مع البدء في تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات المؤكدة ب “كورونا” في المملكة لم تعد حياة المغاربة تتسم بالحركية نفسها التي كانت عليها.. وهذا أمر طبيعي لأن الوقاية هي أنجع سلاح حاليا لمواجهة هذا الوباء في ظل عدم وجود علاج له إلى حد الآن. وأكثر مدينة أدخل الفيروس تغييرا على شكل الحياة فيها هي العاصمة الاقتصادية المعروفة بنشاطها الدائم حتى في نهاية الأسبوع. فعلى غير عادتها، بدت الشوارع والفضاءات العامة لكازا صباح اليوم أهدأ، بعد سلسلة الإجراءات الاحترازية المتخذة في الساعات الماضية لمنع انتشار الفيروس، فيما خلت مقاهيها ومطاعمها من ذلك العدد المعهود من زبناء الأحد، في مشهد يؤكد بأن التحركات الشريحة الأكبر من سكانها أضحت محكومة أكثر بالحذر والاحتياط، وهو سلوك فردي أخذوا على عاتقهم نهجه ملتزمين بمسؤوليتهم في التصدي للوباء. القهاوي بدات كتشطب الإيقاع الخفيف للحركة بسبب “كورونا” لم تستثنى منه حتى أكثر الأماكن التي تشهد توافدا مهما للمواطنين في نهاية كل أسبوع ألا وهو وسط المدينة. ففي جولة بسيطة به يكون أول ما يثير انتباهك هو العدد القليل ل “زوار الأحد”، بينما زبائن المقاهي قد لا تحتاج لوقت طويل لعدهم، وهو مظهر انعكست صورته بملامح قلق على وجوه مالكي وعاملي هذه الفضاءات، والذين بات يسيطر عليهم الخوف من كساد قد تكون فار يقول نادل مقهى معروف بالمنطقة، ل “كود”، “بدا يبان على الناس. عدد الزبائن قلال بزاف.. الروسيطة طاحت بأكثر من النص.. وشي زبائن تعودنا عليهم مبقيناش كنشوفوهم كاع هادي مدة”. وعن سلوكات المترددين على المقهى وإذا ما كان دخل عليها أي تغيير، يوضح النادل “بالفعل تبدلات. مقاتش المصافحة باليد.. والأغلبية كتجلس في الطيراس، وعدد منهم كيفضل يجلس على مسافة من أي شخص حتى لو كانت لديه معرفة مسبقة به”. من جهته، قال مهني في القطاع بالبيضاء، “هناك تراجع كبير في التردد على القهاوي بسبب حالة الخوف لي ولات مسيطرة. والخسائر لي حصينا حتى لحد الآن مهمة”، وزاد موضحا “عدد من المقاهي قررات أنها تسد حينت قل فيها النشاط، خاصة في مطار محمد الخامس الدولي، وفي بعض المركبات التجارية الكبرى”. وأضاف “غادي نعقدوا اجتماع عشية اليوم. وغادي ندارسو فيه تأثير هاد الأزمة الصحية العالمية على القطاع. وحنا منخرطين فهاد الإجراءات والاحتياطات المتخذة لي مديورة لمواجهة الفيروس لأن مصلحة البلاد فوق كلشي”. تجند فالقهاوي والمطاعم ضد “كورونا” رغم تأثير التدابير الوقائية المتخذة على نشاطهم بشكل كبير، إلا أن تجار ومهنيي عدد من القطاعات كانوا من بين المبادرين إلى الانخراط في جهود التصدي ل “كورونا”. وأول خطوة اتخذوها في هذا الإطار، هي عقد اجتماع، أمس السبت، شاركت فيها 8 هيئات، ويتعلق الأمر الفيدرالية المغربية للممونين، والجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، والفيدرالية المغربية للعلامة التجارية، والجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب بجهة الدارالبيضاء، وجمعية المقاهي والمقشدات والأكلات الخفيفة، والجمعية المغربية لأرباب المقاهي والمطاعة بالجهة، والنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، والجمعية المغربية للتجار والحرفيين. وجرى الاتفاق خلال هذا الاجتماع، وفق ما علمته “كود”، على اعتماد عدد من التدابير المعلن عنها في أنشطتهم، ومنها “العمل على تنزيل واحترام توصيات وزارة الصحة من أجل السلامة العامة”، والتنسيق مع السطات من أجل ترسيخ دور المقاولة المواطن، والاهتمام الخاص والمتواصل بصحة المستخدمين”. كما اتفق أيضا، حسب ما ينتظر أن يعلن عنه في بلاغ مشترك سيصدر في الساعات المقبلة، “تفادي مصافحة المستخدمين للزبناء”، والحرص على الغسل المتكرر لليدين للعمال، والعناية ووقاية صحة المستهلكين، والحرص على تطهير أدوات العمل وتعقيمها”. الزحام فالسواق الهدوء في البيضاء لم يكن عاما. فمقابل الحركية المحدودة في بعض الفضاءات، شهدت المحال التجارية والأسواق ازدحاما للمواطنين. فرغم تطمينات الحكومة وتأكيد توفر جميع المواد الغذائية ووجود مخزون يكفي لأزيد من 4 أشهر، حسب ما أكده رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في لقاء خاص أمس السبت، إلا أن التهافت السلع تواصل. وهذا ما أكده بائع مواد استهلاكية في سوق بمنطقة المعاريف، إذ قال، ل “كود”، “كاين إقبال كبير على المواد الغذائية. والناس كتدي كثر من لي موالفة. وتزايد الطلب ساهم في ارتفاع الأسعار”. من جانبه، قال مواطن التقته “كود” خلال جولتها بالسوق، “كناخود داكشي لي خاصنا. بالزايد شوية ولكن معندنا منديرو حتى الاحتياط فتوفير ما يلزم للدار خاص يكون”، وزاد مفسرا “كاين شوية الخوف من أن الوضع الصحي يقدر يطور للأسوأ وهادشي مخلي الناس كتخزن شي مواد خوفا من إجراءات احترازية مستقبلية”. كعما مسوق رغم أن الأغلبية اختارت تنخرط في اعتماد سلوكات فردية تحمي من خلالها نفسها والمقربين منها من خطر الفيروس، إلا أن هناك من ما يزال يتعامل باستهتار مع هذه الأزمة معتمدا فلسفة “كعما مسوق”. ومن أغرب ما تقدم عليه هذه الفئة هي اعتبار نفسها، بعد الإعلان عن توقيف الدراسة، وكأنها في عطلة، إذ عمدت إلى حزم حقائبها والتوجه إلى مدن سياحية لقضاء بضعة أيام استجمام، فيما يقوم آخرون بزيارات جماعية لصلة الرحم مع أقربائهم، أو تنظيم حفلات دينية يحضرها مدعوين قد يتجاوز عددهم ال 40. وليس هذا فحسب، فهناك ما من ما زال يحافظ على العادات القديمة نفسها في التحية والتنقل في مجموعات إلى الشريط الساحلي عين الذئاب وبعض شواطئ المدينة، غير مكثرين بالاحتياطات التي دعي إلى اتباعها.