بالدخول في اعتصامات مفتوحة أمام المؤسسة المعنية "ما لم يتم تعديل المادة 8 من مشروع قانون المالية لسنة 2008′′، التي بسببها نزلوا إلى الشارع للاحتجاج. وتتعلق المادة المثيرة لغضب العدول بالاستفادة من عملية الدولة لدعم السكن لفائدة الأشخاص الذين يقتنون مساكن مخصصة للسكن الرئيسي؛ إذ من بين الشروط التي وضعتها الحكومة للاستفادة منها أن يُبرم المستفيد عقد الوعد بالبيع وعقد البيع النهائي لدى موثق، وهو ما يرفضه العدول ويعتبرونه "إقصاء غير مبرر" لهم من هذه العملية. ويعتبر العدول أن عدم تخويلهم توقيع عقود الوعد بالبيع وعقود البيع النهائية المتعلقة بالمساكن المشمولة بالإعانة الحكومية "يتعارض مع مقتضيات دستور المملكة ومع مبادئ العدالة الجبائية التشريعية ويكرس الفئوية في التشريع"، متشبثين بضرورة مساواتهم مع الموثقين، باعتبار أنهم "يمارسون مهنة التوثيق منذ القدم وبقوة القانون". وقال طارق غافر: "مهنة التوثيق العدلي في المغرب تعود إلى 400 سنة، بينما التوثيق العصري لم يبدأ إلا مع فترة الاستعمار"، مضيفا أن "التوثيق العدلي يغطي كافة المعاملات المتعلقة بعقود البيع في ربوع المملكة، فكيف يُقبل أن يوقع العدول العقود المرتبطة بالسكن والممتلكات في كل مناطق البلاد ويُحرمون من توقيع توثيق عقود بيع السكن الذي سيستفيد من دعم الحكومة؟". ويعتبر العدول أن مقتضيات المادة 8 من مشروع قانون المالية لسنة 2023 "تضرب مبدأي المساواة والحرية الواردين في الدستور؛ فالمحكمة الدستورية حين تنظر في الدعوى المتعلقة بدستورية القوانين، تبني نظرها على أساس عدم المس بمبدأي الحقوق والحريات، وهذان المبدآن ضُربا في مشروع قانون المالية؛ لأنه لم يضع العدول مع الموثقين على قدم المساواة"، يقول غافر. وأردف بأن المشروع المذكور "أخلّ أيضا بمبدأ الحق في الحرية المنصوص عليه بمقتضى الوثيقة الدستورية، بضرْبه حرية المتعاقد في الاختيار"، موضحا أن "هناك متعاقدين يفضلون توقيع عقودهم لدى العدول، ويجب أن تكومن حرية التعاقد مكفولة للجميع".