راه خاصنا نفهمو علاش هادشي واقع فهاد الظرفية بالضبط وعلاش هاد الزوبعة قامت بالتحديد على وهبي. المغرب كيمر بواحد المنعطف تاريخي معقد بعدما كانت الساحة السياسية في المغرب وفي الوطن العربي غالب عليها التيار الإسلاموي المحافظ. جاءت المحطة الكبرى للتغيير التي عصفت بالأصوليين الإسلاميين وهي انتخابات شتنبر 2021. تزعزعت المعادلة السياسية لتأتي بالتغيير على المستوى المركزي وصعود الليبراليين المعتدلين. حزب الحمامة الذي يتزعم تنزيل مشروع الملك محمد السادس للحماية الاجتماعية و هادشي طبيعي لأنه الورش الأكبر الذي بنى حملته الانتخابية عليه، وحزب الجرار الذي يتزعم الملف الحقوقي للملك، والذي هو مبني على تمكين النساء من الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عبر إصلاح جزء من المنظومة القانونية التى عرفت ركودا وعرقلة كبيرة في السنوات العشر الأخيرة بزعامة حزب العدالة والتنمية، وزير العدل السابق مصطفى الرميد ومنها مدونة الأسرة والقانون الجنائ،ي وحزب الاستقلال الوطني العريق الذي يلعب دور الوسيط باعتدال مواقفه والذي هو تجسيد لرمزه الميزان. اختيار الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة "الجرار" كوزير للعدل وملف حقوق الإنسان لم يكن اختيارا اعتباطيا. وهبي هو سياسي عندو أفكار ليبرالية اجتماعية تهم مجال الدفاع عن حقوق المرأة، كان كيدافع عليها ملي كان برلماني، هو ولد اليسار وناضل فالشبيبة الاتحادية وتربى فالطليعة على مبادئ الحداثة قبل ما يلتحق بالبام. وهادي هي الميزات الأهم للي خصها تكون حاضرة بقوة في وزير العدل وحقوق الإنسان في هذه المرحلة. مصطفى الرميد خلال مهمته كوزير كان دائما موضع علامات استفهام من قبل المنظمات الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة. ظهوره في المحافل الدولية أفقد المغرب مصداقيته كدولة قادرة على التطور والتنمية الاجتماعية وخصوصًا في مجال حقوق المرأة لكونه رجل متعدد الزوجات. فلا يعقل أن يتحدث وزير أمام المجتمع الدولي عن ورش كبير يتعلق بنصف المجتمع و هو المرأة، و هو شخص غير قادر على تحقيق العدل الاجتماعي في حياته الخاصة. على عكس وزير العدل الحالي اللي عندو مصداقية في المجال بحكم مساره السياسي ونستذكر هنا الحفاوة والتعاون الكبير الذي أثمر عن قيادته للوفد المغربي خلال الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة نونبر الماضي. وفي الجلسة العامة النهائية أثنى رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على أداء الوفد بقيادة وهبي، كما استقبله شخصيا المفوض الأعلى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان للحديث عن مشاريع المغرب للنهوض بالمجال الحقوقي، وخاصة فيما يتعلق بتنزيل القوانين الجنائية في مجال العنف ضد النساء. وهنا بيت القصيد. التحول المركزي في الوزارة كان على مستوى وزير العدل واالديوان ديالو. لكن لا ننسى أن هناك إدارة متجذرة وعميقة تكونت على مدى عقود وتعززت خلال عشر سنوات من زعامة الإسلاميين في شخص الرميد. موظفين ومدراء وأمناء وكتاب.. الخ تم تعيينهم وإدماجهم في المناصب في الفترة السابقة. جيش من المحافظين (عدالة وتنمية وعدل وإحسان)، الذين كانو دائما مسخرين لحماية الفكر الإسلاموي، ومن الطبيعي أن يشوبهم الاستهجان عندما عصفت الانتخابات بالمركز(الرميد وديوانه)، هم بقوا لأنهم متشعبون في الإدارات المركزية والمحلية والإقليمية في المندوبيات. التحول السياسي الاجتماعي الليبرالي الذي وقع على المستوى المركزي لم يصاحبه بالضرورة تحول على المستوى الإداري والمحلي. مجيئ وزير حداثي رافعا شعار حقوق المرأة ومدافع عن مشروع تحديث المنظومة الحقوقية التي تهم المرأة. وزير يتحدث عن مسألة الإجهاض والعلاقات الرضائية خارج إطار الزواج والقوانين الجزرية لتحديد النسب وتحميل المسؤولية للرجل هو نشاز بالنسبة للإسلامويين المحافظين الذين يعايشونه ويصارعون مقاربته يوميا داخل الوزارة. إذن من الطبيعي أن نرى اليوم أنه بينما تخرج هيئات ونقابات، والتى كان لديها صراع مع الوزير في وقت ليس بالبعيد كنقابة المحامين ببلاغات تستنكر الهجوم على المؤسسة، وتشجب التشكيك في نزاهة الامتحانات، تأتي شبيبة العدل والإحسان ببيان ينادي بوقفة احتجاجية ويشكك في مصداقية مباريات المحاماة ككل. الصراع الحاصل الآن تجاوز كونه مناوشات حول تصريح لوزير معروف في الوسط السياسي على أنه إنسان عفوي ويستعمل في بعض الأحيان لغة التهكم والسخرية (مع أنني لا أتفق مع هذه المقاربة في الخطاب وخصوصا السياسي الذي يجب أن يتسم بالعقلانية و ضبط النفس) للتعبير عن سخطه اتجاه موقف أو سؤال يعتبره في غير محله، وصار صراعا إديولوجيا بين فكر ديني محافظ وفكر حداثي معتدل. هذه من تجليات الصراع الإديولوجي لتيارين يتعايشان في وزارة واحدة، واحد يتحكم في السياسة (وزير الجرار وهبي وديوانه)، والآخر يتحكم في الإدارة (الإسلاميين المتجذرين من بقايا العدالة و التنمية والعدل والإحسان التي لم تخرج من الصراع أبدا). تكهناتي أننا سنرى في المستقبل خرجات كثيرة من هذا القبيل وركوب الإسلامويين على موجات الزلات اللسانية البسيطة للسياسيين الحداثيين كما حدث ويحدث في الدول الأخرى.