سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في حوار مع "كود".. رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين والقيادي الاتحادي الدرويش: ها السيناريوهات المحتملة لما تبقى من الموسم الدراسي ولي وقع فقانون 2220 مكيبشرش بالخير سياسيا
بسط محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين والقيادي السياسي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في حوار مع «كود»، السيناريوهات المحتملة لما تبقى من الموسم الدراسي الحالي، الذي استأنف، اليوم الاثنين، بعد عطلة ربيعية قصيرة، على إيقاع نظام «التعليم عن بعد»، الذي اعتمد منذ إقرار «الطوارئ الصحية» للتصدي لتفشي وباء «كورونا». واقترح الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي ضرورة برمجة، مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، حصص مكثفة للتعليم والتكوين، والعمل خلال فترة زمنية معقولة وقبل مرحلة اجتياز الامتحانات. وعلى أساس هذا البرنامج، توقع محمد الدرويش، رئيس مؤسسة الأعمال الاجتماعية لأساتذة التعليم العالي ورئيس مؤسسة فكر للثقافة والعلوم والنشر، أن تستأنف الدراسة ابتداء من منتصف يونيو المقبل لتستمر إلى غاية ال 15 من الشهر الذي يليه، لتنطلق بعد ذلك مرحلة البدء في عمليات الامتحانات، مرجحا انتهاء الموسم بالنسبة للأساتذة والإداريين في حدود 10 غشت المقبل، بينما الامتحانات الإشهادية فحدد إمكانية تنظيمها في بداية يوليوز 2020. وفي رد على تقييمه لتجربة «التعليم عن بعد»، أكد أن الوزارة الوصية اتخذت خطوة جريئة وغير مسبوقة لمواكبة أوضاع استثنائية في زمن استثنائي، لكنه، في الوقت نفسه، أشار إلى أنها لم تخلو من نواقص وسلبيات وأخطاء، مبرزا، عندما خاطبت فيه «كود» القيادي الاتحادي خلال سؤاله عن المشهد السياسي ما بعد (كورونا)، بأن المغرب، بعد الجائحة، لا يحتاج إلى 35 حزبا، مضيفا أن التراشق بالاتهامات الذي صاحب الجدل المثار بخصوص مشروع القانون (2220) «لا ينبئ بالخير بخصوص مستقبل العمل السياسي في المملكة». 1) كيف ترون الحصيلة المرحلية لتجربة «التعليم عن بعد» التي فرض اعتمادها تفشي (كورونا)، وما أبرز ما يمكن تسجيله من ملاحظات عليها؟ اسمح لي أولا أن أذكر بأن المغرب يعيش منذ ثلاثة أشهر تقريبا، على غرار باقي دول العالم، على إيقاع هذه الجائحة وانعكاساتها الأولية صحيا واجتماعيا واقتصاديا وماليا. وقد تميز تدبير هاته الأزمة بالقرارات والتوجيهات الاستباقية التي اتخذها جلالة الملك محمد السادس منذ الإعلان عن الإصابات الأولى بهذا الوباء، باتخاذ قرارات جريئة وذكية، بدءا بنقل الطلبة المغاربة من الصين عبر رحلات استثنائية ووضعهم في الحجر الصحي حتى التأكد من سلامتهم، ثم قرار إغلاق الحدود المغربية برا وجوا وبحرا، وهو قرار سيادي فاجأ دول العالم، بالإضافة إلى مجموعة من القرارات والإجراءات اقتصاديا وماليا واجتماعيا وصحيا، منها الحجر الصحي، الذي عجل بقرار توقيف الدراسة، وهي كلها تدابير ساهمت في تجنيب المغرب كارثة إنسانية. لذلك أوجه تحية تقدير وتنويه بكل هاته القرارات والمبادرات والإجراءات وأجدد التعبير عن الاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن. في هاته الظروف والأوضاع اعتمد توقيف التعليم في كل المستويات من الرياض إلى التعليم العالي منذ مارس 16 الماضي، للحد من تفشي هاته الجائحة، بحيث قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي توقيف الدراسة واستمرارها عن بعد باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي، وكذا