انتخب حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي الألماني المحافظ اليوم أنغريت كرامب كارينباور المقربة من المستشارة انجيلا ميركل، رئيسة له بعد 18 عاما من تولي ميركل رئاسته. وفازت كارينباور (56 عاما) بأكثر من 51% من الأصوات، خلال مؤتمر الحزب، في مواجهة فريدريك ميرز، خصم ميركل الذي أراد تغيير سياسة الحزب في اتجاه اكثر نحو اليمين. وفي كلمة مقتضبة قبل التصويت، دعت ميركل الحزب إلى رفض سياسات الخوف، بحيث يشق اليمين المتطرف طريقه في ألمانيا وأوروبا. وقالت: “يجب أن نتحلى بالشجاعة لمواصلة المسيرة”. يذكر ان محامي الشركات ميرز (63 عاما) كان ترك السياسة عام 2009 بعدما خسر صراعا على السلطة ضد ميركل التي يتهمها باتباع منهج يميل اكثر نحو الوسط. أما المرشح الثالث وزير الصحة الحالي ينس سبان، فقد خسر في الجولة الأولى. وكانت ميركل (64 عاما) شنّت في وقت سابق دفاعا قويا عن نهجها الوسطي والإنساني الذي طبع على مدى 18 عاما رئاستها للحزب المحافظ قبل التصويت على اختيار خلف لها. وصفق أعضاء الحزب، وهم واقفون، مطولا لميركل، إثر هذا الخطاب الوداعي أمام مؤتمر الحزب في هامبورغ الذي يحضره نحو ألف عضو. وبكى بعضهم، وحملوا لافتات برتقالية كتب عليها: “شكرا أيتها الرئيسة”. لكن قبل أن تسلم شعلة رئاسة الحزب، دافعت ميركل بشدة عن إرثها السياسي، رغم الانتقادات الموجهة اليها في ألمانيا والخارج، خصوصا حول مسألة الهجرة. وقالت، وقد بدت عليها علامات التأثر: “في هذه الأوقات الصعبة، علينا ألا ننسى قيمنا المسيحية الديموقراطية”. وعددت ميركل التي تتخلى عن رئاسة حزبها، لكنها ستبقى مستشارة حتى نهاية ولايتها سنة 2021، لائحة طويلة من المخاطر الحالية، مثل “التشكيك بالنهج التعددي والتراجع على الصعيد الوطني وخفض التعاون الدولي” والتهديدات “بحرب تجارية”، في إشارة واضحة الى سياسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب خصوصا. كذلك، حذرت من “الحروب الهجينة أو زعزعة استقرار مجتمعات عبر الاخبار الكاذبة”. ووجهت دعوة الى وحدة حزبها، بعدما أثارت حملة خلافتها في الاسابيع الماضية توترات داخل صفوف الديموقراطيين المسيحيين. وقالت: “آمل في أن نخرج من هذا المؤتمر متحدين ومصممين”. وتنافس ثلاثة مرشحين على المنصب الذي يعد جسرا إلى تولي المستشارية. وانحصرت المنافسة بين الأمينة العامة للحزب كارينباور والمليونير ميرز. هذا المحافظ الذي ينتمي إلى المدرسة القديمة سعى الى استعادة الناخبين الذين خاب أملهم من حكم ميركل، وصوتوا لصالح اليمين القومي، خصوصا بعد فتح أبواب ألمانيا لأكثر من مليون لاجىء سوري وعراقي في 2015 و2016. واضطرت ميركل (64 عاما) التي كان يلقبها الألمان بود عند فوزها ب”موتي” (الام) الى إعلان تخليها عن قيادة الحزب في تشرين الأول، بعد انتخابات في منطقتين جاءت نتائجها مخيبة للآمال. إلا أن المستشارة التي تقود منذ 13 عاما أكبر اقتصاد أوروبي، حريصة على إكمال ولايتها هذه حتى نهايتها، أي حتى 2021. وقالت: “يسعدني أن أواصل العمل كمستشارة”. ويتوقع كثيرون رحيل المستشارة، اعتبارا من السنة المقبلة، بعد الانتخابات الأوروبية في أيار، إذا منيت الأحزاب التقليدية بهزيمة جديدة، وعلى أبعد حد في الخريف بعد انتخابات في ثلاث مقاطعات تشكل كلها معاقل لليمين القومي. وهذا إذا لم يتسبب شريكها في التحالف الحكومي الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يشهد أزمة أيضا، بتسريع رحيلها عبر انسحابه من الحكومة. يحتاج الحزب اليوم أكثر من أي وقت مضى الى نفس جديد. فهو يواجه من اليمين هجمات اليمين القومي المتطرف المتمثل في حزب “البديل لألمانيا”، ومن الوسط انتقادات دعاة حماية البيئة (حزب الخضر)، ولم يعد يحصد مع حليفه البافاري “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” أكثر من 26 إلى 28 بالمئة من الأصوات في استطلاعات الرأي. وقد أضعف في الانتخابات التشريعية التي جرت في أيلول 2017، مع أنه حصل على 33 بالمئة من الأصوات. ويحاول كل المرشحين النأي بأنفسهم من إرث المستشارة. وقد اعلنت كارينباور الأربعاء: “لدي سيرتي ومسيرتي”، مشيرة خصوصا إلى معارضتها الشرسة لزواج المثليين. وفي مجال الهجرة، دعت إلى ترحيل السوريين الذين يدانون بأعمال إجرامية، في خطوة حتى وزير الداخلية هورست سيهوفر المحافظ جدا استبعدها. وبعد فترة ترحيب واسع بالمهاجرين عامي 2015 و2016، هناك أمر واحد مؤكد هو أن الباب سيغلق من جديد مع رحيل ميركل من قيادة الحزب.