موقف جريء من المادة 9 من مشروع قانون المالية. ففي الوقت الذي يدافع عنها وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بشراسة وتعرف الحكومة حالة تعبئة لتمريرها، أشهر فريق التجمع الدستوري «الفيتو» في وجه هذه المادة التي تقيد الحجز على أموال وممتلكات الدولة لتنفيذ الأحكام، معلنا أنه ضدها. وجاء ذلك خلال مناقشة مشروع قانون المالية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أول أمس الأربعاء، إذ قال رئيس الفريق، توفيق كميل، في مداخلة له، إن التجمع الدستوري لا يقبل بتاتا المساس بالمبادئ والأحكام الدستورية الواردة في الفصل 126 الذي ينص على أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمه للجميع. وشدد كميل على ضرورة استحضار مبدأ فصل السلط وتوازنها واستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى مبادئ دولة الحق والقانون واحترام وصيانة حقوق المواطنين المنصوص عليها في الدستور، وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. كما شدد أيضا على عدم المساس أو تهديد الأمن القانوني والقضائي كضمانة لتوفير المناخ السليم لممارسة الأعمال والاستثمار، والطمأنينة القانونية والمؤسساتية، معتبرا أن مثل هذه التدابير المقترحة في مشروع قانون المالي، وفي هذه الظرفية بالذات رسالة سلبية ومعاكسة للجهود التي تبذلها الدولة لتحسين جاذبية الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال. وتابع مسترسلا «أمام إصرار الحكومة على محاولة تقديم هذا المقتضى لمرات متتالية، نلح على تقديم التوضيحات اللازمة وتنوير الرأي العام بصفه عامة والهيئات الحقوقية والقانونية بصفة خاصة عن الأسباب الوجيهة لهذا التوجه الحكومي». وكشف كميل أن فريق التجمع الدستوري يعلن بكل مسؤولية وشجاعة عن وجود ممارسات ولوبيات تشتغل بمناسبة وجود منازعات وطعون قضائية، للحصول على تعويضات مالية بوسائل احتيالية أو تواطؤية من جهات مفروض فيها حماية المال العام، إما بعدم تقديم الحجج القضائية أو الجواب عن مذكرات الطعن في الوقت المناسب أو إغفال تقديم ما يفيد حماية المصلحة العامة، وفسح المجال للمحترفين في الحصول على تعويضات غير مستحقة على حساب المال العام والمصلحة العامة. وأشار إلى أنه، أمام تنامي هذه الظاهرة، وارتفاع المبالغ المحكوم بأداءها من المال العام لصالح محترفي دعاوى التعويض، فإن البحث عن التصدي لهذه الظاهرة ليس في مرحلة التنفيذ، وإنما في أسباب المنازعات الإدارية وخلال مسار الدعاوى القضائية والدفوعات، وتحميل المسؤولية الشخصية للمتواطئين والمقصرين في حماية المال العام وصيانته. يذكر أنه، حسب المادة 9 من مشروع قانون المالية، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز في حالة صدور قرارات قضائية نهائية.