احترقت لومليط التي رسم معالمها وزير الفلاحة والسيدة شوميسة. وفاحت روائح الإحتراق في مراكش، ووصلت إلى كل المناطق التي كان المغاربة فيها يتابعون ما يحدث حول أومليط ضخمة وكبيرة للغاية. فقد تبين أن الزيت «محروق»، وبمجرد أن كسر السيد أخنوش البيضة الافتتاحية. وهو اكتشاف راق على كل حال، يحسب للوزير، ضمن مشروع المغرب «الأبيض»، وأشعلت السيدة شوميشة النار في المقلاة حتى اشتعل اللهب. وكانت الطبخة «أومليط نيت».
الأومليط التي نتحدث عنها ليست أية أومليط (عجة)، بل تطلب تهيؤها 22 ألفا و100 بيضة، وقرابة 85 لترا من الزيت. وطبعا، فقد كان لابد من 22 ألف بيضة لكي يتم تحسيس المغاربة «بالقيمة الغذائية للبيض وأهميته في ثقافة وذهن المستهلك المغربي كغذاء صحي ومتوازن»، على حد قول رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي بيض الاستهلاك. وبما أنني لا أعرف للبيض وظيفة أخرى غير الاستهلاك، فأنا أقدر بأن هذه الجمعية المحترمة، تعرف، ولا شك، ما يستهلكه المغاربة في جزء كبير من حياتهم. فنحن الوحيدون الذي اخترعنا «بي إم»(BM) في موائدنا، ونعني بها «بيض وماطيشة».
كما أننا نحن المغاربة من يأكل الدجاج ومشتقاته في نفس الصحن! ومع ذلك، كان لابد من أومليط كبيرة في مقلاة كبيرة للغاية، لكي نستطيع فعلا أن نكتشف أن البيض مفيد للصحة، وأنه غذاء أيضا. وكان لا بد من نجمة الطبخ المغربي، ذات الشهرة العالمية، لكي تعطي الانطلاقة لماراطون البيض. ووزير فلاحة من العيار الثقيل، السيد أخنوش بالذات الذي يقود الفلاحة، قادما إليها من حزب معارض. وهو بالذات سيصلح للوزارة بعد أن كان في خدمة المغرب الأخضر.
وكان أولى به أن يكسر البيضة أولا، عند مدخل مقر الحكومة، ولمَ لا على جبهة الأستاذ بنكيران الذي يحب البساطة المغربية. المشكلة الوحيدة التي تقلقني بالفعل هي أنه بالرغم من كل البيض الذي يتجول في المغرب، فإن معدل كل مغربي من البيض لم يتجاوز 138 بيضة سنويا لكل واحد منا حسب إحصائيات 2010. ومعنى ذلك أننا نأكل بيضة كل يومين ونصف اليوم. غريب، مع أنني أشعر أننا محاصرون بالبيض منذ نعومة أظافرنا وإلى حين الوفاة، لا سيما وأن البيض يكون حاضرا أيضا في «لعزو»! وإذا سلمنا بهذه الأرقام التي قدمها أهل البيض والعقد، فإن معنى ذلك أن لالة شوميشة تكون قد أهدرت في يوم واحد فقط ما يعادل تغذية 160 مغربيا لمدة سنة كاملة.
أما إذا حسبناها، كم يساوي ذلك لكل واحد منا، فإن الأومليطة تعني غذاء واحد منا لمدة 160 سنة ..! ولا حديث عن الزيت والأشياء الأخرى؟ ولكن لماذا نحن نصر على أن تكون لنا أكبر أومليط بعد أكبر كسكس؟ صراحة، غينيس ليس مغربيا، وأحيانا لا ننجح سوى في تكريس تلك الصورة الغرائبية لبلادنا، كأننا شعب يعيش في كارطبوسطال، أو محاطا بالثعابين والبيض والكسكس، في جامع لفنا. وبيض المغرب هو الوحيد الذي يولد البيض! ونحن الوحيدون من بين شعوب العالم الذين نضع البيضة في الطاس كلما أردنا أن نزيد الطين بلة. ولهذا ربما كان لا بد لأومليط السيدة شوميشة والسيد الوزير أن تزيد من تعقيد أمور بيضنا البسيط. 1/17/2012