تستمر قضية "ترحيل" الإمام المغربي بإحدى مقاطعات الشمال الفرنسي، حسن إيكويسن، إثر قرار صدر عن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، في إثارة وتجديد الجدل الذي لم تخلُ منه أطوار جلسة قضائية، أمس الخميس، أمام المحكمة الإدارية في باريس؛ بينما علّقت الأخيرة، اليوم الجمعة، قرار الترحيل. وفي سياق متصل، تفاعل وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، الذي وقع على أمر الترحيل، سريعا مع قرار المحكمة، طالبا استئنافه أمام "مجلس الدولة". وأبدى المسؤول الفرنسي ذاته، في بيان، أنه «مصمم جدا على محاربة أولئك الذين يدلون وينشرون تصريحات ذات طبيعة معادية للسامية وتتعارض مع المساواة بين الرجل والمرأة». مواجهة مفتوحة وبعد حصوله على الإفراج التمهيدي لتعليق هذا الإبعاد من التراب الفرنسي، جرى الخميس تقديم إيكويسن أمام هيئة المحكمة الإدارية في العاصمة الفرنسية، في ظل "صراع رؤيتيْن" مختلفتين لهوية ومواقف الرجل البالغ من العمر 57 عاما، وصلت حد استعراض "أشرطة فيديو تتضمن خُطبا وندوات سابقة ألقاها حسن إيكويسن طيلة عشرين سنة الماضية"، ما فتح "مواجهة مفتوحة" بين أطراف المحاكمة عن صواب قرار وزير الداخلية في حكومة ماكرون. وفي حين جددت "باسكال ليغليز"، مديرة الحريات العامة والشؤون القانونية في وزارة الداخلية الفرنسية، تأكيد موقف هذه الأخيرة أن الإمام المغربي، المزداد في فرنسا، واعظ مقرب من جماعة الإخوان المسلمين، «يقول أشياء تتوافق مع قيم الجمهورية اليوم، ونقيضها في اليوم الموالي»، دفعت محاميته المنتصبة للدفاع عنه "لوسي سيمون" في اتجاه حُجَج بالفيديو تتضمن مقاطع قالت إن الإمام يتبنى فيها مواقف «المدافع عن الإسلام الوسطي». فيديو محاضرات خلال جلسة الاستماع بمحكمة باريس الإدارية، دافع الطرفان عن تفسيرهما للقضية واستعرضا الحجج، باستناد في ذلك على بيانات ومواقف وردت وأدلى بها إيكويسن في مؤتمرات وخطابات تم بثها على الإنترنت خلال العقدين الماضيين. هذا، بينما وصفت محامية الواعظ، سيمون، الأمر بأنه يشبه "حرب مقاطع فيديو ضد مقاطع الفيديو" خلال مرافعتها. وتضمنت مرافعة محامية إكيوسن طلبا إلى محكمة باريس الإدارية، داعية من خلاله إلى «الحذر من الأحكام والعبارات التي يتم قطعها وإخراجها من سياقها»؛ كما رفضت «جدية وراهنية» هذه التصريحات، وآخرها يعود إلى 2019، والأقدم في التسعينيات؛ وهو ما "لا يعكس التفكير العميق لموكلها". كما اعتمدت المحامية عينها على اقتباسات من مقاطع فيديو أخرى لمحاولة توضيح وتدعيم موقفها، أبرزها تعود لعام 2014، على سبيل المثال، يقول فيها إن «اليهودية دين محترَم». وقالت لوسي سيمون ردا على وزير الداخلية: «لستُم الضامن القضائي لتأثيرات إعلان الحكومة»، في إشارة إلى إفادات أدلى بها جيرالد دارمانان، الأربعاء الماضي، في صحيفة "لوفيغارو" بشأن "مشروع قانون الهجرة المستقبلي". من ناحية أخرى، اعتبرت ممثلة وزارة الداخلية، خلال أطوار جلسة المحاكمة، أن تعليقات حسن إكويسن «تشكل الأساس لحدوث أعمال إرهابية»، وأضافت: «إنه نفس خطاب (محمد) مراح»، في إشارة إلى منفذ الهجمات في تولوز ومونتوبان عام 2012. وشددت مديرة الحريات العامة والشؤون القانونية بالداخلية الفرنسية على "تبرير طلب طرد الواعظ إلى المغرب" بأن «تكرار (التصريحات) يدعو إلى استمرار التهديدات». تفاعلات القضية دخلت جمعية "رابطة حقوق الإنسان" (LDH) بفرنسا على خط متابعة إيكويسن، مع تطوعها لدعم طلب المحامية في جلسة الاستماع. ودافعت ماريون أوجييه، عن الجمعية، عن "الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية" بالقول: «هذه التصريحات القديمة لم تؤدّ أبدا إلى رفض تصريح الإقامة أو إدانة جنائية». في سياق متصل، كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت، الخميس، طلبا بوقف طرد حسن إكويسن، بينما أطلقت شخصيات ثقافية وحقوقية فرنسية عديدة عريضة تطالب فيها الحكومة الفرنسية ورئيس البلاد إيمانويل ماكرون بتوقيف قرار الطرد الذي يستهدف، وفقَهم، "قيم الجمهورية الفرنسية الخامسة وهويتها". وكان دارمانان أعلن الثلاثاء الماضي أن المغرب أصدر "تصريحا قنصلياً" يبدي فيه موافقته على "طرد وترحيل حسن إكويسن من التراب الفرنسي"؛ قبل أن يعبّر وزير الداخلية الفرنسي، في معرض رده على سؤال لنائب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) سيناستيان تشينو في الجمعية الوطنية الفرنسية، عن شكره للمغرب على إصدار هذا التصريح، مشيرا إلى "مباشَرة مسطرة الطرد سريعا بمجرد اعتقاله". جدير بالذكر أن محكمة باريس الإدارية علقت، الجمعة، قرار ترحيل الإمام والواعظ حسن إكويسن إلى المغرب، على أساس أنه قرار «سيضر بشكل غير متناسب بحياته الخاصة والعائلية»، حسب ما أعلنت محاميته لوسي سيمون، في "تغريدة" لها على "تويتر". وأضافت سيمون، التي ترافعت عن إيكويسن، في جلسة الخميس، أمام هيئة المحكمة الإدارية بالعاصمة الفرنسية، في "التغريدة" ذاتها أنه «بعيدا عن صفارات الإنذار الإعلامية، الحق يعلو»، ملتمِسةً من المحكمة «حماية الحريات الأساسية» بتعليق أمر الترحيل.