غطت قضية الفيديوهات المحجوزة في قضية بوعشرين، عن أسئلة جوهرية تتعلق بالقضية، والتي تظل عالقة بدون إجابة لحدود الساعة، إما لجهل محامي الدفاع بعالم التقنية، أو لأن المعركة تم توجيهها للفيديوهات ما جعل الجميع يغفل عن أهم عناصر القضية برمتها. طريقة عمل أنظمة المراقبة في البداية وقبل الخوض في هذه الاسئلة، سيهم القارئ أن يعلم أن طريقة عمل كاميرات المراقبة، حيث أن كاميرات المراقبة المنقسمة الى قسمين وهما : الكاميرات الداخلية – والكاميرات الخارجية، وتؤديان معا نفس المهمة وهي مراقبة المباني وحمايتها، وتعمل الكاميرات مع مشغل والذي يسمى dvr والذي يستعمل بالنسبة للكاميرات السلكية في حين يستعمل nvr للكاميرات اللاسلكية والتي تعتمد على نظام الايبي. مهمة الdvr و الnvr تكون محددة في استقبال الصورة وإما عرضها على الشاشة أو نقلها للقرص الصلب لتخزينها، بالاضافة إلى تحويلها للنت لكي يشاهدها مركب هذه الكاميرات من أي مكان بالعالم عبر حساب مستخدم لدى شركات تقدم هذه الخدمة. لحدود الساعة لا يوجد أي قرص صلب يستطيع تخزين فيديوهات كاميرات المراقبة لمدة طويلة. وقد أصدرت شركة samsung سنة 2015 قرصا صلبا بسعة 15 تيرا بايت أي ما يعادل 15000 جيجا لكنه ليس للإستعمالات الشخصية ويخص الشركات والمؤسسات التي تسعى الى تخزين بياناتها على المدى الطويل زيادة على أن ثمنه عشرة ملايين سنتيم ساعة صدوره، فيما أصدرت شركة seagate بعدها بمدة قصيرة قرص صلب أو هارد ديسك بسعة ستين جيجا وهو أيضا ليس للإستعمالات الشخصية. وأما بالنسبة للإستعمالات الشخصية فلا يتجاوز حجم القرص الصلب كما تعلن عن ذلك شركة seagate نفسها ستة تيرا بايت، اي ما يعادل ستة الاف جيجا. وبالعودة إلى نظام عمل كاميرات المراقبة، فإن عملية التسجيل تحتاج إلى كاميرا مراقبة، جهاز تسجيل “dvr”، وقرص صلب، حيث تقوم الكاميرا بالتقاط الصورة وارسالها لجهاز التسجيل الذي يحفظ الفيديوهات في القرص الصلب وبعد امتلاء الاخير، يقوم جهاز التسجيل بحذف الفيديوهات الاقدم وتسجيل الفيديوهات الجديدة. وبالاضافة إلى هذه الامور، فإن الشخص الذي يقوم بتركيب كاميرات المراقبة يحتاج بشكل ضروري إلى ربط جهاز التسجيل dvr مع شاشة مراقبة وذلك أولا لمراقبة عمل الكاميرا، وثانيا لضمان أن الكاميرا لم يصبها أي عطب. أسئلة بدون إجابة بعد توضيح طريقة عمل نظام المراقبة، ننتقل إلى المحجوزات في قضية الصحفي توفيق بوعشرين، لنجد أن هناك حسب المحاضر، جهاز تسجيل لم تذكر علامته التجارية وتم الاكتفاء بذكر رقمه التعريفي، بالاضافة إلى كاميرا سوداء تم ذكر رقمها التعريفي أيضا، زيادة على قرص صلب ذكر اسم شركته seagate ولم يذكر حجم سعته، والاهم كاميرا بيضاء لم تذكر عنها أي تفاصيل، في الوقت الذي يغيب الحديث عن أي شاشة مركبة مع نظام المراقبة والتسجيل، بمعنى أن الشخص الذي قام بتركيب هذه الكاميرا لم يكن في حاجة البتة إلى الاطلاع على الفيديوهات التي تخزنها!!. هنا تطرح العديد من الاسئلة التي لا نملك الاجابة عنها، لكنها واحدة من أهم مفاتيح هذه القضية. اولا، لماذا سيقوم شخص بتركيب كاميرا لتسجيل أمر معين، دون أن يعود لهذه الكاميرا بين الفينة والاخرى للإطلاع على ماقام بتسجيله؟، ثانيا ما هي سعة تخزين الفيديو في القرص الصلب المحجوز؟، علما أن أول فيديو مؤرخ بتاريخ 2015، والاعتقال تم في 2018، وهي مدة لا يمكن للقرص الصلب أن يسجلها ويحتفظ بها. ثالثا، كيف تم تسجيل الصوت في الفيديوهات، وهل الكاميرا المحجوزة تسجل الصوت والصورة، أو أنها كاميرا مراقبة للصورة فقط، والصوت يسجل بميكرو لم يتم حجزه؟، رابعا كيف تم استخراج 21600 ساعة من تسجيلات الفيديو في أقل من يوم واحد وتوجيه الاتهامات للمتهم؟. خامسا، هل كان جهاز التسجيل مربوط بالانترنت لمشاهدة التسجيلات من خارج المكتب؟، سادسا لماذا كانت مقاطع الفيديو الاولى غير واضحة وبعد ذلك أصبحت أكثر وضوحا؟. إن هذه الاسئلة لا تبرئ بوعشرين كما أنها قد تكون دليل براءة بالنسبة له، وفي الجزء القادم سنحاول توضيح كل سؤال من الاسئلة الستة بإسهاب أكثر.