ليس هناك أقسى من أن تُبتلى بجار سوء يصبح عليك ناقما ويبيت عنك ساخطا.. لا شيء يعجبه فيك ولا شيء يجذبه إليك.. وما أقسى أن يكون لك جار تجامله فينتقدك، وتمدحه فيذمك، وتطلب وده فيطلب حتفك، وتصله فيقطعك، وتمد له يدك فيمد سيفه ليبترك.. لعله "قدر الجغرافيا" الذي يأتي بجار بمثل هذه المواصفات ليكون بجوارك أبد الدهر، فلا هو ينتقل إلى مكان آخر، ولا أنت تستطيع الرحيل إلى "أرض الله الواسعة".. تجبر نفسك أحيانا على أن تتجاهل حماقاته، وأن تتغاضى عن جهالاته، فيحسبك ضعيفا مهانا.. ترغم نفسك على أن تترفع على سفاهاته، وأن تعلو على بذاءاته، فيظنك متكبرا متجبرا.. لا هذا يعجبه ولا ذاك يرضيه.. كذلك هي الجزائر (حكامها على الأصح) "أفدح وأفظع وأفضح".. تقابل معروف جارها المغرب بالمنكر، وتواجه سلميته بالحرب، وتسامحه بالضغينة، وخيره العميم بالشر المستطير. وإذا صح الخبر الرائج بخصوص إفراد الجارة الشرقية للمملكة 3 ملايين دولار (وربما أكثر) لتمويل أعمال ضغط (لوبيات) في دول الاتحاد الإفريقي من أجل حشر المغرب في الزاوية، وترسيخ فكرة انفصال الصحراء في أذهان القيادات الإفريقية، فإن كل الأوصاف السابقة عن "قصر المرادية" لا تكفيه أبدا.. طبعا.. لا يمكن تخيل جار بمثل هذا "الغباء السياسي" ولا بهذه الذات الموغلة في المرض النفسي.. يعلن جارك بملء فيه أنه يريد مصافحتك، ويرغب في مصالحتك وعناقك، ويطالب أبناءه بأن لا ينخرطوا في "لعبة السب والقذف والإهانات"... ماذا يريد هذا الجار أكثر من هذا "العرض السخي"؟،.. لماذا لا يجرب صدق جاره من عدمه؟.. إلا إذا كان يطلب المستحيل ليصدق، أو أن يترك له هذا "الجار الطيب" الدار والمكان ليعيث فيهما فسادا و"انفصالا" كما يحلو له. وهكذا.. لم تمر أسابيع قليلة على خطاب الملك محمد السادس الذي دعا فيه صراحة إلى نهج قيم حسن الجوار مع الجارة الجزائر، ومواصلة التحلي بقيم الأخوة والتضامن، وأنه لن يسمح لأي أحد بالإساءة إلى جيراننا وأشقائنا"، (لم تمر) حتى جاء الجواب من حكام الجزائر واضحا جليا.. وحتى أكون لطيفا ودبلوماسيا وأيضا "غير حاد" في هذه "الزاوية الحادة"، فإنني لم أجد جوابا ولا وصفا أدق من كلمة "اللؤم". نعم.. جنرالات الجارة لئيمون إلى حد الرد على طلب ملك المغرب بالإحسان إلى الجيران بتخصيص أموال طائلة يحتاجها الشعب الجزائري الشقيق، الذي يكابد الفقر والبطالة والتجويع، للنيل من جارهم الذي يدعو أبناءه إلى التحلي بقيم التضامن والأخوة.. للأسف.. هذا الصنف من البشر لا يصلح معهم إحسان ولا ينفع معهم غفران؛ فاللئيم كما قال العرب "كذوب الوعد، خؤون العهد قليل الرِّفْد"، إذا أُسدِي إليه صنيع أخفاه، وإن استُكْتِم سرا أفشاه، فصديقه منه على حذر، وعدوه منه على غرر".. هكذا حكام الجزائر للأسف.. بل "أدهى وأمر"...