في خضم النقاش العمومي الدائر حول تعديل مقتضيات مدونة الأسرة لتتلاءم مع مضامين دستور 2011، قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المدوّنة أكدت على مجموعة من المبادئ التي ساوَت بين المرأة والرجل في الواجبات، من قبيل واجب الرعاية المشتركة للأسرة، إلا أن المساواة لم تطل الحقوق المكفولة للمرأة في الجانب المتعلق بالإرث. وذهبت بوعياش إلى القول في الجلسة الافتتاحية لندوة قُدمت فيها نتائج دراسة حول آراء المغاربة في نظام الإرث المعتمد في المغرب، إن هذا النظام "ما زال حاملا لعدد من مظاهر التمييز وعدم المساواة تجاه المرأة، من صُوَرها نظام التعصيب، والقيود المفروضة على الوصية، وهو ما يحد بشكل قوي من ولوج النساء والفتيات إلى الأرض والثروات، وجعلهن أكثر عرضة للفقر والهشاشة". رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتبرت أن نظام الإرث المعمول به في المغرب، الذي يستمد قواعده من الشريعة الإسلامية، "يتمتع فيه الرجال بامتيازات وإمكانيات للحصول على العقارات والصناعات والأعمال التجارية، ما يؤدي إلى تأنيث الفقر"، على حد تعبيرها. وأضافت أن الكثير من الأسر "تلجأ بشكل متزايد إلى القيام بإجراءات قانونية كبديل عن القواعد الحالية لنظام الإرث، من قبيل البيع أو الصدقة أو الهبة، وذلك بهدف حماية بناتهن من قاعدة التعصيب، وما قد يواجهْنه من حرمان من حقوقهن بعد وفاة الأب، ولتحقيق المساواة بين الإناث والذكور"، غير أن اللجوء إلى هذه الإجراءات "لا يمكن أن يكون حلا لإنصاف النساء المغربيات، بالنظر إلى المساطر التي تتطلبها، والنزاعات التي قد تثيرها، ومحدودية إمكانية إجرائها من طرف كافة الأسر المغربية". بوعياش جددت موقفها المؤيد لإقرار مبدأ المناصفة في الميراث، بقولها إن الإجراءات التي تلجأ إليها بعض الأسر لتحقيق المساواة بين أبنائها "لا يمكن أن تكون بديلة عن منظومة قانونية عادلة ومنصفة ومتاحة الولوج لكل الأسر المغربية، وكفيلة بتوفير الحلول الملائمة، تأخذ بعين الاعتبار الوضعيات والتحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي". وأضافت أن التحولات البنيوية العميقة التي شهدتها الأسرة المغربية، ومنها خروج المرأة إلى العمل ومشاركتها في اقتصاد البيت، "حوّلتها بشكل متصاعد من كائن مُعال إلى معيل تعتمد عليه الكثير من الأسر المغربية وعلى مساهمتها المادية"، مشيرة إلى أن أكثر من 16 في المئة من الأسر المغربية تعيلها نساء.