قنوات تلفزية وإذاعية وطنية. ويمكن القول بكل مسؤولية إن الوزارة الوصية اتخذت خطوة جريئة، وغير مسبوقة لمواكبة أوضاع استثنائية في زمن استثنائي. بدءا بالإعلان عن التدابير المتخذة لضمان الاستمرارية البيداغوجية، وإنجاح عمليات التدريس عن بعد عبر بوابات إلكترونية، وعبر قنوات تلفزية وإذاعية وطنية، وهي المبادرات التي واكبتها كل الجامعات والأكاديميات بتفاوت. وهذا أمر تم في القطاعين العام والخاص، وبذلك عملت الوزارة على توفير الآلاف من المواد التعليمية عبر كل الوسائل المتاحة في التواصل والخاصة بكل المستويات. وقد انخرط في هاته العمليات أسرة التربية والتكوين بكل مكوناتها، وكذا الأسر المغربية، ومؤسسات عامة وخاصة من مثل مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، والمكتب الشريف للفوسفاط، وفوسبوكراع ومجالس جهوية وجماعات محلية، واتصالات المغرب، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ومقاولة ماتسكان(mathscan) ومؤسسات إعلامية وغيرها، وهذا أحد العناوين الكبرى للخصال والأخلاق الوطنية التي تسري في دماء المغاربة، إذ عند الأزمات يتقوى التلاحم والتضامن والتآزر والتعاون بين كل أفراد المجتمع، وهو إجماع وطني متجدد. ولا بد لي هنا أن، أشيد بهاته الأخلاق، وأنوه بالانخراط الجماعي للمواطنات والمواطنين بأشكال مختلفة، وأعتقد أن الوزارة الوصية نجحت بشكل كبير في تقوية أساليب التواصل عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي المتاح، وعبر القنوات التلفزية والإذاعية. (مقاطعا) هل هذا يعني أن عمليات التدريس والتكوين عن بعد نجحت؟
لم أقل ذلك، ولكني رصدت للعناوين الكبرى لما قامت به الوزارة الوصية، بتفاعل وشراكة مع مجموعة من الفاعلين، وما اعتبرته إجراءات تحسب لمكونات المنظومة. وأما ما يمكن تسجيله من سلبيات ونواقص وأخطاء فنلخصه في ظروف التعلم والتكوين عن بعد. فهي غير متوفرة لدى أكثر من 70 في المائة من المتعلمين الذين تفوق أعدادهم 10 ملايين بين التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، زد عليهم ما يقارب من 6 ملايين من سكان المغرب الذين يعيشون الهشاشة والفقر، وملايين آخرين يمتهنون الاقتصاد غير المهيكل، إلى جانب أن أكثر من نصف ساكنة المملكة ليس لهم أجور ثابتة. علما أن الجائحة تسببت في توقف 132000 أكثر من شركة عن العمل، والتي بتوقفها توقفت الأجور، وهو ما كان سببا في إعدام الموارد المالية لبعض هذه الفئات رغم المجهودات التي بذلتها الدولة في تخصيص قدر مالي لهم. ليطرح إشكال من أين سيحصل أبناء وبنات هاته الفئات وباقي الفئات الأخرى على الهواتف الذكية والحواسيب، وهو ما اعتبره أحد العوائق الكبرى التي واجهت عمليات التعلم عن بعد المتعددة بين ماهو اجتماعي واقتصادي وثقافي ومادي. وبالإضافة إلى هذه الموانع تخللت العملية نوقص أخرى تمثلت في انعدام الشروط المطلوبة في التواصل الجيد بين الأساتذة والمتعلمين، وضعف التغطية والنقص في صبيب الإنترنت، وانعدامها في مجموعة من المناطق القروية والجبلية والصحراوية، والذي حال دون نجاح هذه المبادرة بالنسبة للذين يتوفرون على آليات الاشتغال متعلمين وأساتذة، مع تسجيل غلاء تكلفة الهاتف والانترنيت على الجميع. زد على ذلك عدم الانخراط الكلي والجدي لشركات الاتصالات، وغياب الرغبة والتحفيز لدى مجموعة كبيرة ممن يتوفرون على الوسائل لأسباب اجتماعية أو نفسية أو ظروف أسرية، ومشكل الأعمال التوجيهية و التطبيقية في التعليم العالي والتكوين المهني ومجموعة من