في غياب المهاجم كريم بنزيمة نجم ريال مدريد الأسباني، يعلق المنتخب الفرنسي لكرة القدم آماله في بطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2016) بفرنسا على أنطوان جريزمان مهاجم أتلتيكو مدريد الأسباني والذي دعم موهبته وعززها من خلال الخبرة والحافز الذي استقاه من أكثر من أوروغوياني. وفي عام 2004 ، كان جريزمان في الرابعة عشر من عمره وكان مفعما بالحماس لكن مشاركاته كانت قاصرة على مباريات ودية مع فريق مونبلييه. وطالب كشاف المواهب إيريك أولاتس اللاعب الصغير بإعطاء بطاقة التعريف والبيانات الخاصة به (الكارت الشخصي) إلى والديه. وأعرب أولاتس عن رغبته في أن يخضع اللاعب للاختبار بنادي ريال سوسييداد. وبعد 12 عاما فقط من هذه التجربة والاختبارات التي خضع لها اللاعب في سوسييداد، يتأهب جريزمان ليكون المهاجم الأساسي للمنتخب الفرنسي في يورو 2016 بفرنسا في ظل إيقاف بنزيمة من قبل الاتحاد الفرنسي للعبة بسبب فضيحة ابتزاز تتعلق بشريط إباحي مصور لزميله ماتيو فالبوينا. وجاء صعود جريزمان إلى القمة من خلال علاقاته ومواجهاته مع أكثر من شخص أوروجوياني لم يساهموا فقط في صبغ حياته بكثير من عادات وتقاليد هذا البلد الواقع بقارة أمريكا الجنوبية وإنما عملوا أيضا على تشكيل أسلوب لعبه. وتغير مستقبل غريزمان في اليوم الذي استدعي فيه من قبل المدرب الأوروغوياني مارتين لاسارتي ليستكمل به قائمة الفريق الأول لنادي سوسييداد وذلك خلال فترة إعداد الفريق عام 2009 قبل بداية الموسم. واعترف لاسارتي بأنه اختار غريزمان عن طريق الصدفة حيث كان بحاجة إلى لاعب احتياطي للجناح الأيسر للفريق وكان اللاعب الآخر في هذا المركز مصابا مما اضطره لاستدعاء جريزمان باعتباره الخيار التالي في هذا المركز. وأوضح لاسارتي أنه لم يكن يعرف أي شيء عن غريزمان آنذاك ولكنه أعجب بمستواه في أول مباراة ودية خاضها مع الفريق. وقال لاسارتي، في تصريحات إلى وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بمونتفيديو عاصمة أوروغواي: "كانت قدرته رائعة على اتخاذ القرارات. أعتقد أنه كان جادا للغاية وكان شديد التركيز ويمتلك موهبة فنية عالية". وطالب لاسارتي مسؤولي النادي بعدها مباشرة بالإبقاء على جريزمان في صفوف الفريق الأول ليكون أحد اللاعبين الاحتياطيين في صفوف سوسييداد. ورأى البعض هذا تهورا من جانب المدرب لأنه سيحتفظ في الفريق بلاعب لم يكن حتى أساسيا في الفريق الثاني للنادي علما بأن سوسييداد كان يتأهب لخوض فعاليات الموسم ضمن منافسات دوري الدرجة الثانية على أمل العودة لدوري الدرجة الأولى. ولكن لاسارتي أصر على طلبه. وكانت موهبة لاساراتي الفطرية في اكتشاف المواهب أثبتت إمكانياتها قبل هذا بسنوات قليلة عندما أكد ثقته في مهاجم شاب خلال فترة تدريبه فريق ناسيونال الأوروغوياني، كان هذا الشاب هو لويس سواريز الذي صال وجال في صفوف برشلونة الأسباني في الموسمين الأخيرين وتوج هدافا للدوري الأسباني في الموسم المنقضي. وقال لاساراتي، مستدعيا ذكريات الماضي، "شعوري تجاه غريزمان كان مشابها للغاية لشعوري تجاه سواريز. هناك تشابه بينهما في أن كليهما لديه مسيرة واضحة كرياضي فكل منهما يعرف إلى أين يتجه. لويس (سواريز) أراد اللعب لبرشلونة وأنطوان (غريزمان) أراد السطوع مع المنتخب الفرنسي". ولم يستغرق غريزمان وقتا طويلا ليصبح اللاعب المفضل لدى الجميع في سوسييداد واللاعب الذي يعتني به الجميع ويصححون أي خطأ يرتكبه. وقال لاسارتي إن جريزمان كان بمثابة الاسفنج الذي يمتص كرة القدم. واصطحب لاسارتي لاعبه الفرنسي إلى أوروجواي ليطلعه على طبيعة مباريات كرة القدم هناك، ومن ثم يعلمه كيفية اللعب على الملاعب السيئة وبأموال أقل. كما حظي غريزمان برعاية حارس المرمى التشيلي كلاوديو برافو والنجم الأوروغوياني كارلوس بوينو زميليه في فريق سوسييداد. وتأثر غريزمان بزميله بوينو في التعامل مع الكرات العالية وكيفية توجيهها بالرأس، وأجاد جريزمان هذه المهارة رغم عدم تمتعه بقامة طويلة. كما تعود غريزمان، بتشجيع من بوينو وبابلو بالبي مدرب الأحمال البدنية في فريق سوسييداد، على احتساء شراب "الماتي" وهو شراب يشبه الشاي ويحظى بشهرة كبيرة في أوروجواي والأرجنتين وبلدان أخرى خاصة في أمريكا الجنوبية. وبدا غريزمان سعيدا للغاية عندما أهدته زوجة لاسارتي، خلال زيارته إلى أمريكا الجنوبية، أدوات تحضير وتناول شراب الماتي. وقال الأوروغوياني الآخر دييغو غودين قائد دفاع فريق أتلتيكو مدريد مؤخرا إن جريزمان يشرب الماتي أكثر منه هو نفسه. كما يحرص غريزمان على اصطحاب أدوات تحضير وتناول شراب الماتي خلال رحلاته سواء مع ناديه أو منتخب بلاده. وسارع ممثلو أوروغواي في سوسييداد إلى تقديم جريزمان لمواطنيهم في أتلتيكو مدريد بمجرد انتقاله إلى فريق العاصمة الأسباني. وحرص جودين وكريستيان رودريجيز على مساندة ودعم المهاجم الفرنسي حتى يشعر بأنه في بيته خلال تواجده مع أتلتيكو كما انضم إلى أتلتيكو بعد ذلك المدافع الأوروجوياني الشاب خوسيه ماريا خيمينيز. ويرى لاسارتي أن التحالف الأوروغوياني ترك أثرا كبيرا على أسلوب لعب غريزمان. وامتزجت الأناقة والفنيات الكروية التي يتمتع بها نجوم الكرة الفرنسية بالمكر والتضحيات والتنافسية والروح العالية وهي الصفات التي يتسم بها لاعبو أوروغواي. وتحقق حلم جريزمان السابق باللعب للمنتخب الفرنسي كما يواجه اللاعب تحديا هائلا مع الفريق في الأسابيع المقبلة عندما يقود هجوم الفريق في يورو 2016 التي تستضيفها بلاده.