معدن نفيس ذاك الذي أنار سماء "الليغا" ذات سبت في افتتاح منافسات الدوري الإسباني.. حدّادٌ شكل إسمه بأرقى صور المنحوتات والزخارف، وتعملق في صنع هوية منيرة لموهبة استطاعت لفت أنظار العالم إليها، وفرضت على أقلام الخطاطين التفنن في وصف ما أظهر من إمكانياته مع "البلوغرانا" إلى حد الآن، والتجرؤ على تلقيبه ب"ميسي" برشلونة الجديد. مراهق عهد انتظار "البرغوت" كمعجب عند نهاية التداريب مرتدياً قميص الفريق الأول لنادي برشلونة لالتقاط صورة تذكارية مع ظاهرة الكرة العالمية، ليونيل ميسي، ولم يكن يوماً ينتظر أن يشكل وإياه ثنائياً يقود الفريق الكاتالوني إلى التألق، ويتقاسمان فرحة التسجيل على ملعب "الكامب نو" أمام عشرات آلاف الجماهير التي لا تصفق إلا لمن يستحق. منير حدادي، المقبل على إطفاء شمعته التاسعة عشر بعد أيام، مغربي أصيل من أب تطواني وأم مليلية، التقط حمى المستديرة من شوارع إسكوريال، ضواحي مدريد، حيث مسقط رأسه، قبل أن يقرر والده تسجيله بنادي غلاباغار، القريب مقره من محل إقامة أسرة منير، ولعب له في فئة الصغار حيث برز عشقه الكبير لزيارة الشباك، ليخطفه نادي أتلتيكو مدريد بتوصية من أحد مراقبي اللاعبين الناشئين، لتتم إعارته بعدها لنادي رايو ماخادا هوندا حيث أكد موهبته. شرع في ملامسة حلم الطفولة بحمل قميص نادي برشلونة الإسباني عندما رصدته أعين التقنيين الذين انبهروا بمستواه الكبير مقارنةً مع سنه الصغير، ويستولي على خدماته النادي الكاتالوني بعد 90 دقيقة من اللعب أمام أنظار أحد مبعوثي برشلونة إلى مدريد، في مباراة لفتيان نادي رايو ماخادا هوندا عندما سجل آنذاك حدادي "هاتريك"برأسية وصاروخين أطلقهتما قدماه، اليمنى واليسرى. انتقال حدادي للتكوين ب"لاماسيا" كان بمثابة رحلة في عالم الخيال، ذلك أنه كان يعشق "البارصا" لحد الجنون منذ صغره، وجعل من نجومه أُسى له، ليصبح بذلك منير أحد المدافعين على قميص برشلونة لفئة الشباب لسنتين، قبل أن يتم تأهيله للعب للفريق الثاني لل"بلوغرانا" ومنه للتدرب مع الفريق الأول في نفس السنة. قدرته الجبارة في الوجوده في المكان المناسب، وحسه الهجومي الحاسم، زَكّيَا الموهبة الفريدة للحدادي قبل وأثناء الموسم الكروي الجاري، حيث تمكن من تسجيل خمسة أهداف في ثلاث مبارايات، منها هدف رسمي في أولى جولات "الليغا" الإسبانية أمام إلتشي. تألقٌ لأول عربي يحمل قميص برشلونة، كَبُر معه "البوليميك" حول ما إذا كان حدادي الذي مثل المنتخب الإسباني للشباب، سيزأر يوماً بقميص الأسود، وسط تضارب للأنباء حول مدى تعلق مسؤولي الكرة المغربية باللاعب، ومدى جدية محاولاتهم لإقناعه بثمثيل بلده الأصلي عوض "لاروخا"، لينتقل الجدل إلى أوساط متتبعي الشأن الكروي، بين مؤيد لحمل حدادي للقميص الوطني، ومعارض بدعوى أن على اللاعب التركيز على مستقبله مع فريق من بين أقوى الأندية في العالم، وأن وضع المنتخب المغربي العليل سيؤثر سلباً على أسهمه في بورصة مداعبي المستديرة. إلى هؤلاء.. هلا تفاءلتم ولو بالاستثناء، واستحضرتم في حكمكم هذا تجربة قائد الأسود، المهدي بنعطية، المنتقل حديثاً إلى عملاق "البوندسليغا"، بايرن ميونيخ، في صفقة جعلته المدافع الأغلى بالدوري الألماني، وهو من تسلق القمة ب"الكالتشو" وحافظ على مستواه مع الفرق التي لعب لها دونما تأثر مرده تلبيته الدائمة لنداءات القميص المغربي ودفاعه الأشوس على ألوانه. إلى مسؤولي الكرة.. كفاكم تغزلاً بمهارات منير وغيره من وراء التلفاز أو من مدرجات ملاعب العالم في مباريات تدخل ضمن برنامج إجازاتكم خارج الوطن، وارتقوا إلى تقنيات الإقناع وتوفير سبل الإهتمام بالمواهب المغربية تجعلهم منتمين لهذا الوطن أصلاً وليس بعد إقناع ستجعلونه بمثابة إنجاز رياضي، قبل ثلاثة أشهر عن "كان" المغرب 2015، قد لا تكون كافية للاعب لم يمارس قط بالمغرب ولا للمغرب من أجل التأقلم مع أجواء الأسود. وبين محاولات الجامعة المغربية المنتظرة لإقناع حدادي، وتحركات الإتحاد الإسباني للإبقاء عليه ضمن ممثلي منتخب "لاروخا"، يظل الأسد أسداً إلى حين، في انتظار حسمه بين الضفتين.