المستويات في التربية الوطنية. وبالنسبة لي، فإنني أرى أن هذه أسباب يشترك فيها التعليم العالي والتربية الوطنية والتكوين المهني بتفاوت، وإذا رجعنا للجامعات وبعض الانزلاقات التي حصلت بها أيام هاته الجائحة، فيمكن إجمال بعض منها، على أساس العودة إليها بتفصيل مستقبلا، في قيام رؤساء الجامعات، بدون موجب قانوني، بتجميد مجالس الجامعات، إذ صاروا يتخذون القرارات باستشارات فقط مع كل أو بعض نوابهم والعمداء والمدراء. وهذا خرق واضح للقانون إلا إن كان سيادتهم يشتغلون بمنطق حالات الاستثناء. ونفس الأمر يقال عن مجموعة كبيرة من مؤسسات التعليم العالي. فلا حق لأحدهم في تجميد الهياكل، وعدم احترامها، وإيقاف العمل بمقتضيات القانون المنظم للتعليم العالي، كما أن ميزانيات تخص البحث العلمي، وفي بعض منها التسيير والتجهيز متوقفة منذ شهور، وأحيانا قبل الجائحة، وقرارات تحتاج للتنفيذ وملفات متعطلة ووو.. وكل ذلك باسم هذا الظرف الاستثنائي. 3) ما توقعاتهم للسيناريوهات التي قد تعتمد لإنهاء الموسم الدراسي في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه المملكة، وماذا تقترحون؟ بالنسبة لسيناريوهات إنهاء الموسم الدراسي يمكن أن في اعتقادي أن لا تخرج عن هذه المسارات إذا استحضرنا أنه في بدايات الجائحة كانت التربية الوطنية قد أتممت ما يقارب 65 في المائة من الدروس في كل المستويات، باستثناء بعض الأقسام التي لم يكن لها اساتذة أصلا أو عرفت غيابهم لأسباب صحية وغيرها، بينما في التعليم العالي كان الأمر مختلف لأننا نشتغل بنظام الأسدس. فاحتساب الزمن الدراسي مغاير، واستكمال الدروس قد يكون ينجز في أغلب المؤسسات لكن لبعض الطلاب. لذلك فإنني أرى أنه، مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، ضرورة برمجة حصص مكثفة للتعليم والتكوين، والعمل خلال فترة زمنية معقولة وقبل مرحلة اجتياز الامتحانات. كما توقع أن تستأنف الدراسة ابتداء من منتصف يونيو لتستمر إلى غاية 15 يوليوز، والبدء في عمليات الامتحانات بعد ذلك لينتهي الموسم بالنسبة للأساتذة والاداريين في حدود 10 غشت. وبالنسبة للامتحانات الاشهادية يمكن ان تنظم في بداية يوليوز. وفي ختام الجواب عن ملف التعليم عن بعد لا بد من التأكيد على أنه، وبالرغم ما تم رصده من سلبيات ونواقص، لا بد من الاعتراف بأن مجهودات استثنائية بذلت من قبل الوزارة الوصية، والأساتذة، والإداريين والتقنيين، والمتعلمين بدعم كبير وغير مسبوق عموما من قبل أسرهم. علما أن التعليم عن بعد يعد أمرا جديدا لدى 95 في المائة من مكونات المجتمع المغربي. فبداياته كانت محتشمة في بعض مؤسسات التعليم العالي، ومن قبل عدد قليل من الأساتذة الباحثين بالكليات ذات الاستقطاب المفتوح، وأغلب الأساتذة بالمؤسسات ذات الاستقطاب المحدود. فهو ثقافة وجب التربية عليها، بدءا من الأسرة ومرورا بالتعليم الأولي ثم الثانوي فالعالي فالحياة عموما. وبما أننا أمام تجربة جديدة على الجميع لم تدم إلا 3 أشهر وزيادة، فإن المطلوب من الوزارة الوصية تنظيم تقييم حقيقي وجدي بمساهمة كل الفاعلين التربويين والإداريين والتقنيين والاجتماعيين لاستخلاص العبر والوقوف عند مكامن القوة والضعف فيها ورفعها إلى الأطراف الحكومية المعنية والشركاء من أجل الإعداد الجيد والقبلي لاعتماد عمليات التعلم عن بعد في الظروف العادية تنفيذا لمقتضيات الفصل 31 من الدستور، ومواد القانون الإطار، وانخراطا في عمليات تحديث وتطوير وسائل الحياة باعتماد التكنولوجيا الحديثة. وهنا لا بد من التوضيح والتأكيد على أن التعليم