قتل 35 شخصا على الأقل واعتقل المئات في إيران خلال ثماني ليال من التظاهرات احتجاجا على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، وفق حصيلة جديدة أعلنت عنها وسائل إعلام رسمية. وتنفي السلطات أي ضلوع في وفاة مهسا أميني، البالغة 22 عاما، وتندد بالمتظاهرين الذين ينزلون إلى الشارع كل مساء منذ 16 شتنبر للتعبير عن غضبهم، وتصفهم ب"مثيري الشغب" و"المعادين للثورة". توفيت الشابة الكردية بعدما بقيت ثلاثة أيام في غيبوبة إثر توقيفها في العاصمة الإيرانية بسبب "لباسها غير المحتشم". وذكرت وسائل إعلام رسمية أن "عدد الأشخاص الذين قتلوا في أعمال الشغب الأخيرة" ارتفع إلى 35، بينهم خمسة عناصر من الأمن على الأقل. غير أن العدد قد يكون أكبر من ذلك؛ إذ أفادت منظمة "إيران هيومن رايتس"، غير الحكومية المعارضة التي تتخذ مقرا في أوسلو، بسقوط ما لا يقل عن خمسين قتيلا خلال قمع التظاهرات. "مجموعات معادية للثورة" وتحدثت تقارير عن اعتقالات بالجملة، وأعلن الجنرال عزيز الله مالكي، قائد شرطة محافظة كيلان، "اعتقال 739 من مثيري الشغب، بينهم 60 امرأة" في المحافظة، وفق وكالة "تسنيم" للأنباء. وتواجه المتظاهرون على مدى ثماني ليال مع قوات الأمن فأحرقوا آليات للشرطة وأطلقوا شعارات معادية للجمهورية الإسلامية في العاصمة طهران، كما في أصفهان وقم (وسط) ومشهد (شمال) وعشرات المدن الأخرى، وفق وسائل إعلام وناشطين. وأوقف المئات منهم. وفي محافظة غيلان (شمال) وحدها أوقف "739 من مثيري الشغب، بينهم ستون امرأة"، بحسب ما نقلت وكالة "تسنيم" للأنباء عن قائد الشرطة هناك. واعتقلت قوات الأمن أعدادا من النشطاء والصحافيين، وأفاد شريف منصور، من لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولاياتالمتحدة، بتوقيف 11 صحافيا منذ الإثنين، من بينهم نيلوفر حميدي، من صحيفة "شرق" الإصلاحية الذي كتب عن وفاة أميني. أوقفت شرطة الأخلاق مهسا أميني، المتحدرة من كردستان (شمال غرب)، في 13 شتنبر بسبب "لباسها غير المحتشم"، وتوفيت بعد ثلاثة أيام في المستشفى. وأكد وزير الداخلية أحمد وحيدي، السبت، أن أميني لم تتعرّض للضرب. ونقل عنه الإعلام الإيراني قوله إن "نتائج الشواهد العينية والمحادثات مع الموجودين في مكان الحادث وتقارير الأجهزة المعنية وسائر التحقيقات الأخرى، أظهرت أنه لم يكن هناك ضرب واستخدام عنف". وأشار الوزير إلى أن الحكومة تحقق في سبب وفاة أميني، مضيفا: "علينا انتظار الرأي النهائي للطبيب الشرعي، وهو أمر يستغرق وقتا". واتهم المتظاهرين بأنهم "يتبعون الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية والمجموعات المعادية للثورة". وتوعدت وزارة الداخلية، السبت، بأنها "ستواصل التصدي لأعمال الشغب ... مع الالتزام الكامل بالقواعد القانونية والإسلامية". وردا على التظاهرات، عبأت الحكومة، الجمعة، آلاف الأشخاص الذين تظاهروا عبر إيران دعما للحجاب وتنديدا ب"مثيري الشغب". غير أن التظاهرات الليلية تجددت بعد بضع ساعات وتخللت بعضها أعمال عنف في طهران وفي مدن أخرى، من بينها تبريز (شمال غرب)، بحسب ما أظهرت تسجيلات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. إطلاق نار "متعمد" وفي بعض التسجيلات يمكن مشاهدة عناصر أمن يطلقون الذخيرة الحية، على ما يبدو، باتجاه متظاهرين غير مسلحين في بيرانشهر وماهاباد وأورميا. وفي تسجيل مصور نشرته "إيران هيومن رايتس"، يمكن مشاهدة عنصر من قوات الأمن يطلق النار من رشاش "إي.كيه-47′′، على ما يبدو، باتجاه متظاهرين في شهري ري، بالضواحي الجنوبية لطهران. واتهمت منظمة العفو الدولية قوات الأمن بإطلاق النار "بصورة متعمدة ... بالرصاص الحي على متظاهرين"، داعية إلى "تحرك دولي عاجل لوضع حد للقمع". كما أبدت مخاوف حيال "قطع الإنترنت المفروض عمدا" في إيران مع حجب "واتساب" و"إنستغرام". من ناحية أخرى، قال مركز "هنكاو" لحقوق الإنسان الكردي، ومقره في أوسلو، إن المتظاهرين "سيطروا" على أجزاء من مدينة أشنويه في شمال غرب إيران. وأظهرت مشاهد مصورة متظاهرين يسيرون رافعين شارة النصر، لكن مركز "هنكاو" أبدى مخاوف من حملة قمع جديدة في هذه المدينة الكردية. وأقرت السلطة القضائية بأن "مثيري الشغب هاجموا ثلاث قواعد للباسيج" في المدينة، لكنها نفت من خلال وكالة الأنباء التابعة لها أن تكون قوات الأمن خسرت السيطرة على أنحاء من المدينة. وتوعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، السبت، ب"التعامل بحزم" مع التظاهرات، وذلك في اتصال هاتفي أجراه مع عائلة عنصر من الباسيج قتل في مشهد، بحسب ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية.