الدكتور الطيب حمضي – رئيس النقابة الوطنية للطب العام// في إطار مواصلة اثارة الانتباه والتواصل حول الإجراءات الاستباقية لمواجهة وباء كورونا المستجد، نثير الانتباه اليوم للإجراءات الواجب اتخادها لمواجهة احتمال الموجة الثانية بناء على آخر المعطيات العلمية وتطور الحالة الوبائية محليا وعالميا، وتجارب الدول الأخرى. هناك 10 إجراءات يجب الاعداد لها من الآن، مع تفصيل اجراء مستعجل جدا وهو المتعلق بالزيادة في طلبيات المغرب من اللقاحات ضد الانفلونزا الموسمية للموسم المقبل مقارنة بمعدلات السنوات الفارطة. هناك العديد من المعطيات التي لازال الطب يجهلها عن فيروس كورونا المستجد SARS-Cov2وعن المرض الدي يسببه أي كوفيد 19. الأبحاث والدراسات على قدم وساق للإلمام بجوانب الموضوع حتى نتمكن من معرفة أحسن السبل للوقاية وللعلاج ولوقف انتشار المرض والقضاء على الوباء، لكن الطريق لا يزال طويلا بعض الشيء. فالوباء قد يختفي تماما كحالة الوباء الدي ظهر سنة 2003 بآسيا SRAS-Cov 1 ، أو يختفي ويبقى مخزونا لدى الحيوان كوباء 2011 بالشرق الأوسط MERS-Cov ، وقد يكون علينا التعايش معه لعدة سنوات ويتحول الى إصابات موسمية. العلاج الفعال غير متوفر حاليا، والوصول الى لقاح ضد كوفيد 19 لن يكون قبل نهاية 2020 وانتاجه بعد عدة أشهر من دلك في أحسن الأحوال. العديد من الباحثين والخبراء يتوقعون حدوث موجة ثانية من الإصابات بكوفيد 19 في الخريف المقبل، ومنهم من يتوقع موجة ثانية أكثر حدة وأكثر امتدادا في الزمن من الموجة الاولى. وهو احتمال، وان لم يكن مؤكدا فهو قائم، وعلينا التهيؤ لهدا السيناريو المحتمل جدا كباقي الدول، من خلال: – الاستمرار في الإجراءات الوقائية الفردية والجماعية: التباعد الاجتماعي في الحياة العامة والمهنية وتوفير الظروف لدلك، غسل اليدين بالماء والصابون أو المطهرات الكحولية وتوفيرها على أوسع نطاق، حمل الكمامات، تجنب لمس الوجه.. -الاستمرار في مراقبة وتقفي الفيروس مع ما يستتبع دلك من توفير وسائل التشخيص والتتبع بشكل كبير جدا. – تهييئ مخطط وطني لعزل الأشخاص الأكثر عرضة للإصابات الخطيرة، وعزل المصابين والمخالطين. -إعادة ضبط وتهيئة وتكييف المنظومة الصحية لاحتواء الموجة الجديدة. – ضبط لائحة بالمؤسسات البديلة (فنادق، مراكز اصطياف، مؤسسات ....) وتهيئها لاستعمالها عند الحاجة لعزل المصابين او المخالطين. – الاستفادة من المرحلة الحالية لتهيئ الإجراءات التي يجب اتباعها بالنسبة للقطاعات التي يتوجب استمرار عملها، عن بعد أو حضوريا، وشروط دلك، حتى تتمكن بلادنا من حماية المواطنين دون الاضرار كثيرا بالدورة الاقتصادية. – حث كل القطاعات الحكومية والاقتصادية والإنتاجية على اعداد مخططات للعمل عن بعد. – استغلال الأشهر المقبلة في اعداد الوسائل التقنية والمضامين التعليمية والتربوية للتعليم عن بعد بكل اسلاك التعليم والتكوين مستفيدين من التجربة الحالية التي تم ارتجال الكثير منها في ظروف فجائية. – إطلاق برنامج الكتروني لتتبع المصابين والمخالطين لضبط سيرورة تفشي المرض واستباق مساره. بالإضافة لكل ما سبق، هناك اليوم اجراء مستعجل جدا، يعتبره الخبراء -عن استحقاق – جزءا مهما من استراتيجية الاعداد لمواجهة الموجة الثانية من كورونا المستجد. لا بد لبلادنا أن تكون قد شرعت فيه أو تشرع فيه باستعجال: اعداد طلبات التموين باللقاحات ضد الأنفلونزا الموسمية للموسم المقبل 2020-2021 وبكميات كبيرة جدا، أكبر من بكثير من المعتاد. نتحدث هنا عن التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية العادية وليس عن اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد الدي لم يتم ايجاده بعد. لمادا؟ يجمع العديد من الخبراء والمسؤولين عن السلطات الصحية عبر دول العالم أن التقاء وباء الانفلونزا الموسمية في الخريف المقبل والموجة الثانية من وباء كورونا المستجد من شأنه أن يضاعف الخطورة على حياة الناس، ويضاعف الضغط على الاطقم الطبية والمؤسسات الصحية، وينهك قدرات الكشف والعلاج الدي يتوجب تخصيصها لمحاصرة وباء كورونا. هدا التداخل بين وباء كورونا والانفلونزا الموسمية السنوية ستكون له ثلاثة انعكاسات خطيرة على الصحة الفردية والصحة العامة: 1- الأنفلونزا الموسمية وان كانت تبدو حميدة في الكثير من الأحيان، فهي تقتل كل سنة تقريبا 650 ألف انسان عبر العالم، وعلى سبيل المثال تقتل سنويا حوالي 15 ألف مصاب بفرنسا. ويعتقد الأطباء والخبراء أن إصابة شخص بالمرضين معا أي الأنفلونزا الموسمية وكوفيد 19 سيضاعف لديه حدة المرض واحتمال الوفاة، وبالأخص من الشرائح الأكثر عرضة للخطورة المشتركة بين المرضين معا: الأشخاص المسنون، المعانون من الامراض المزمنة، النساء الحوامل. 2- انطلاق وباء الانفلونزا الموسمية سيشكل، كالعادة، ضغطا كبيرا على المؤسسات الصحية والاطقم الطبية وينتقص من القدرة والجاهزية على مواجهة الوباء المستجد. 3- اعراض مرض الانفلونزا ومرض كوفيد 19 تتشابه كثيرا، على الأقل في بداية الاصابة، مما سيخلق ضبابية في التتبع والكشف والتشخيص، وتسبب هده الضبابية استهلاكا بل استنزافا لوسائل تشخيص كوفيد 19 وهي القليلة أصلا بالنسبة للحاجيات الضرورية لتتبع الوباء المستجد ومحاصرته. لكل دلك ينصح الخبراء بتوفير اللقاح ضد الانفلونزا الموسمية للموسم المقبل لأكبر عدد ممكن من الناس وطبعا في مقدمتهم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابات الخطيرة: المسنون، الامراض المزمنة من سن 6 أشهر لما فوق (ضغط دموي، سكري، امراض تنفسية، امراض المناعة، السمنة الزائدة، ........)، للأشخاص الدين يعيشون تحت سقف واحد مع هده الفئات نفسها، للأطقم الطبية والصحية، وتوفيرها لباقي الفئات ضمانا لاستمرارية أعمالهم (الاطقم الطبية والصحية، الجيش، الامن، المسؤولون، المهنيون .....)، ولكل من توفرت إمكانية تلقيحه. وهكذا يمكننا تجنب إصابة الفئات الهشة طبيا بمرضين معا في نفس الوقت، ونتجنب تكدس المستشفيات وارهاق الاطقم الطبية بسبب الانفلونزا في وقت نحن في حاجة للاسرة والأجهزة الطبية والموارد البشرية لمواصلة مواجهة كورونا، ونتجنب تضييع وسائل تشخيص كوفيد في حالات الانفلونزا العادية. وهده الخاصية ستكون ممكنة أكثر في حال استفادة الناس بشكل كبير من تلقيح الانفلونزا مع فعالية أكبر للقاح والتي تختلف من سنة لأخرى. ادا كنا امام احتمال وبائين مجتمعين، واحد لدينا لقاح ضده، سيكون من العبث عدم استعماله للتخلص من وباء واحد ولو جزئيا. ان نسب التلقيح ضد الانفلونزا الموسمية لا زالت ضعيفة ببلادنا مقارنة بالدول الأخرى المتقدمة، ومقارنة مع نسبة 80٪ من الفئات المستهدفة المنصوح بها. لدلك علينا اليوم ان نتدارك بشكل استثنائي هده الوضعية، ونعد مخططات ووسائل تواصل، ومراجعة طلبيات المغرب من اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية قبل فوات أوان مراجعة الطلبيات بشكل نهائي. من المؤكد ستجد بلادنا صعوبة في طلب الزيادة في الامدادات نسبة لمعدلات السنوات الفارطة، لان هناك تسابق عالمي ابتدأ قبل أسابيع على مضاعفة الامدادات باللقاح الموسمي بسبب التخوف من موجة ثانية من كوفيد 19 متزامنة مع الانفلونزا الموسمية. لكن بالإمكان تفعيل عدد من الرافعات التجارية والقانونية في التفاوض مع المختبرات التي تنتج هده اللقاحات والتي تعمل ببلادنا.