عن بعد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعوض التعليم الحضوري، بل إنه مكمل له وهو وسيلة لتركيز وتثبيت ما يتلقنه المتعلم والباحث في المؤسسات. لذا، فإنني أقترح إعدادا لتلك المرحلة أن تعمل الحكومة على الاستمرار في هاته التجربة بتوفير ظروف تطويرها وتجويدها ونجاحها في الظروف الاستثنائية والعادية، وتخصيص قناة تلفزية وإذاعية خاصتين بمنظومة التربية والتكوين طيلة السنة يشرف عليها إلى جانب الأطقم الإدارية والتقنية فاعلون تربويون. وحتى لا نكون أمام ما تم بخصوص الملايير التي صرفت في برامج التكنولوجيا الحديثة في المنظومة منذ سنة 2006 (برنامج جيني وتيك وموك والجامات الرقمية وغيرها من المبادرات)، التي كانت هدرا للمال العام وتضييعا للزمن، إذ حين احتجنا اضطرارا لهاته البرامج لم نجدها في أغلب المواقع وبدأنا من جديد. لهذا، ننتظر اليوم التوظيف الأمثل للميزانيات المرصودة لهذا المجال، وكذا لمنحة الاتحاد الأوروبي التي تم تخصيصها للمغرب والمقدرة ب 150 مليار سنتيم لدعم عمليات التعليم عن بعد، والاستثمار الجيد في الكفاءات، وتقوية القدرات والتنمية البشرية. وكذا مطالبة الوزارة والمجالس بمراجعة ميزانيات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بما يساير الانعكاسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية و التربوية بسبب الوباء. 4) ارتأيتم إغناء النقاش المفتوح حول انعكاسات (كوفيد 19) على مختلف المجالات بعقد سلسلة لقاءات فكرية تحت اسم «سمر المرصد». ما أبرز الخلاصات الأولية التي خرجتم بها؟ منذ تأسيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، ومسؤولوه يتخذون المبادرة تلو الأخرى انسجاما مع المبادئ والأسس التي أسس عليها. وهكذا نظم المرصد ندوة وطنية أياما بعد تأسيسه في موضوع منظومة التربية والتكوين بحضور مجموعة من الوزراء ممن تحملوا مسؤولية تدبير هذا القطاع، وكذا مختصين وفاعلين اجتماعيين وسياسيين. وبعدها نظمنا ندوة دولية في موضوع منظومة الصحة وكليات الطب والصيدلة شارك في اشغالها كذلك وزراء و عمداء هاته الكليات وأساتذة باحثون في الطب والصيدلة، وكذلك كان للمرصد مبادرات متميزة قام من خلالها بدور الوساطة لإيجاد حلول معقولة لملفات كادت ستعصف بالسنة الدراسية، وكانت ستدخل المغرب في متاهات حقوقية واللاستقرار، والمقصود هنا ملف الأساتذة المتعاقدين، وطلبة كليات الطب والصيدلة، وحملة الدكتوراة من الطلبة الذين اعتصموا عدة شهور أمام مقر التعليم العالي، وأخيرا و ليس آخرا ملف الدكاترة الموظفين. ففي كل هاته الملفات كان المرصد يشتغل بحرفية عالية مستفيدا من تجارب أعضائه في المرافعات والمفاوضات وأساليب الحوار والإقناع، على أساس الثقة المتبادلة، واليوم و في هاته الظروف العصيبة قرر المكتب الوطني للمرصد مساهمة منه في التفسير والتأطير عن بعد، تنظيم ما أطلقنا عليه (سمر المرصد) ينظم كل يوم سبت ابتداء من الساعة السادسة مساء، وهكذا اخترنا برنامجا لمدة شهرين تقريبا لطرح مع أساتذة باحثين ومحامين واقتصاديين واجتماعيين وسياسيين قضايا الحالة الوبائية في المغرب، والقانون والحقوق في مواجهة حالة الطوارئ، والانعكاسات الاقتصادية والمالية بسبب جائحة (كورونا)، والانعكاسات الاجتماعية والنفسية بسبب الوباء، وأشكال الإبداع الفني والأدبي في زمن (كورونا)، وانعكاساتها على منظومة التربية والتكوين وعلى العلاقات الدولية. وبذلك سنجعل من هذا المنبر موقعا دائما لمناقشة قضايا مجتمعية تهم السياسة والاقتصاد والمال والثقافة والأدب