تواصل الجزائر سياسة العداء ضد جيرانها، ليكون الدور هذه المرة على إسبانيا، حيث قررت التعليق "الفوري" لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها بتاريخ 8 أكتوبر 2002، بسبب الموقف التاريخي لمدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. وبعدما ظلت الجزائر تنفي كونها طرفا في النزاع المفتعل في الصحراء، برهنت من خلال هذا الموقف، للمنتظم الدولي، كونها طرفا أساسيا في الصراع. وقال نوفل بعمري، المختص في شؤون الصحراء، إن الجزائر من خلال تعليق اتفاقية حسن الجوار والصداقة مع الدولة الإسبانية "تجعل نفسها الطرف الأساسي في الملف، المعنية به والمعرقلة لأي مسار سياسي يهدف إلى طي الملف على قاعدة رابح-رابح؛ وهو ما لا يريده النظام الجزائري الذي يسعى إلى تمطيط الملف لأقصى مدة ممكنة خدمة لأجندته الضيقة في المنطقة". وسجل بعمري، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن النظام الجزائري، من خلال هذا القرار، يضع فهما خاصا به لمعنى الصداقة وحسن الجوار بين الدول، "إذ لا يرى فيه غير أن تكون باقي الدول تابعة له وغير مستقلة في قرارها الدبلوماسي، وهو ما ظلت تعلمه إسبانيا من كون قرارها هو سيادي ويخص سياستها الخارجية وأكدت عليه تعليقا على الموقف الجزائري الذي يعد تدخلا ومسا خطيرا في السياسة الداخلية للدول". وشدد الباحث المغربي على أن النظام الجزائري وضع نفسه سابقا خارج الشرعية الدولية، بدعمه لتنظيم انفصالي إرهابي، وهو اليوم يعزل نفسه عن محيطه بسبب اختياراته غير الدبلوماسية والمتنافية مع مبادئ القانون الدولي. من جهته، اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن ما تقوم به الجزائر "يعد انتحارا دبلوماسيا، لكونه يرتب إجراءات جوابية مضادة ليس من إسبانيا فحسب؛ ولكن من باقي الدول الأوروبية والدول التي تناصر موقفها السياسي من النزاع الصحراء"، مشيرا إلى أنها "لن يكون بإمكان سلوكاتها المرتبكة تغيير الموقف الإسباني الذي أعاد بيدرو شانسيز تأكيده أمام كونغرس بلاده". وسجل الفاتحي، ضمن تصريحه للجريدة، أن ما تقوم به الجزائر "سيزيد من عزلتها الدولية مع إسبانيا وباقي الدول المؤيدة للموقف المغربي من قضية الصحراء كالولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا وألمانيا وهولندا ودول الاتحاد الأوروبي، وذات العزلة ستعيشها في الاتحاد الإفريقي بعد تزايد افتتاح القنصليات العامة للعديد من الدول الإفريقية بالصحراء المغربية، فضلا عن عزلتها في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وباقي المنتديات الدولية". وأوضح أن القرار الجزائري كان متوقعا، حيث سارت على المنوال نفسه الذي سلكته في علاقاتها مع المغرب، مؤكدا أنه ينتظر أن يتكرر الأمر نفسه مع إسبانيا، حيت فشلت ضغوطاتها السياسية وتدخلاتها في قرار سيادي إسباني داخلي دون أن تتمكن من إرغام الحكومة عن التراجع عن الموقف الداعم للوحدة الترابية المغربية. وكانت الجزائر أكدت، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أن السلطات الإسبانية باشرت حملة لتبرير الموقف الذي تبنته إزاء الصحراء، والذي يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية كقوة مديرة للإقليم، والتي ما زالت تقع على عاتق مملكة إسبانيا إلى غاية إعلان الأممالمتحدة عن استكمال تصفية الاستعمار بالصحراء، وفق تعبيرها.