والمعرفة والاجتماع وغير ذلك. وبخصوص الخلاصات الأولية التي يجوز استخلاصها من هاته التجربة، فيمكن إجمالها في كون المجتمع في حاجة كبرى للتأطير وتفسير مجموعة من القضايا التي تستعصي على فهمه، بل ان مجهودات مضاعفة يجب بذلها، ليس من المرصد، بل من كل المؤسسات المدنية والرسمية في عمليات التأطير والتفسير والتبسيط لمجموعة من الأمور، حتى نبعد المواطنات والمواطنين من فخاخ الشعوذة والخزعبيلات واللاعلم واللامعرفة، وهو تمرين يتطلب مجهودات مادية وبشرية وتكنولوجية. 5) والآن أخاطب فيك الأستاذ محمد الدرويش القيادي السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كيف ترون المشهد السياسي ما بعد الجائحة؟ لا أريد أن أخوض في الجوانب السياسية، لكن ما دمت طرحت هذا السؤال، ليس لي إلا أن أخبر الرأي العام بما يخالجني من أفكار وآراء أصبحت أكثر اقتناعا بها مما سبق. فما حصل خلال هاته الأيام بخصوص مشروع القانون 2220 و(قد عبرت عن رأيي في الموضوع جهرا وصراحة في حينه) من تبادل الاتهامات والتراشق بين بعض منتسبي أحزاب الأغلبية، وبينهم وبين بعض منتسبي أحزاب المعارضة، و بين جزء من هؤلاء أو كلهم وبين مجموعة كبيرة من المواطنات والمواطنين لا ينبئ بالخير بخصوص مستقبل العمل السياسي في المغرب. ثم إن مغرب ما بعد (كورونا)، في اعتقادي المتواضع، لا يحتاج إلى 35 حزبا لا يعرف أغلبية المواطنين منهم إلا العشرة على أقصى تقدير وتظل الإدارة وحدها، إلى جانب عائلات وبعض المقربين يحسبون بالعشرات، هم من لهم علم بتواجد هاته المكونات السياسية. لذلك أتمنى أن يتم ضبط هذا الأمر بالحزم اللازم، لأن مغرب اليوم ليس في حاجة إلى كل تلك الأعداد من التنظيمات السياسية، ولو باسم الديمقراطية. أما الأمر الثاني فهو أن انعدام التجانس الفكري والأيديولوجي بين مكونات الأغلبية، من جهة، ومكونات المعارضة، من جهة ثانية، غير مشجع لانخراط المواطنات والمواطنين في هاته الأحزاب. فمن أصل 25 مليون مواطن له الحق في المشاركة في الانتخابات، لم يشارك في السابقة إلا 8 مليون ومن هؤلاء من جعلها أوراقا ملغاة، وهم ما يقارب 2 مليون. و8 ملايين منهم غير مسجلين، والباقون لا يحسبون أنفسهم معنيين بهاته العمليات المواطنة في أصلها. فالبرامج المقدمة لهم تنعدم في أغلبيتها المطلقة الجاذبية للعمل السياسي. أضف إلى ذلك، أن بعض الوجوه والمسؤولين على هاته الأحزاب فقدت كل مصداقية في تدبيرها للشأن الحزبي الوطني، وطال أمد تحملها للمسؤولية. كل ذلك يدفعنا إلى القول بأن الوضع السياسي في مغرب بعد (كورونا) يجب ألا يكون كالوضع قبله. عليه، أوجه نداء خاصا لزعماء هاته الأحزاب، وعضوات وأعضاء قياداتها بأن يستحضروا المصالح العليا للوطن فعلا لا قولا فقط، وأن يكف بعضهم عن ممارسة السياسة بدون أخلاق، وأن يعلموا بأن الآت أصعب على المغاربة اقتصاديا واجتماعيا. ونفس النداء للنقابات، وليعملو بالوسائل التشريعية والتنفيذية على فتح نقاش جدي ومسؤول لإعادة تنظيم الحقل الحزبي والنقابي بعد مشاورات مع من يمثل حقا المواطنين والعمال والموظفين على أساس قواعد الدمقراطية والتمثيلية الحقيقية المضبوطة باللوائح والانتماء الطوعي عبر الممارسات الدمقراطية المعمول بها والمتعارف على أسسها، وحتى نتمكن جميعا من تجاوز مجموعة من الظواهر والمظاهر الملتبسة والمسيئة للدمقراطية. فليرحمونا وليتعقلوا وليستحضروا الوطن أولا و الوطن دائما وليعوا بأن المواطنة حقوق و واجبات. وأنا هنا بالطبع لا أقصد كل الزعماء ولا كل القياديين ولا كل الأحزاب ولا كل النقابات